حديث الجمعةشهر صفر

حديث الجمعة 238: نتابع الحديث حول ظاهرة البكاء في حياة الإمام زين العابدين (ع) – تجاذباتٍ خطيرة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربِّ العالمين وأفضل الصّلوات على سيد الأنبياء والمرسلين محمدٍ وعلى آله الهداة الميامين.


نتابع الحديث حول ظاهرة البكاء في حياة الإمام زين العابدين (ع)


تناولنا في حديثٍ سابقٍ ظاهرة البكاء في حياة الإمام زين العابدين عليه السلام، واستعرضنا عدّة مواقف حاولت أن تقرأ هذه الظاهرة:


• موقف اتّجه إلى إنكار هذه الظاهرة، كونها لا تناسب مع الإمام المعصوم، وهو موقف مرفوض.
• موقف اعتبر الظاهرة، سلوك سلبي في حياة الإمام زين العابدين عليه السلام، وهو الآخر موقف مرفوض.
• موقف يرى في هذه الظاهرة تعبيرًا انفعاليًا وجدانيًا بحتًا.. وهو موقف تواجهه بعض الملاحظات..


الموقف الذي اخترناه: 
أ‌- التسليم بصحّة الظاهرة.
ب‌- ولكن بدون استغراق.
ج- والظاهرة تحمل دلالات كبيرة.


في حديثنا هذه الليلة نحاول أن نشير إلى بعض تلك الدلالات:
الدلالة الأولى:
تعميق البعد المأساوي لقضية كربلاء في وجدان الأمّة.. وبمقدار ما يتعمّق هذا البعد، يتعمّق التفاعل والذوبان والانصهار مع قضيّة الإمام الحسين، فالحرارة العاطفيّة تقوّي العلاقة مع الثورة وأهدافها، بخلاف ما إذا ضمرت هذه الحرارة، ممّا يسبّب ضمورًا في العلاقة.


الدلالة الثانية:
مواجهة حالات المصادرة والإلغاء، فالإعلام الأموي المضادّ حاول بكلّ وسائله أن يمسح من ذاكرة الأمّة أحداث كربلاء، بل حاول أن يضّلل وعي الجماهير في تشويش ثورة الإمام الحسين، وفي مواجهة هذا الإعلام مارس الإمام زين العابدين دورًا كبيرًا في تأجيج العواطف العاشورائيّة من خلال بكائه على أبيه الإمام الحسين، والبقيّة من شهداء الطّف.


الدلالة الثالثة:
إيقاظ حسّ الغضب ضدّ صانعي مجزرة كربلاء، فالتذكير الدائم بصورة المأساة، وأحداث عاشوراء يوقظ في حسّ الجماهير الغضب ضد أولئك المجرمين الذين صنعوا فاجعة كربلاء، ممّا يشكّل إدانة مستمرّة لأولئك القتلة وسفّاكي الدّماء.


الدلالة الرابعة:
تحريك ضمائر المتخلّفين عن نصرة الإمام الحسين، وهذا ما حدث، حيث انتفض الكثيرون ممّن قصّروا في الالتحاق بالإمام الحسين، وقادوا ثورات للانتقام من قتلة الإمام الحسين..


وبعد هذه الإشارة العاجلة إلى ظاهرة البكاء ودلالاتها نطرح هذا السؤال:


هل بقي للبكاء على الحسين دور في حياتنا المعاصرة؟
هناك عدّة اتجاهاتٍ في التعاطي مع هذه المسألة:

الاتجاه الأول:

محاربة كلّ مظاهر العزاء العاشورائي، ومنها البكاء على الإمام الحسين (ع)…
ويتبنّى هذه الاتجاه:
أ‌- أعداء الشيعة الذين يحاربون كلّ المظاهر العزائيّة..
ب‌- أولئك الذين لا يملكون فهمًا لمظاهر العزاء..
ج- بعض الشيعة المتأثّرين بالشبهات المضادّة.


الاتجاه الثاني:
الممارسة غير الواعية للبكاء ومظاهر العزاء..
وأصحاب هذا الاتجاه، يُمارسون البكاء وكلّ مظاهر العزاء بصدقٍ وإخلاصٍ وتفاني، حيث يطلبون بذلك عظيم الأجر والثواب..
إنّنا نؤكّد على أهمّية التفاعل العاطفي الوجداني..
ونؤكّد على أهمّية إحياء مراسيم العزاء..
إلاّ أنّ الممارسة الفاقدة للوعي:
أ‌- تُفقد الممارسات مضامينها الأصلية، وأهدافها الكبيرة..
ب‌- تُرشّح الواقع العاشورائيّ لاختراقاتٍ تتنافى مع أهدافه، ورسالته..


الاتجاه الثالث:
يصرّ على بقاء ظاهرة البكاء:
أولاً: انطلاقًا من تأكيدات الأئمّة عليهم السلام.
وثانيًا: انطلاقًا من الوعي بدلالات هذه الظاهرة:
أ‌- كونها وسيلة لتعميق الانصهار مع عاشوراء.
ب‌- كونها وسيلة لتعميق الرفض عند الجماهير.
• الرفض لكلّ اليزيديين في الأرض ولكلّ عملائهم.
• الرفض لكلّ المفسدين المنحرفين.
• الرفض لكلّ أشكال الضعف والخنوع والاستسلام.
وإذا غاب الوعي تحوّل البكاء إلى سلوكٍ سلبيٍّ يعمّق (الانهزاميّة)، ويُلهي الأمّة عن (التطلّعات والأهداف).


تجاذباتٍ خطيرة:
كان في نيّتي وكما وعدتكم أن أضع بعض ملاحظاتٍ حول ما طرح في حقّ سماحة آية الله الشيخ عيسى حفظه الله ورعاه ونفعنا ببركات وجوده.. إلاَ أنّني ومن خلال متابعتي لما حدث في السّاحة من تصريحاتٍ منفعلةٍ هنا أو هناك جعلتني أرجئ هذه الملاحظات رغم قناعتي بها، وأنا حينما فكّرت في أن أضع ملاحظاتي كنت واثقًا كلّ الثّقة أنَّ الأستاذ الفاضل وهو مَن نعرفه بدينه وتاريخه الجهاديّ الطويل لم يكن يهدف قطعًا الإساءة إلى سماحة الشيخ، وإن أوجدت كلماتُه هذا الإيحاء بسبب الصياغات والعبارات، وطريقة الطرح، وأسلوب العرض.


أقول أنّني أرجأت الحديث، بسبب هذه التجاذبات المقلقة، إنّني متألّمٌ كلّ التألّم، وأنا أتابع التجاذبات، والتصريحات، والمشاحنات، والمبارزات في المواقع الإلكترونيّة، بين أبناءِ الطائفةِ الواحدةِ، وكلٌّ يجيّش ضدّ الآخر، ويتعبّأ، ويتهيّأ، وكأنّه يخوض معركةً مصيريّة، مع مَنْ؟ مع إخوةٍ له في العقيدة والمبدأ، في الوقت الذي يجب أن يتخندق الجميع في مواجهة مشروعات الإبادة والتصفية..


الكلّ يتباكى على هذا الواقع، والكلّ يُطالب بالتصحيح وإصلاح البيت الداخلي، إلاَ أنّ التصريحات والممارسات لا تدفع في هذا الاتجاه..
 في زحمة هذه المخاضات، والتجاذبات، والصراعات ما عاد يُصغي بعضُنا إلى بعض، ما دام كلٌّ يعتقد أنّ خياره هو الحلّ، وكلّ الخيارات الأخرى فاشلة، وما دام كلٌّ يعتقد أنّ رؤيته هي الصائبة، وكلّ الرؤى الأخرى خاطئة..
لا شكّ أنّ هناك خيارات ناجحة، وخيارات فاشلة، ولا شكّ أنّ هناك رؤًى صائبة، ورؤًى خاطئة..
المسألة يجب أن تحكمها معايير:
• معايير شرعيّة.
• معايير سياسيّة.
• معايير موضوعيّة.
المطلوب أن نؤسّس فقهيًا لهذه المعايير، فنحن عبّاد الشّرع والدّين، وما لم نتوفّر على هذا التأسيس الفقهي، سوف تتخبّط المعايير، وإذا ارتبكت المعايير تاهت الخيارات، وأخطأت المواقف..
نقطة الانطلاق أن نبدأ بالتأسيس الفقهي لتلك المعايير..


قد يقال: بأنّ الرؤى الفقهيّة قد تختلف..
هذا صحيحٌ، إلاّ أنّ الاختلاف له قواعده الحاكمة..
ولا سيّما حينما يكون هذا الاختلاف في قضايا الشّأن العام، لما يترتّب عليه من أخطارٍ كبيرةٍ تهدّد مصالح الأمّة..


أيّها الأحبّة:
يا أبناءَ الخطِّ الواحدِ، والمصيرِ الواحدِ، والمحنةِ الواحدة:
ما أحوجنا جميعًا في هذا المنعطف الصعب إلى وقفةٍ صادقةٍ، وجريئةٍ مع الذّات، لنتحرّر من عقدة «الأنا» لقد دمّرتنا هذه العقدة، لقد سجنتنا في داخل زنزاناتنا الضيّقة، لقد أخسرتنا الكثير من الانفتاح والشفافية.. لقد أوقعتنا في الكثير من الخلافات والصراعات..
أما آن الأوان لتتكامل الرؤى، ربّما تملكُ ما لا أملك، وربّما أملكُ ما لا تملك، وربّما تصيبُ وأخطأ، وربّما تخطئ وأصيب..


أيّها الأحبّة:
إذا كان خيارنا أن نختلف، أن تتعدّد الرّؤى، والقناعات والمواقف والاجتهادات..
فهل خيارنا أن يُسقط بعضُنا بعضًا؟
وهل خيارنا أن يُضعف بعضُنا بعضًا؟
وهل خيارنا أن يُحاربَ بعضُنا بعضًا؟
لا يزعجنا أن يتحرّك النّقد والمحاسبة، ولكن يزعجنا أن نتبادل التّهم والتقاذف..
إذا كان من حقِّ أيِّ إنسانٍ أن يشكّل قناعاته وخياراته، إذا كان ذلك وفق المعايير الصحيحة لتشكيل القناعات والخيارات، وما دام ذلك لا يخلق تشظّياتٍ خطيرةٍ تهدّد الوحدة والتلاحم والتماسك..
وإذا كان من حقّ أيّ إنسانٍ يحاسب قناعاتِ الآخرين وخياراتهم ما دام يملك مؤهّلات النقد والمحاسبة..
إلاّ أنّه ليس من حقّه أن يتّهم الآخرين..
النقد والمحاسبة شيئ، والاتهام شيئٌ آخر..
حينما يكون خياري أن أشارك في الانتخابات و أسّست هذا الخيار وفق المعايير السليمة، فمن حقّي أن أحاسب خيار المقاطعة، ولكن ليس من حقّي أن أتّهم المقاطعين بأنّهم ضدّ مصالح الشعب، ما داموا يُمارسون مسؤوليّاتهم..
وحينما يكون خياري أن أقاطع الانتخابات، وأسّست هذا الخيار وفق المعايير السليمة، فمن حقّي أن أحاسب خيار المشاركة، ولكن ليس من حقّي أن أتّهم المشاركين بأنّهم ذابوا في النّظام، ما داموا يُمارسون مسؤوليّاتهم..
أؤكّد القول أنّ من حقّك تحاسب الرأي الآخر، استنادًا إلى الدليل والبرهان، ولكن ليس من حقّك أن تتّهم دوافع الآخر..
الخطأ والصّحة أمران يخضعان للضّوابط والمعايير الموضوعيّة، أمّا الدوافع المستقرّة في داخل الصدور، فمن العسير أن تكتشف بسهولةٍ، إلاّ أن تتوفّر الأدلّة والشواهد والقرائن القاطعة التي لا تترك مجالًا للشّك..  
• في الحديث عن أمير المؤمنين (ع):
«ضع أمر أخيك على أحسنه حتّى يأتيك ما يغلبك منه، ولا تظنّنَّ بكلمةٍ خرجت من أخيك سوءًا، وأنت تجد لها في الخير محملًا».
• وفي حديثٍ آخر:
«من عرف من أخيه وثيقةَ دينٍ، وسداد طريقٍ، فلا يسمعن فيه أقاويل الرجال».
• وفي الكلمة المشهورة:
«احمل أخاك على سبعين محمل».
• وفي الحديث:
«اطلب لأخيك عذرًا، فإن لم تجد له عذرًا فالتمس له عذرًا».
وهذا لا يعني أن يستغفل المؤمنون في مواجهة حالات «الاختراق» و«الاندساس» التي يُخطّط لها الأعداء، نعم المطلوب أن تكون «الحسابات والقناعات» قائمة على أساسٍ من الدّقة والتأنّي والبحث الموضوعي لا على أساس الظّنون والأوهام.. وإن كانت بعض الشّكوك قد تفرضُ درجةً من التحفّظ والاحتياط حسب خطورة القضايا والأمور، وحسب صلاح الزّمان وفساده..


أيّها الأحبّة:
في داخل الصفّ المؤمن يجب أن يترسّخ (حسن الظّن)، وحتى ونحن نحاسب بعضنا بعضًا، لا يصحّ أن نكون مسكونين بـ (سوء الظّنِّ).
• (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ).
• قال رسول الله صلىّ الله عليه وآله:
«من أساء بأخيه الظنَّ، فقد أساءِ برّبه، إنّ الله تعالى يقول: (اجتنبوا كثيرًا من الظّن).
• وفي الحديث:
«لا دين لمسيئ الظنّ».
• «ولا إيمان مع سوء الظنِّ».
حذارِ حذارِ أن تحكمنا «عقدة الظنّ السيّئ» فنكيل التّهم لبعضنا البعض بسببٍ أو بدون سبب، ونفتّش عن الأخطاء والعثرات.. لا أقول أن نسكت عن التصحيح والإصلاح، وخاصّة إذا كان الأمر يتّصل بأوضاع النّاس والمجتمع، إلاّ أنّنا إذا أخطائنا الأساليب، أفسدنا أكثر مّما نصلح، وأسأنا أكثر مّما نُحسن، وخسرنا أكثر ممّا نربح، ما أسوء أحوالنا إذا سيطرت على نفوسنا «شهوة الانتقام» ليس ممّن يسومنا الذّل والهوان وإنّما من إخوةٍ لنا في المحنة والمصير..
ربّما نحاول أن نبرّر قسوتنا على بعضنا البعض بمبرّراتٍ لا تملك مصداقيّة، بل لا تملك شرعيّة، فما أحوجنا ونحن نواجه أعقد الأزمات والتحدّيات وأصعب المحن والشدائد أن نجمّد معاركنا الداخلية وأن نوقف خلافاتنا المتشنّجة، ما فينا بكلِّ أطيافنا مَن هو خائن لأهدافه المصيريّة، ومَن هو متفرجٌ على مآسينا، ومن هو لا يتألّم لما يمرّ بنا من محنٍ، ومن هو لا يعيش همّ السجناء والمعتقلين.. فلا داعي أن يزايد بعضنا على بعض.. ولا داعي لاستنفاراتٍ نواجه بها بعضنا البعض، ولا داعي لكلماتٍ وخطاباتٍ تؤزّم صفّنا وأوضاعنا.. الحديث ليس موجّهًا لشخصٍ معيّن، ولا لأشخاصٍ محدّدين، الحديث موجّه للجميع، ولا أستثني نفسي منهم.
وإذا كانت هناك حاجة إلى معالجاتٍ تفرضها ضرورات الواقع، ولا يصحّ السكوت عليها – كما تقدّم القول – فلنتّفق على أساليب المعالجة بالشكل الذي يدفع إلى مزيد من التلاحم والتماسك والترابط، وإلى مزيدٍ من المحبّة والوءام والصّفاء، سواء عبر اللقاءات والحوارات الجادّة والهادفة، أو عبر الخطابات الموجّهة بحكمةٍ، والمحسوبة الألفاظ والكلمات والعبارات، أو عبر الكتابات البعيدة عن التأزيمات، أو عبر أيّ أسلوب يحقّق الهدف المنشود.
وبهذا نمارس وظيفتين:
• الحفاظ على تماسك العلاقات.
• محاسبة الأخطاء.


أيّها الأحبّة:
ليس في مصلحة أيّ طرفٍ من أطراف سياستنا أن يستمر الوضع متأزّمًا بيننا، وأن تبقى الاستنفارات الغاضبة، وأن تتواجه الكلمات والتصريحات، وأن تنشعل عن مواجهة الواقع الذي يستهدفنا جميعًا، وأن نضعف رمزًا هنا أو رمزًا هناك، مسؤوليّتنا أن نحافظ على كلّ رموزنا المخلصة الصادقة العاملة، التي أعطت الكثير الكثير من أجل قضايانا الكبرى، وضحّت بالكثير الكثير من راحتها خدمة لأبناء هذا الوطن..
إنّنا حينما نؤكدّ على ضرورة الحفاظ على رمزٍ دينيٍّ كبيرٍ كسماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم، فلأنّ هذه النماذج القياديّة المتميّزة، ذات التاريخ الجهادي الطويل والمعروفة بكفاءاتها الدينيّة والسّياسية، وبنظافتها وورعها وتقواها، وصدقها، وإخلاصها، وتفانيها، تمثل مواقع قوّةٍ وعزةٍ، وفخرٍ لهذه الطائفة..
ولا أهدف من خلال هذا الحديث أن أضفي هالةً من القداسة والعصمة على هذه الرموز، فهي ليس فوق الخطأ والاشتباه، وليست فوق النّقد والمحاسبة، إلاّ أنّ لهذا أدواته وأساليبه وطرقهُ الصحيحة، والمشروعة، ولا أظنُّ رمزًا يحمل تقوى الدينِ، وخوفَ اللهِ، يُصّر على الباطل أو على الخطأ متى ما انكشف له ذلك.. ولا أظنُّ رمزًا يحمل تقوى الدينِ، وخوفَ الله يتعالى على الكلمة الناصحة الصادقة، ويتعالى على النقد الهادف، والمحاسبة المسؤولة..
سدّد الله خطانا جميعًا في طريق الهدى والصلاح والرشاد، وبصّرنا بعيوبنا، وأخطائنا، إنّه نعم المسدّد والمعين، والهادي إلى الصراط المستقيم..


وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين


فيديو (المقطع الاول)


فيديو (المطع الثاني)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى