قضايا الساحةقضايا محلية

التدريس على المذاهب الخمسة

عودة الى مسألة تدريس التربية الدينية على المذاهب الخمسة، ليس انطلاقا من حس طائفي، فما أبغض هذا الحس وما أسوأ هذا الحس، وما أخطر هذا الحس. وكم قاست مجتمعات المسلمين من عداوات وصراعات وفتن عمياء بسبب الحس الطائفي المتعصب.
حينما نطالب بتصحيح بعض الاوضاع بما يحفظ لاتباع هذا المذهب أو ذاك المذهب حقوقهم المشروعة كمواطنين في هذا البلد، فيجب ألا نتهم بالطائفية، ويجب ألا نتهم بالاساءة الى وحدة الصف الوطني.
مشكلة البعض أنه يحمل شعار “مناهضة الطائفية” ولكن من أجل تكريس مزيد من الطائفية، ولذلك يصح ان يقال عن هذا الشعار انه “كلمة حق يراد بها باطل”.
ان المناهضة الحقيقية للطائفية هي اقتلاع اسبابها ومكوناتها في كل واقعنا الاجتماعي، وفي كل واقعنا السياسي، وفي كل واقعنا الديني.
ان انهاء الطائفية يبدأ بانهاء التمييز بين المواطنين على اساس المذهب. اذا وجدنا المسئولين في جميع مؤسسات الدولة يتحررون من عقلية التمييز المذهبي فتلك هي الخطوة الجادة في طريق الخلاص من الطائفية البغيضة.
لا تكفي الخطابات ولا تكفي الشعارات، المهم ان نجد التطبيقات الصادقة والممارسات الحقيقية.
نعود الى مسألة تدريس التربية الدينية وفق المذاهب الخمسة لنطرح بعض ملاحظات:
1- ماذا يعني وزير التربية بقوله في معرض رده على الاقتراح بقانون بشأن تدريس التربية الدينية في وزارة التربية والتعليم وفق المذاهب الخمسة: “تود الوزارة تأكيد احترامها الكامل وتقديرها العميق للمذاهب الخمسة….”؟
هل من الاحترام والتقدير مصادرة حق المذهب الامامي ان يكون له بعض الحضور في مادة التربية الدينية؟ وخصوصا ان اتباع هذا المذهب لا يمثلون اقلية في هذا البلد، ومادام هناك حضور للمذهب الآخر.
2- ان رفض اللجنة المعنية في مجلس النواب لتدريس الدين وفق المذاهب الخمسة جاء معللا بـ “تحصين المتعلمين من التعصب والانفلات والفرقة واثارة الفتن والخلافات مع ضرورة تعزيز الانفتاح والحوار وآداب احترام الرأي والرأي الآخر”.
وتعقيبا على ذلك نقول:
أولا: ان فرض احد المذاهب على اتباع المذاهب الأخرى هو الذي ينتج التعصب والانفلات والفرقة واثارة الفتن والخلافات، نتيجة الاحساس بالغبن والمصادرة والتهميش والهيمنة.
ثانيا: أين هو التطبيق العملي لشعار المساواة في الحقوق بين المواطنين؟ أليس من حق هذا المذهب أو ذاك ان يتعلم ابناؤه في المدارس الرسمية بعض أسس المذهب وشيئا من احكام الفقه؟
ثالثا: ان العرض العلمي الهادئ لآراء المذاهب وبلغة خالية من الاثارات مع تجنب بؤر التوتر والخلاف، أمر يكفل حماية الاجواء الدراسية من كل اشكال التعصب والفرقة والانفلات.
واذا كانت هناك خشية حقيقية من ذلك، فالعلاج ليس بفرض رأي مذهب واحد، مع التسليم بأن هذا المذهب لا يمثل مذهب أكثرية، والعلاج هو ان تقتصر المادة الدراسية على المساحات المشتركة والغاء كل الخصوصيات المذهبية، إلا أننا لا نجد في التنوع أية خشية، اذا اتقنا لغة العرض واسلوب الطرح.
3- ستبقى المطالبة بتدريس المذهب حقا مشروعا، ولا يصح ان تتهم هذه المطالبة بأية خلفيات طائفية.
اننا حينما نطالب بإزالة الغبن الذي فرض علينا طيلة تاريخ طويل لا يقال إننا طائفيون، أليس من شعارات هذه المرحلة وفي ظل مشروع الإصلاح إلغاء كل اشكال التمييز، وازالة كل آثار الحقبة الماضية؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى