حديث الجمعةشهر شوال

حديث الجمعة 96:الحج أشهر معلومات – ماذا تحمل مسيرة الأربعاء من دلالات؟ – وقفة مع تصيرح وزير الإعلام حول الدعارة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين… السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


قال الله تعالى :”” الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ “”
مع إطلالة شهر شوال تبدأ أشهر الحج , والتي تستمر إلى نهاية شهر ذي الحجة, في هذه الأشهر يؤدي الإنسان المسلم فريضة الحج بقسميها العمرة والحج.


أيها الأحبة:
ونحن نستقبل هذا الموسم الرباني المبارك موسم الحج , أحاول أن أبدأ مجموعة كلمات تتناول هذه الفريضة العظيمة وذلك من خلال عدة عناوين.


الحج فرض واجب:
“” وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ “”
ولكي نعيش دلالة هذا النص القرآني نعرض إلى بعض الروايات الصادرة عن المعصومين:
 عن رسول الله (ص) في وصيته لعلي (ع) أنه قال :” يا علي كفر بالله العظيم من هذه الأمة عشرة …… وعد منهم “”من وجد سعة فمات ولم يحج””
ملاحظة:الكفر على أقسام منها : كفر الجحود, وكفر الترك لما أمر الله تعالى به , وكفر النعم …
 ومما أوصى به رسول الله (ص) عليا(ع) :”” يا علي تارك الحج وهو مستطيع كافر يقول الله تعالى (وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ). ياعلي من سوف الحج حتى يموت بعثه الله يوم القيامة يهوديا أو نصرانيا””
 وعنه صلى (ص):”” من ملكك زادا وراحلة تبلغه إلى بيت الله ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا وذلك إن الله يقول في كتابه (وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاًَ).


قال الفقهاء : الحج ركن من أركان الدين ووجوبه من الضروريات , وتركه  – مع الاعتراف بثبوته  – معصية كبيره, كما أن إنكار أصل الفريضة  -إذا لم يكن مستندا إلى شبه – كفر .
وقال الفقهاء : إن الحج الواجب على المكلف  – في أصل الشرع – إنما هو مرة واحدة ويسمى ذلك حجة الإسلام.


فما هي حجة الإسلام؟
هي الحجة التي تجب في العمر مرة واحدة على كل إنسان تتوفر فيه شروط معينة. وإذا زاد على هذه المرة فهو مستحب وقد يجب الحج لأسباب طارئة كالندر أو اليمين أو إفساد الإنسان لحج سابق.
وهنا سؤال يطرح:
إذا توفرت الشروط المعتبرة فهل يجب على الإنسان المبادرة إلى الحج في نفس السنة أم يجوز له التأخير إلى سنوات قادمة؟
الفتوى المعروفة عند  الكثير من الفقهاء انه إذا توفرت الشروط تجب المبادرة إلى الحج في سنة الاستطاعة , ولا يجوز التأخير إلى السنوات القادمة تكاسلا أو حرصا على ربح تجاره أو نحو ذلك من شؤون الدنيا أو تسويفا أو مماطلة , فهذا التأخير بلا مسوغات شرعية يعتبر من المعاصي الكبيرة …


 ماهي الشروط التي إذا توافرت وجب الحج؟
1. البلوغ
2. العقل
3. الاستطاعة


نتناول هذه المكونات تفصيلا وتوضيحا في حديث قادم إن شاء الله ,وأما الآن فهذه بعض الكلمات تلامس أوضاع الساحة.


ماذا تحمل مسيرة الأربعاء من دلالات؟
لقد استطاعت هذه المسيرة الجماهير الحاشدة أن توجه مجموعة رسائل هامة جدا , وهذه الرسائل لا تهدف إلا إلى صالح هذا الوطن وخيرة وأمنه واستقراره ووحدته.
إن هذه المسيرة المباركة لم تنطلق من حسابات ذاتية شخصانية…
ولم تنطلق من خلفيات طائفية أو مذهبية أو فئوية ضيقة…
ولم تنطلق من أغراض تهدف إلى إرباك الأوضاع, والتشويش على مشروعات البناء والإصلاح…
ولم تنطلق من فهم ساذج يستوعب ضرورات الساحة, وحاجات المرحلة وأولويات التحرك…
ولم تنطلق من اعتبارات سياسية بحتة لا تضع في حسابها مكونات هذا الشعب الإيمانية والروحية والأخلاقية والثقافية والاجتماعية…
ولم تنطلق من رغبة في استعراض القوة والعضلات من أجل المبارزة الفارغة والمباهاة الزائفة , والشهرة الخادعة…
ولم تنطلق من خطابات تحشيدية مرتجلة تحاول التلاعب بوعي الشارع , وعواطف الجماهير…
ولم تنطلق من غياب علمائي يبحث له عن حضور , ويفتش عن مواقع , ويلهث وراء عناوين …
ولم ينطلق من غباء وجهل وقصور وتخلف وفراغ , وتيه,وضياع,وشك, وحيرة , وارتياب ….
ولم تنطلق….. ولم تنطلق….. ولم تنطلق …..


أنما انطلقت من حسابات مبدئية إلهية خالصة لله سبحانه….
وإنما انطلقت من دوافع دينية إسلامية قرآنية تتجاوز كل الأطر الطائفية والمذهبية والفئوية الضيقة…
وإنما انطلقت من أجل أهداف واضحة وصريحة تصب في صالح هذا الوطن وخيرة وازدهاره وأمنه واستقراره ووحدته وتلاحمه…
وإنما انطلقت من رؤية شرعية بصيرة, ومن قراءة موضوعية واعية , مستوعبة لكل الضرورات والحاجات والأولويات….
وإنما انطلقت من اعتبارات وضعت في حسابها كل مكونات هذا الشعب الإيمانية والروحية والأخلاقية والثقافية والاجتماعية …
وإنما انطلقت من رغبة جادة وصادقة في انتصار للحق , والدفاع عن الشريعة , والذود عن القيم , والتصدي لكل محاولات الهيمنة والعبث والتلاعب بأحكام الله …
وإنما انطلقت من خطاب بصير وصادق استطاع أن يستنهض غيرة الجماهير الدينية , وهذه الجماهير التي أثبتت حضورها الدائم مع قضاياها المبدئية عن وعي وإيمان وليس لمجر تحشيد واستنفار فارغين, فمن الإساءة إلى هذا الشعب ولكل تاريخه أن تتهم جماهيره الكبيرة والحاشدة بأنها مأسورة لخطابات تحشيدية مرتجلة تحاول أن تتلاعب بوعي الشارع وعواطفه الجماهير…
من الإساءة الوقحة أن يتهم هذا الحشد الكبير جدا الذي انتم العلماء والمثقفين والنخب السياسية , والأساتذة والطلاب وكل المستويات , أن يتهم هذا الامتداد الهائل من الجماهير بالغباء والجهل والقصور والتخلف والانقياد إلى (( ثقافة القطيع))  أو أنهم يمثلون الذهنية الأمية من فقراء القرى وبسطائها.
هل يحترم عقله , وضميره من يسيء إلى جماهير هذا الشعب بهذا الأسلوب الهابط جدا …
يوم وقفت هذه الجماهير مع ((الميثاق)) كانت تملك أرقى درجات الوعي والفهم والممارسة الديمقراطية…
إلا أن هذا الجمهور نفسه أصبح قطيعا من الأغنام والبهائم حينما خرج يقول ((نعم للإسلام)) و ((لا لكل المشروعات التغريبية)).

إنه المنطق الممسوخ , والديمقراطية المشوه, وانه الأسلوب الذي يحاول أن يستر ((سوءة الفشل )) , فلا ما نع عند هؤلاء من أجل “”تبرير الفشل والاندحار “” أن يمارسوا أسلوب الإساءة والقذف والسب والاتهام , وحتى لو نال ذلك الأغلبية العظمى من أبناء هذا الشعب …
إن جماهير المسيرة انطلقوا وهم يملكون كل الوعي وكل الإيمان , وكل القناعة ….
ثم أن العلماء الذين قادوا المسيرة لا يبحثون عن حضور غائب , ولا يفتشون عن مواقع ولا يلهثون وراء عناوين … أنما المسؤولية الشرعية الواضحة التي فرضت عليهم أن يقولوا كلمتهم الجريئة  لا يخشون في ذلك إلا الله تعالى “الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ” ولا يبتغون بذلك إلا عطاء الله …
إن العلماء الذين قادوا هذه المسيرة مخلصون كل الإخلاص لهذا الشعب , ولدينه, وقيمة , ولكل أهدافه الصالحة…
ومن المؤسف جدا أن نقرأ تصريحات وكلمات غير مسئولة تقول بأن العلماء ورجال الدين أنما يعبرون في مواقفهم الرافضة للتقنين عن “خشيتهم من ضياع هيبتهم السلطوية”
عجبا … متى كان علماء الدين الصادقون المخلصون يفكرون في الهيمنة والسلطة على الناس ؟
وإذا كان لعلماء الدين من هيبة أو موقع أو مكانة في قلوب الناس وفي مشاعرهم وفي وعيهم فان ذلك تعبير صادق عن علاقة هؤلاء الناس بدينهم وعن إخلاصهم لهذا الدين , ووعيهم لا أهدافه.
وبمقدار ما يجسد علماء الدين الصورة المشرفة للدين , وبمقدار ما يتمثلون رسالة الدين وأهدافه تكون الأمة أكثر حبا وانصهارا وذوبانا معهم. واقوي التفافا وارتباطا بهم, واشد انقيادا لتوجيهاتهم وإرشاداتهم وخطاباتهم…
والأمة تملك كل الوعي وهي تستجيب لنداء العلماء ما دام هؤلاء يجسدون خط الدين…
ويوم تجد الأمة أن هؤلاء العلماء ينطلقون من هوى , أو رغبة في أطماع دنيا , أو تزلف إلى حكام من اجل منصب أو مال أو شهرة أو جاه فسوف نلفظهم لفظ النواة , وسوف لن يجدوا من الأمة أي احترام أو حب أو هيبة أو انقياد …
قال الإمام الصادق (ع):
“من أراد الحديث لمنفعة الدنيا لم يكن له في الأخرة نصيب , ومن أراد به خير الأخرة أعطاه الله خير الدنيا والأخرة”.


الخلاصة


:إن مسيرة الأربعاء استطاعت أن توجه ثلاث رسائل هامة :


1. إن هذه الجماهير الحاشدة تقف وبكل إصرار مع الثوابت التي طرحها العلماء :
 قانون تحكمه الشريعة الإسلامية
 قانون تصادق علية المرجعية الدينية
 قانون تحميه ضمانة دستورية


2. إن هذه الجماهير الحاشدة تقف وبكل إصرار مع (خيار الإسلام) وهذه  هي الرسالة الأعمق والأشمل والأوسع.


3. إن رأي العلماء يفرض حضوره في الساحة, فمن الصعب جدا مصادرة هذا الرأي أو إلغاؤه أو تهميشه… وهذه الرسالة واضحة كل الوضوح لمن قرأ المسيرة جيدا ولكل من يراهن على انتهاء دور العلماء .


كلمة أخيرة :
جاء على لسان وزير الإعلام د.محمد عبد الغفار قوله:””لن نسمح لانتشار الدعارة في البحرين وسوف أغلق أي فندق يثبت تورطه في أي أعمال منافية للأدب أو تحرض على الفساد” “وأضاف :”” إن الوزارة لن تكيل بمكيالين عند تطبيق العقوبات على المخالفين” “منوها بأن جميع الفنادق سواسية , وانه لا فرق عنده بين الفنادق التي تحمل خمس نجوم والأخرى التي تنتمي لفئة النجمة والواحدة .
وإننا نشد بقوة على يد الوزير سدده الله لكل خير , فموقعه هذا – إن كان جادا – خطوة كريمة في الاتجاه الصحيح , وعمل سوف يسجل له , فالدعارة المنتشرة في الفنادق تشكل أسوء المظاهر التي لوثت سمعة هذا البلد الأصيل في انتمائه إلى الإسلام وفي محافظته على قيم الدين , وفي اعتزازه بأحكام الشريعة.
وإذا كان بعض أصحاب الفنادق تأسرهم شهوة جامحة في اكتساب المال الحرام, ورغبة خبيثة في إفساد هذا البلد وفي تحويله إلى سوق عالمي للدعارة والفسوق  والفجور فإن مسؤولية القائمين على السلطة أن يتصدوا  وبكل جدية إلى هذا العبث المشين , وهذا الامتهان الصارخ لقيم هذا الشعب وأخلاقه وأصالته …
ربما تتعالى الأصوات المنتقعه  بمشروعات الدعارة والفساد , ولتتباكى على السياحة والاقتصاد والحرية … إن هذه الأصوات لا تريد لهذا البلد إلا الشر والدمار والسقوط.
وإذا لم تمارس السلطة أي خطوة جادة وحقيقية في إيقاف هذا العبث والاستهتار فان الشعب المسلم الغيور على دينه وقيمه وأخلاقه وأصالته وهويته لن يسمح لهذا العبث أن يستمر , ولن يسمح لهذه الدعارة أن تلوث سمعة وشرف البحرين .


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى