حديث الجمعةشهر رجب

حديث الجمعة538: عوامل الخلاص من الجفاف الرُّوحيِّ

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأفضلُ الصَّلواتِ على سيِّدِ الأنبياءِ والمرسلين محمَّدٍ، وعلى آلِهِ الهُداةِ الميامين.

عوامل الخلاص من الجفاف الرُّوحيِّ
وبعد فقد قال الله تعالى في كتابه المجيد:
﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ …﴾. (سورة الحديد: الآية 16).

•﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا …﴾: أما حانَ للمؤمنين الَّذين بهرتهم الدُّنيا، فتكلَّسَتْ قلوبُهم، وخَفَتَ الوهج الرُّوحيُّ في داخلهم.
•﴿… أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ …﴾: أنْ يعود الوهج الرُّوحيُّ إلى داخلهم، وأنْ تصحو قلوبُهم.
•﴿… لِذِكْرِ اللهِ …﴾: ولا يصنع الخشوعَ والوهجَ الرُّوحيُّ شيئٌ كما يصنَعُهُ ذكر الله تعالى
•﴿… وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ …﴾: يعني القرآن الكريم.
فهذا النَّصُّ الدِّينيُّ يتحدَّث عن (الجفاف الرُّوحيِّ) الَّذي يصيبُ بعضَ المؤمنين.
كما أشار النَّصُّ إلى عاملين أَساسين من عوامل الخلاص من الجفاف الرُّوحيِّ.
العامل الأوَّل: ذِكْر الله تعالى
العامل الثَّاني: القرآن الكريم

وبعد هذا التمهيد يتناول الحديث بعض عناوين:
الجفاف الرُّوحيُّ كارثة عظمى
الجفاف الرُّوحيُّ بما يعنيه من (نضوب الخشية من الله تعالى) يُشكِّل كارثةً عظمى.
فالظُّلم بكلِّ منتجاته المدمِّرة هو بسبب جفاف الرُّوح.
والفسادُ بكلِّ أشكالِهِ السَّيِّئة هو بسبب جفافِ الرُّوح.
والجريمةُ بكلِّ صُورِها المفزعة هي بسببِ جفافِ الرُّوح.
والحروب بكلِّ ويلاتِها المرعبة هي بسبب جفاف الرُّوح.
والإرهابُ بكلِّ صياغاتِه العابثةِ هو بسبب جفاف الرُّوح.
والتَّطرُّف بكلِّ خياراتِهِ المتعدِّدة هو بسبب جفاف الرُّوح.
والعنف بكلِّ مبرِّراتِهِ الزَّائفةِ هو بسبب جفاف الرُّوح.
والخياناتِ بكلِّ مساراتِها المتنوِّعةِ هو بسبب جفاف الرُّوح.

وهكذا:
كلُّ العبث!
وكلُّ الفجور!
وكلُّ التِّيه!
وكلُّ المِحن!
وكلُّ الأَزَمَات!

بسبب جفاف الرُّوح، فيما يعنيه هذا الجفاف من (نضوب الخشيةِ من الله تعالى).
•قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا …﴾. (سورة طه: الآية 124).

هذه المعيشةُ التي تحتضن كلَّ الأوضاع السَّيِّئة، وكلَّ البؤسِ، وكلَّ الشَّقاء، وكلَّ العناء، وكلَّ القَلَق، وكلَّ اليأس، وكلَّ الرُّعب، وكلَّ الدَّمار.
هذا مصير الَّذين أعرضوا عن ذِكْر اللهِ تعالى، هذا مصيرهم في الدُّنيا!
وأمَّا في الآخرة، فكما تقول الآية نفسُها: ﴿… وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى …﴾. (سورة طه: الآية 124).

فهو لا يهتدي الطَّريق إلى الجنَّة.
هذا الطَّريق مسدود أمامه.
ولماذا هذا الطَّريق مسدود أمامه؟
لأنَّه بانحرافه عن الحقِّ، والهدى في الدُّنيا وضع أمامه حواجز تمنعه من الوصول الجنَّة.

بينما طريق النَّار مفتوح أمامه، ولا خَيَار له إلَّا أنْ يسلك هذا الطَّريق الَّذي يقوده إلى جهنَّم، ويجد أبوابها مفتحة أمامه، وتستقبله زبانيتها!
•﴿وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾. (سورة الزُّمر: الآية 71)

المُحصِّنُ الأعظم
المُحصِّنُ الأعظم للإنسانِ، للحياةِ، لكلِّ الأوضاع هو (الخشيةُ من اللهِ تعالى)
فإذا كان العالمُ يخشى الله تعالى.
وإذا كان الحاكمُ يخشى الله تعالى.
وإذا كان المسؤولُ يخشى الله تعالى.
وإذا كان التَّاجرُ يخشى الله تعالى.
وإذا كان الموظَّف يخشى الله تعالى.
وإذا كان العامل يخشى الله تعالى.
وإذا كان السِّياسيُّ يخشى الله تعالى.
وإذا كان الحقوقيُّ يخشى الله تعالى.
وإذا كان الإعلامي يخشى الله تعالى.
وإذا كان المعلِّم يخشى الله تعالى.
وإذا كان الزَّوج يخشى الله تعالى.
والزَّوجة تخشى الله تعالى.
والأب يخشى الله تعالى.
والأمُّ تخشى الله تعالى.

وكلُّ فرد في الأُسرة يخشى الله تعالى.
وكلُّ إنسان في المجتمع يخشى الله تعالى.
إذا كان الأمر كذلك كان الصَّلاح.
وكان الأمان.
وكان الخير.
وكان الحبُّ.
وكان التَّسامح.
وكان العدل.
وكان الرَّخاء.
وكان التَّقارب.

فلا يُنْقِذُ الأوطانَ إلَّا بناءُ القلوب النَّظيفة، المعبَّأة بحبِّ الله تعالى، وبخشية الله سبحانه.

وكلَّما تعبَّأت القلوب بحبِّ الله تعالى، وبخشية اللهِ تعالى تشكَّلت (النَّوايا الصَّادقة).
وهنا يبدأ (مشوار الإصلاح، والتَّغيير).
وهنا تتحرَّك (الإرادة الجادَّة).
وهنا تتآزر (القُدرات، والطَّاقات).
أيُّها الأحبَّة: الحديث عن (حبِّ اللهِ، وخشية الله تعالى) ليس حديثًا طُوبائيًّا مثاليًّا لا علاقة الله تعالى بحركة الواقع.

الأمر ليس كذلك!
إنَّه حديثُ الواقع بكلِّ امتداداته الثَّقافيَّة، والأخلاقيَّة، والاجتماعيَّة، والاقتصاديَّة، والسِّياسيَّة، والحقوقيَّة والأمنيَّة.

كم تتعب الأنظمة في محاولة إصلاح كلِّ هذه الامتدادات؟!
وكم تبدل الأموال، والطَّاقات؟!
إلَّا أنَّ الأوضاع لا تتغيَّر!
أزمات السِّياسة لا تتغيَّر!
أزمات الاقتصاد لا تتغيَّر!
أزمات الثَّقافة لا تتغيَّر!
أزمات الحقوق لا تتغيَّر!
وهكذا بقيَّة الأَزَمات.

أين هي المشكلة؟
المشكلة في تغيير الذَّات، وليس في تغيير المظاهر.
في تنقية القلوب!

في صنع القلوب النَّظيفة، وليس في صنع الهياكل.
هذا لا يعني أنَّنا لا نحتاج إلى عقول كبيرة تفكِّر، إلى قُدُراتٍ علميَّة متخصِّصة.
إلى كفاءاتٍ.
إلى مَهَارات.
إلى خُبُرات.
كلُّ ذلك ضرورة.

فلا تعالج الأوضاع بالجهل، بالتَّخلُّف، وإنَّما بالعلم، وبالقُدُرات، والخُبرات المتقدِّمة.
إلَّا أنَّ كلَّ منتجات هذا العلم، وهذه القُدُرات، والخبرات المتقدِّمة تفشل كلَّ الفشل ما دام الفساد يتمركز في داخل النُّفوس، وفي داخل القلوب.

فالأمانة، والصَّلاح، والنَّظافة، والصِّدق، والإخلاص مقوِّمات أساس لنجاح مشاريع التَّصحيح. وهي التي تعطي للكفاءات، والقُدُرات العلميَّة أدوارها النَّاجحة في إصلاح الأوضاع.

فكما أنَّ هذه المقوِّمات لا تستغني عن القُدرات، والكفاءات، والخُبرات، فالأمانة، والنَّظافة، والإخلاص لا تصحِّح أوضاعًا إذا غابت القُدرات، والكفاءات.
فكذلك هي القُدرات، والكفاءات تفشل كلَّ الفشل إذا غابت الأمانة، والنَّظافة، والإخلاص.

نعم، هنا نؤكِّد على أنَّ التَّوفُّر على (الخبرات، والتَّخصُّصات، والكفاءات) ليس أمرًا عسيرًا في الغالب.

ولكنَّ التَّوفُّر على (الأمانة، والنَّظافة، والإخلاص) أمر فيه الكثير من التَّعقيد، والصُّعوبة، ويحتاج إلى جهود استثنائيَّة، وإلى عزائم كبيرة.

الذِّكر وتلاوة القرآن الكريم
عودة الى النَّصِّ القرآنيِّ الَّذي بدأتُ به الحديث، وهو قوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ …﴾. (سورة الحديد: الآية 16).
هذا النَّصُّ حدَّد عاملين مهمَّين لبناء القلوب النَّظيفة، والأرواح النَّقيَّة، وهما:
العامل الأوَّل: ذِكْر الله تعالى ﴿… اذْكُرُوا اللهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾. (سورة الأحزاب: الآية 41)

ويصنَّف ذِكْر الله تعالى إلى ثلاثة أصناف:
الصِّنف الأوَّل: الذِّكر اللِّسانيُّ
أنْ يكون الله تعالى حاضرًا في ألسنتنا.

ومن نماذج هذا الذِّكر (أذكر نموذَجَيْن):
1-التَّسبيحات الأربع
(سبحان الله، والحمدُ لله، ولا إله إلَّا الله، والله أكبر).
•قال الإمام الباقر (عليه السَّلام): «مرَّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) برجل يغرس غرسًا في حائط له، فوقف له، وقال: ألا أدلُّك على غرس أثبت أصلًا، وأسرع إيناعًا، وأطيب ثمرًا وأبقى؟
قال: بلى، فدلَّنِي يا رسول الله.

فقال (صلَّى الله عليه واله وسلَّم): إذا أصبحت، وأمسيت، فقل: سبحان الله، والحمدُ للهِ، ولا إله إلَّا الله، والله أكبر، فإنَّ لك إنْ قُلْتَه بكلِّ تسبيحة عشر شجرات في الجنَّة من أنواع الفاكهة، وهنَّ من الباقيات الصَّالحات.
فقال الرَّجل: فإنِّي أشهدك يا رسول الله، أنَّ حائطي هذا صدقة مقبوضة على فقراء المسلمين أهل الصَّدقة.

فأنزل الله (عزَ وجلَّ) آياتٍ [آيًا] من القرآن: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى* وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾. (سورة اللَّيل: الآية 5 – 7)». (الكافي 2/506، الشَّيخ الكليني).

2-الصَّلاة على محمَّد وال محمَّد
(اللَّهمَّ، صلِّ على محمَّد وآل محمَّد)
‌أ-روي عن النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أنَّه قال: «جاءني جبرائيل، فقال: إنَّه لا يصلِّي عليك أحد إلَّا ويُصلِّى عليه سبعون ألف مَلَك، ومَن صلَّى عليه سبعون ألف ملك كان من أهل الجنَّة». (مستدرك الوسائل 5/335، ميرزا حسين النوري الطبرسي).

‌ب- روي عن النَّبيِّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أنَّه قال: «أكثروا الصَّلاة عليَّ، فإنَّ الصَّلاة عليَّ نورٌ في القبر، ونور على الصِّراط، ونور في الجنَّة». (الدعوات، الصفحة 216، قطب الدين الراوندي).

‌ج-روي عن الإمام الصَّادق (عليه السَّلام) أنَّه قال: «إذا ذُكِر النَّبيُّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، فأكثروا من الصَّلاة، فإنّ مَنْ صلّى على النَّبيِّ مرَّة واحدة صلَّى الله عليه ألف صلاة في ألف صفٍّ من الملائكة، ولم يبقَ شيئ ممَّا خلق الله إلَّا صلَّى على العبد لصلاة الله عليه وصلاة ملائكته، فمَن لم يرغب عن هذا فهو جاهلٌ مغرور قد برئ الله منه، ورسوله، وأهلُ بيته». (الكافي 2/492، الشَّيخ الكليني).
الصِّنف الثَّاني: الذِّكر القَلْبيُّ
(أنْ يكون الله تعالى حاضرًا في قلوبنا)

بمعنى:
1-أنْ نستشعر عظمة الله تعالى، وقدرته.
2-وأنْ نستشعر نِعَمه تعالى، وفيوضاته.
3-أنْ نستشعر حضوره تعالى، ورقابته.

‌أ-﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ﴾. (سورة الأعراف: الآية 205).
‌ب- وقال (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «يفضل الذِّكرُ الخفيُّ الَّذي لا تسمعُهُ الحَفَظَةُ على الَّذي تَسْمعُهُ سبعين ضعفًا». (ميزان الحكمة 2/978، محمَّد الريشهري).
الصِّنف الثَّالث: الذِّكْر العَمَليُّ
(أنْ يكون الله تعالى حاضرًا في أعمالنا)
قال (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «مَنْ أطاع الله (عزَّ وجلَّ)، فقد ذَكَر الله وإنْ قَلَّتْ صلاتُه، وصيامُهُ، وتلاوتُه للقرآن، ومَنْ عَصَى الله فقد نسي اللهَ وإنْ كَثُرتْ صلاتُه، وصيامُهُ، وتلاوته للقرآن». (مستدرك الوسائل 5/403، ميرزا حسين النوري الطبرسي).
العامل الثَّاني – لبناء القلوب، والأرواح -: تلاوة القرآن الكريم
﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ …﴾. (سورة الإسراء: الآية 82).
القرآن الكريم شفاءٌ ورحمة
لمَن:
•آمن به.
•ودَاوم على تلاوته.
•وتدبَّر في معانيه، ووعاه.
•وعمل به، وجسَّده في حياته.
إنَّ القراءة القرآنيَّة المتدبِّرة تضعنا في الأجواء الرَّبَّانيَّة التي تحمي عقولنا من كلِّ الانزلاقات الفكريَّة، وتحمى أرواحَنا، وقلوبَنا من الشَّوائب، والتَّلوُّثات، وتحمى سلوكنا من كلِّ ألوانِ الانحراف.

هذا معنى قوله تعالى: ﴿… شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ …﴾. (سورة الإسراء: الآية 82).
1-قال النَّبيُّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «إنَّ أهل القرآن في أعلى درجة من الآدميِّين ما خلا النَّبيِّين، والمرسلين، …». (الكافي 2/603، الشَّيخ الكليني).
2-وقال (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «أشراف أمَّتي حَمَلَة القرآن، وأصحاب اللَّيل». (ميزان الحكمة 2/1433، محمَّد الريشهري).

مَنْ هُمْ حَمَلَة القرآن الكريم
1-الَّذين يواظبون على تلاوة القرآن الكريم.
2-الَّذين يعشقون القرآن الكريم.
3-الَّذين يتدبَّرون القرآن الكريم.
4-الَّذين يعملون بالقرآن الكريم.
5-الَّذين يعلِّمون القرآن الكريم، وينشرون علومه.

وقال (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «أفضل عبادة أمَّتي تلاوة القرآن». (الجامع الصغير 1/195، جلال الدِّين السيوطي).
وآخر دعوانا أنْ الحمد لله ربِّ العالمين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى