حديث الجمعةشهر جمادى الأولى

حديث الجمعة175: في ذكرى رحيل الإمام الخميني رضوان الله عليه – ماذا عن معتقلي أحداث كرزكان؟


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلوات على سيد الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


في ذكرى رحيل الإمام الخميني رضوان الله عليه
تمر هذه الأيام الذكرى السنوية لرحيل الإمام الخميني رضوان الله عليه ولهذه الذكرى معناها الكبير، ليس فقط لما تحمله من أسى وحزن لفراق هذا الرجل العظيم، وإن كان لهذا الجانب أهمية ودلالته، كون الحزن والأسى يمثل تعبير عن مستوى هي العلاقة والانصهار والذوبان، وكون هذه العاطفة هي التي  تعطي للتواصل حركيته وفعالتية ونشاطه.
حينما يفقد التواصل مع الأفكار ومع الشخصيات نبضه الوجداني والعاطفي يتحول إلى تواصل راكد وخامل ومشلول..
تصوروا إنسانا يؤمن بالدين إيمانا عقليا بحتا، إلا أنه لا يحمل في قلبه وفي وجدانه عشق الدين، وحب الدين، والانصهار مع الدين، هذا الإنسان تكون علاقته مع الدين فاترة وراكدة، مهما ملك من مستوى ثقافي وفكري، ولن يتحول إلى المجاهد والمدافع والمضحي عن الدين..
تصوروا إنسانا يؤمن برموز الدين إيمانا فكريا بحتا، إلا أنه لا يحمل في قلبه وفي وجدانه عشق هذه الرموز وحب هذه الرموز والانصهار معها، هذا الإنسان تكون علاقته مع رموز الدين علاقة فاترة وراكدة، ولن يتحول إلى المدافع والمضحي من أجلها..
من الخطر الكبير أن تموت العاطفة في العلاقة مع الدين ومع رموز الدين، وهذا ما تحاول القوى المعادية للدين ولرموز الدين أن تصنعه لدى المنتمين إلى الدين والمؤمنين برموز الدين، ليتحول هذا الانتماء وهذا الإيمان شكلا فاترا راكدا مشلولا، في الوقت ذاته لا نريد ارتباطا بالدين وبرموز الدين لا يملك وعيا وبصيرة، فهذا الارتباط مهدد بالانقلاب والانحراف، ومهدد بالسرقة من قبل أعداء  رموز الدين، فكم تحول عشاق للدين ولرموز الدين إلى مواقف معادية نتيجة غياب الوعي الديني والبصيرة الإيمانية، وكم تحول مصلون وصائمون وتالون للقرآن إلى قوى موظفة من قبل أعداء الدين وأعداء رموزه.


الخلاصة:
إن الارتباط بالدين وبرموز الدين يحتاج إلى درجة عالية من الوعي والبصيرة وإلى درجة عالية من العاطفة والانصهار والذوبان.. هناك مكونات أخرى للارتباط لست الآن في صدد الحديث عنها كمكون الإخلاص، ومكون الالتزام والتطبيق.


أعود للحديث عن ذكرى رحيل الإمام الخميني رضوان الله عليه، فنحن في هذا الذكرى نعبر عن عشقنا لهذه الشخصية الكبيرة، ونعبر عن ولائنا لها ونؤكد على انصهارنا وذوباننا في هذا الإنسان وكما قال سيدنا الشهيد السيد محمد باقر الصدر: “ذوبوا في الإمام الخميني كما ذاب الإمام في الإسلام” هذا الذوبان الواعي والبصير .
الشهيد السيد الصدر يطلب منا أن نذوب في الإمام الخميني رضوان الله عليه، والذوبان درجة عالية من العشق والولاء والانصهار والانقياد.. ثم يضعنا الشهيد الصدر أمامنا المعنى الواعي للذوبان.


لماذا يجب أن نذوب في الإمام الخميني رضوان الله عليه؟
لأن الإمام ذاب في رسول الله صلى الله عليه وآله، ذاب في الأئمة الطاهرين من آل محمد صلى الله عليه وآله، ذاب في الصديقة الزهراء بنت محمد صلى الله عليه وآله، ذاب في الجهاد من أجل الإسلام ومبادئ الإسلام وقيم الإسلام.
فالذوبان في الإمام الخميني ذوبان في الإسلام والقرآن، وذوبان في الله وأنبيائه وأوليائه، وذوبان في خط الجهاد والشهادة.
لا نريد أن ندعي العصمة للإمام الخميني، فالعصمة من خصائص الأنبياء والأئمة عليه سلام الله إلا أنه رضوان الله عليه جسد درجة عالية جدا من الارتباط بالله سبحانه، ومن الذوبان في خط الله، وفي طاعته الله، وفي الجهاد من أجل دين الله، فكان الفقيه النائب بالحق عن الإمام الحجة أرواحنا فداه، إنها النيابة العامة – طبعا– وليست النيابة الخاصة التي انتهت بانتهاء الغيبة الصغرى، ولا يدّعيها مدع بعد ذلك إلا كان هذا المدعي مفتريا كذابا ملعونا.


سنتابع الحديث في الأسبوع القادم  إن شاء الله


ماذا عن معتقلي أحداث كرزكان؟
لا زالت الأخبار الواردة من داخل المعتقلات تؤكد تعرض المعتقلين إلى ألوان من التعذيب النفسي والجسدي كما تؤكد أنهم تعرضوا أثناء التحقيق إلى التهديد والضرب المبرح، والتعليق لأيام من دون الأكل أو شرب أو دخول الحمام لقضاء الحاجة، بل حتى حرموا من أداء الصلاة بل تعرضوا للتحرش الجنسي، والتهديد باغتصاب الأعراض .. هذا ما يتحدث به أهالي المعتقلين، وهذا ما أفاده عدد من المعتقلين أمام المحكمة، وهذا ما أثبتته المعاينات الطبية.


هل نحن في دولة القانون؟
من المؤسف أن يحدث كل هذا في بلد تعلن أنها دولة القانون، أي قانون يسمح بهذه الممارسات؟ صحيح أن الأجهزة الأمنية تصر على نفي ذلك، إلا أن الشواهد تؤكد على صحة ما يتحدث عنه المعتقلون وما يتعرضون له من ألوان التعذيب، وإن جميع الاعترافات التي أخذت منهم في تحقيقات النيابة العامة، والتي أجبروا على التوقيع عليها في التحقيقات الجنائية كانت في أجواء التعذيب والتهديد.
هل بهذا الأسلوب يصان أمن البلد واستقراره؟ وهل بهذا الأسلوب نجنب هذا الوطن كل أشكال العنف والاضطراب؟
ثم لماذا هذه التأجيلات المستمرة للمحاكمات؟ هل من أجل أن تطول معاناة المعتقلين؟ هل من أجل أن تطول عذابات وآلام الآباء والأمهات، وأسر المعتقلين؟
وإذا كانت مدة التحقيقات قد انتهت، فلماذا يبقى هؤلاء رهن الاعتقال؟
كل هذه التساؤلات تتحرك في الشارع، واخشي ما نخشاه أن تكون لها تداعياتها الخطيرة، نحن مع الحفاظ على أمن البلد واستقراره، إلا أن هذا الأسلوب من التعاطي مع هذه القضايا، وهذا الأسلوب من الاعتقالات العشوائية، وهذا الأسلوب من العقوبات الجماعية للقرى والمناطق أمر يدفع في اتجاه الاحتقان وفي اتجاه الفوضى والاضطراب.
حديث الناس هذه الأيام أن قانون أمن الدولة بدا يعود من جديد، وسواء صح هذا أم لم يصح فما يحدث في هذا البلد يبعث على القلق الشديد.
لسنا محرضين، ولسنا دعاة عنف وفوضى، يؤلمنا أن تتأزم الأوضاع، ويؤلمنا أن تتجه الأمور إلى الأنفاق المظلمة، ويسوءنا أن يغيب الهدوء والاستقرار.


كل هذا يدعونا أن نقول الكلمة المخلصة من أجل سلامة هذا الوطن، ومن أجل أمنه وازدهاره، نحن نعلم أن هناك من يعيش سوء الظن الدائم تجاه كل كلمة نقولها، فيتهم، ويحرض، ويمارس الكذب، والافتراء.
كم هو خطير وخطير هذا النمط على أمن البلد واستقراره وعلى وحدة أبنائه، هذا النمط لا يريد الخير ولا يريد الصفاء والمحبة، لقد أدمن التأجيج والشحن الطائفي، وإيقاظ الفتنه.


سوف نبقى الأوفياء لهذا الوطن، رغم كل المحاولات ورغم كل الممارسات، ورغم كل المقولات، وسوف نبقى نطالب بإصلاح حقيقي يعالج كل الأزمات، وكل الاحتقانات، وكل الملفات سوف نبقى نطالب بدستور عادل، بانتخابات عادلة، وبممارسة برلمانية عادلة، سوف نبقى نطالب بإنقاذ كل المحرومين من أبسط مستويات العيش، سوف نبقى نرفض التمييز، والتجنيس العشوائي، وكل أشكال الفساد في هذا البلد، وكما قلنا ونكرر القول، نتمنى أن لا يفقد خيار المطالبة السلمية جدواه، حتى لا يتشكل المبرر إلى الخيارات الأخرى بما تحمله من نتائج خطيرة.


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى