الإمام الحسن الزكي (ع)من وحي الذكريات

ضرورة إعادة كتابة التاريخ

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين وعلى آله الهداة المعصومين….
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…


لقد تجنّى كتّاب التاريخ على شخصية الإمام الحسن، ولا أريد هنا أن أتناول تلك “الجنايات الفاضحة” التي دوّنتها مصادر التاريخ وأساءت إلى شخصية الإمام الحسن A وإنّما أحاول أن أثير في هذا اللقاء المبارك مسألةً هامةً جداً وهي “ضرورة إعادة كتابة التاريخ” لأنّ “المدونات التاريخية” والتي كتبت بأقلام مأجورة لأنظمة الحكم في عصور متعددة، ولأسباب متعددة، هذه المدوّنات قد تعاملت مع “أحداث التاريخ” تعاملاً مزوراً.
وقد أخذ هذا التعامل المزور مع أحداث التاريخ عدة أشكال منها:


(1) الاختلاق للحدث التاريخي:
“سيف بن عمر” أحد الوضاعين المشهورين:
أ‌- يختلق شخصيات لا وجود لها [مائة وخمسون صحابي مختلق، عبد الله بن سبأ، القعقاع].
ب‌- حوادث ومعارك لا وجود لها [أكذوبة “الزواج والطلاق” 70، 90، 250، 300].


(2) المصادرة للحدث التاريخي:
“إخفاء الحدث التاريخي ومصادرة ملفاته”
من أمثلة هذا الشكل من التزوير: مصادرة حادثة الغدير.


(3) التحريف للحدث التاريخي:
“التلاعب بمفردات الحدث وصياغته بطريقة تحريفية” من الأمثلة:
– حديث الدار يوم الإنذار.
– ابن كثير في البداية والنهاية.
– ابن خلدون في تاريخه.
– محمد حسين هيكل في (حياة محمد).


(4) القراءة التحريفيية للحدث:
“تفسير الحديث تفسيراً مزوراً”، من الأمثلة: قضية صلح الإمام الحسن [التناقض، الاختلاف في الرؤية، في المزاجية، في القدرات، في النمط الحياتي].
في ضوء هذا العبث والتلاعب بملفات التاريخ تشكلت الحاجة الكبيرة إلى “إعادة الكتابة لأحداث التاريخ” وإلى “إعادة القراءة لهذه الأحداث”.
في بداية الستينات انطلقت “دعوة” تتبنى “إعادة كتابة التاريخ الإسلامي”، أطلق هذه الدعوة أستاذ مصري في جامعة الكويت أسمه “الدكتور سعيد عاشور”، خلاصة هذه الدعوة: أنَّ أحداث التاريخ الإسلامي كما دوّنتها المصادر التاريخية فيها الكثير من الارتباك، والتشويش، وفيها الكثير من الغموض والإبهام، وفيها الكثير من التزوير والتحريف، فيجب من أجل تصحيح ملفات التاريخ أن نقوم بعملية “تدوين جديد لأحداث التاريخ” وأن نقوم بـ “قراءة جديدة لهذه الأحداث”.
دعا الأستاذ سعيد عاشور بقوة إلى هذا “المشروع” وتجاوبت معه مؤسسات علمية وأكاديمية، وتشكّلت “لجنة متخصصة” لهذا الهدف، إلاّ إنَ هذه “اللجنة المؤسسَّة” تفاجأت بتدخل بعض أنظمة الحكم العربية متصديةً للمشروع، ومطالبةً بإلغائه وتجميده؛ بدعوى أن لا حاجة إلى إعادة كتابة التاريخ، وأنَّ الذين تبنوا هذا المشروع هم أناس يريدون الإساءة إلى تاريخنا وإلى رموز هذا التاريخ.


وهكذا تمَّ إجهاض المشروع، وإن بقيت الدعوة تشكلّ “هاجساً كبيراً” عند الكثير من المفكرين والعلماء والباحثين والدارسين.
ومن الكتّاب في هذا العصر الذين حملوا هم الدعوة إلى “تصحيح التاريخ” دكتور أسمه “حسن بن فرحان المالكي” من المملكة العربية السعودية، صدر له كتاب بعنوان “نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي” وهو عبارة عن قراءة نقدية لنماذج من الأعمال والدراسات الجامعية.  وبعيداً عن الصح والخطأ في أفكار الدكتور حسن المالكي، فإنّنا نقرأ من خلال كتاباته موقفاً جريئاً يتمرد على كل “الموروثات” في التعامل مع التاريخ، ويؤسس إلى منهج يتحرر من كل الضغوطات في سبيل البحث عن الحقيقة.


فها هو يقول في مقدمة كتابه “نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي” – أذكر نص كلامه- : “التاريخ الإسلامي بحاجة إلى أن نضع لدراسته منهجاً يحمينا من التناقضات، إلى منهج يعلمنا كيف نصل إلى الحقيقة، إلى منهجٍ يعلّمنا كيف نحمي التاريخ من أنفسنا، وأهوائنا وأمراضنا….”


وفي موقع آخر من مقدمة كتابه يقول: “التاريخ الإسلامي مبتلى ببعض العلماء الذين يجازفون بإصدار الأحكام المستعجلة حول الأحداث والمواقف، والشخصيات، والنتائج، متناسين الطريقة الصحيحة والمثلى في البحث عن الحقيقة”.


يؤكد في عدة مقاطع وهو يتحدث عن مشروعه في إنقاذ التاريخ الإسلامي على هذا الاتجاه حيث يقول:
– “ولهذا كله فإنَ التاريخ الإسلامي بحاجة إلى قراء يحسنون القراءة، وإلى باحثين يحسنون البحث، وإلى عادلين يحسنون الحكم..”
– “التاريخ الإسلامي بحاجة إلى شجاعة غيورة تطرح الحقائق، ولا تخشى في سبيلها عتاب الأصدقاء ولا كيد الأعداء ولا الطعن في الأهداف والمقاصد”.
– “التاريخ الإسلامي لا يريد منا أن نسير وراء العاطفة ونُلبس الباطل لباس الحق…”.
– “التاريخ الإسلامي لا يريد منا أن نتهم الأبرياء كما لا يرتضي منا أن نبرئ المذنبين، ولا نجامل الرجال على حساب الشرع والحقيقة..”.
– التاريخ الإسلامي لا يريد منا أن نتشبث بأخطاء الدارسين، ولا رواسب التعصبات…”.
– “التاريخ الإسلامي يريد منا أن نترك المجاملات ونبين بوضوح الأهداف الحقيقية من دراسته، ولا نضحك على أنفسنا ولا الآخرين..”.
إلى هنا انتهت “الاستشهادات” التي اقتطفتها من مقدمته.
وقد أثارت دراساته وكتاباته “ضجة” وردود فعل متشددة من قبل بعض الذين لا يريدون أن يسمعوا “الكلمة الجريئة الصريحة” والتي تصدم الكثير من “الموروثات والمسلّمات” لا يريدون أن يتجردوا من “التفكير” المأسور إلى “قناعاتٍ” فرضت نفسها بالا دراسة أو محاسبة، وخاصة تلك القناعات التاريخية التي اعتبرت محسومة سلفاً.
وكم كان الدكتور المالكي جريئاً حينما أخذ يقارب الكثير من قضايا التاريخ ذات الحساسية المفرطة والتي يشكّل الإقتراب منها تجاوزاً للخطوط الحمراء..
كم كان جريئاً حينما اقترب من قضية “عبد الله بن سبأ” وأثار حولها مجموعة شكوك وإشكالات، كم كان جريئاً حينما تناول مسائل تخص “الصحبة والبيعة والشيعة”.


وأنا هنا لا أريد أن أقول أنَ كل ما طرحه الدكتور كان صحيحاً، فلنا رؤانا التي تختلف معه، إلاّ أنَ المهم في ما أردت إثارته أنّه – يعني الدكتور المالكي – كان يمثل صرخة جريئة في وجه “الرؤية الجمودية” في التعاطي مع ملفات الماضي وفي وجه “الصياغة التحريفية للتاريخ” أو بحسب تعبير الدكتور المالكي “أن نؤلف من “عندياتنا” تاريخاً محبباً إلى نفوسنا ونعجنه كما نشاء ونذكر فيه أنَّ يزيد بن معاوية مبشر بالجنة !! وأن الحجاج صحابي جليل!! وهكذا كما لا ننسى أن نأخذ حبراً أسودً ونطمس الروايات الصحيحة في الصحيحين التي تدين بعض نقاط الضعف في تاريخنا الإسلامي، وندّعي أنَّ هذا يشوه التاريخ” – انتهى كلامه-


أيّها الأحبة في الله:


في سياق هذا الحديث ونحن نؤكد ضرورة المراجعة والمحاسبة “لأوراق التاريخ، يبرز أمامنا إتجاه يشكل هو الآخر خطراً على “أصالة التاريخ” هذا الاتجاه يزعم لنفسه أنّه يريد أن يقرأ التاريخ “قراءة معاصرة” أو “قراءة حداثية”.


فإذا كان “الاتجاه التكليسي” يكرّس حالات الجمود والركود والتخلف والإنغلاق في التعاطي مع التاريخ، فإن “الاتجاه الحداثوي” يحاول أن يعبث بمكوّنات “الأصالة” في هذا التاريخ…


وقد حمل هذا الاتجاه الأخير شعاراً هو الأخطر في سياق الشعارات المطروحة في هذا العصر، إنّه شعار “التحديث والعصرنة للإسلام”.
إننا لا نشك أبداً أنَّ الإسلام من خلال مكوّناته الذاتية، ومن خلال واقعيته وشموليته وخاتميته ومن خلال “ربانيته” قادر أن يواكب حركة الزمن وأن يملأ حاجات الإنسان في كل عصر، وأن يتعاطى مع كل المتغيرات والمستجدات إلى أن تنتهي الدنيا، ومن يشك في ذلك فهو لا يؤمن بالإسلام..
ولكن ما يسمى بـ “المشروع الحداثي” في قراءة الإسلام كما هي مدرسة


الجابري واركون وحنفي وأضاربهما، فإنّه مشروع له أهدافه الخطيرة جداً..
فماذا يعني هذا المشروع؟

(1) إنّه يدعو إلى قراءة التراث قراءة عصرية، المسألة ضمن هذا العنوان تبدو مغرية جداً وصحيحة، فمن الضروري أن نقرأ تراثنا بعقل معاصر، وضروري أن نواصل بين “التراث” وحركة الحاضر، وإلاّ تمت “المفاصلة” بين “الأصالة” وضرورات التجديد، فالمسألة إلى هنا لا تثير تحفظاً أو شكاً ..


(2) ماذا يعني التراث عند هؤلاء؟
لنقرأ تفسيرهم للتراث من خلال كلمات أقطاب هذه المدرسة:
أ‌- محمد عابد الجابري في كتابه “التراث والحداثة” يعتبر “العقيدة والشريعة” جزءاً من التراث.
ب‌- حسن حنفي صاحب مشروع تجديد التراث يؤكد في كتابه أنَ “الدين جزء من التراث”
ت‌- محمد أركون في دراساته يعتبر (القرآن والوحي والشريعة) جزءاً من التراث.
وهنا تقع هذه المدرسة في أفحش الأخطاء والمفارقات – إن كانت المسألة مسألة خطأ – وهو اعتبار “الدين، الوحي، القرآن، العقيدة، الشريعة” تراثاً.. التراث مجموعة موروثات من الماضي.. أو بحسب تعبير حسن حنفي “كل ما وصل إلينا من الماضي” أو بحسب تعبير محمد عابد الجابري: “كل ما هو حاضر فينا أو معنا من الماضي”، من المفارقات الخطيرة اعتبار (الدين، الوحي، القرآن، العقيدة، الشريعة) تراثاً ماضوياً.
– الدين بكل مكوناته ليس [تراثاً] أنتجه الماضي إنّه [خطاب الله عز وجل] الذي لا يتحدد بزمان أو مكان ونعني بالدين هنا – الصيغة النهائية الخاتمة التي يمثلها الإسلام-. 


– القرآن لا يعد [تراثاً] كونه ليس حالة تاريخيه حتى لو كان نزوله في الماضي، إنّه الخطاب المنفتح على كل حركة الحياة – ماضيها وحاضرها ومستقبلها-.
– السنة المعصومة لا تعد [تراثاً] تاريخياً كونها المصدر التشريعي الثاني الدائم والمتحرك مع الزمن.
– الأصول العقيدية ليست [تراثاً].
– الضرورات الدينية والثوابت الفقهيه ليست تراثاً..
هل تعلمون ماذا يعني اعتبار كل ذلك تراثاً؟ إنّه التمهيد والتهئية لمشروع [القطيعة] مع التراث والذي بالضرورة ينتج قطيعة مع (الدين، القرآن، العقيدة، الشريعة).
إنّ أحد دلالات [التراث] هو الانفصال عن الحاضر، فهل يصح أن يقال: أنَ الإسلام تراث منفصل عنا وهو من نتاج الماضي.  هذا ما تهدف هذه المدرسة الحداثوية إلى ترسيخه في ذهنية الجيل المعاصر.


(3) من المفارقات الخطيرة عند هؤلاء الحداثويين الخلط بين (النص المقدس) و (التفسيرات الإجتهاديه للنص)، إنّهم اعتبروا (النص المقدس) كما هي (التفسيرات الإجتهادية) خاضعاً للنقد والمحاسبة إنَ هذا الاتجاه الذي يتبناه بعض المفكرين أمثال رفاعة الطهطاوي، حسن حنفي، محمد عابد الجابري، محمد أركون.. يهدف وتحت مسميات (نقد العقل) و(تجديد الفكر) و(عقلنة الخطاب) و(تحديث الرؤية) إلى مصادرة الدين ومفاهيم الدين وقيم الدين.. لا يسعني في هذا الحديث أن أتناول مواقف رموز هذه المدرسة من (الدين والوحي والقرآن)… فاركون يعبر عن (القرآن والوحي) بالأسطورة في مفهومها الانثروبولوجي حيث يقول: “إمّا الاتجاه الاسطوري فإنه يفرض على العقول تصوراً ووظائف للتراث (وكان يعبر عنه المسلمون بالسنة النبوية والأصول الدينية والفقهية والحديث) [أقرأ:جدليات الفكر الاسلامي المعاصر ص254].


(4) ماذا يقصد هؤلاء بالقراءة العصرية للتراث؟
أ‌. هل المقصود إعطاء الإسلام في مكوناته الأصيلة “حضوره” في حركة الواقع المعاصر بكل إمتداداته الروحية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، هذا أمر لا نختلف عليه، إلاّ أننا لا نفهم هذا من صياغاتهم المطروحة، ثمّ من هو المؤهل لهذه “الصياغة العصرية”؟
ب‌. المقصود أن نفرض على الإسلام “التواءم” مع كل معطيات العصر، ولو بالانخلاع عن ضرورات “الأصالة” والتنافي مع “الثوابت والقيم” ولعل هذا المعنى هو الواضح في خطاباتهم، نقرأ في كتاباتهم:
1. إلغاء القداسة عن التراث.
2. نقد التراث ومحاسبته وعدم الخضوع له لأنّه نتاج الماضي، فيجب أن نخضعه للبتر والإنتقاء والتأويل والتطوير والتجديد بما يتلاءم وظروفنا المعاصرة.


لا مشكلة عندنا لو بقي التراث هو “المنتج البشري غير المعصوم” أمّا وقد أدخلوا في التراث (الدين، الوحي، القرآن، العقيدة، الشريعة) فهذا يعني أنّ الدين في جميع مكوناته خاضع للنقد والمحاسبة والبتر والانتقاء والتأويل والتجديد بما يتلاءم مع رغبات العصر.
• فقد يُدّعى أنَ نظام الإرث الذي يميز بين الرجل والمرأة لا يتلاءم مع هذا العصر فيجب أن يلغى.
• وقد يُدّعى أنَ نظام الحدود نظام قاسي لا يتلاءم مع ذهنية العصر فيجب أن يلغى.
• وقد يُدّعى أن أنظمة الأسرة (نظام القوامة، نظام الطلاق، نظام الحضانة، نظام التعدد، حرمة الإجهاض) لا تنسجم مع تطورات العصر فيجب أن تلغى أو تعدّل.


من هنا نفهم لماذا نصّر على رفض محاولات الهيمنة على الأحكام الشرعية الخاصة بالأسرة من خلال ما يسمى بـ “تقنين” الأحوال الشخصية.
1. التقنين المدني خطوه في اتجاه علمنة الأحكام الشرعية.


2. المطالبة بتطبيق “المعايير الدولية” كما جاء في العريضة النسائية في مجال الأحوال الشخصية تغافل متعمد لأحكام الإسلام، ثم إنَّ “المعايير الدولية” فيها الكثير مما ينافي ثوابت الدين وقيمه، إضافة إلى أنَ هذه المعايير أنتجتها خصوصيات المجتمعات الغربية اللاإسلامية التي عاشت أسوأ التجارب في شؤون الأسرة.


3. قد يقال أن المجلس التشريعي بغرفتيه لن يتجرأ على مصادرة الأحكام الشرعية:
أولاً: دستور البحرين ينص على أن “دين الدولة الرسمي الإسلام”.


ثانياً: الدستور ينص على أنَ “الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع”.
ثالثاً: أنَ أغلبية الأعضاء ملتزمون بالإسلام.


ولنا حول هذا الكلام عدة ملاحظات:


الملاحظة الأولى:
إن مجرد النص على أنَ “دين الدولة الإسلامية” لا يشكّل ضمانة لحماية القوانين، فكل الدول العربية والإسلامية التي تملك “دساتير” تنص على هذه المادة، إلاّ أن أغلب القوانين في هذه الدول تخالف الإسلام صراحةً.


الملاحظة الثانية:
النص الدستوري بكون “الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع” لا يحمي القوانين.. فالشريعة الإسلامية واحدة من مصادر رئيسية متعددة. الصيغة المختلفة لهذه المادة.


الملاحظة الثالثة:
إنَّ كون الأغلبية ملتزمين بالإسلام لا يشكل ضمانه، فالمسألة خاضعة لنتائج الانتخابات وألاعيبها، ومراهناتها، ثم الضغوطات والحسابات والمصالح تلعب دورها في هذا المجال.


الملاحظة الرابعة:
المجالس الوضعية غير مؤهلة للتشريع الفقهي لأنَ ذلك من صلاحيات الفقهاء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى