السيد محمد حسين فضل اللهحديث الجمعةشهر شوال

حديث الجمعة 506: هكذا تتمزَّق الأوطان! – الإمام الصَّادق (ع) داعية محبَّة، وتقارب – المرحلة المأزومة – ذِكرى رحيل المرجع الكبير آية الله العظمى السَّيِّد محمَّد حسين فضل الله – أكفُّ الدُّعاء مرفوعة ت

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأفضلُ الصَّلواتِ على سيِّدِ الأنبياءِ والمرسلين محمَّدٍ، وعلى آلِهِ الهُداةِ الميامين، وبعد، فمع هذا العنوان:

هكذا تتمزَّق الأوطان!

إنَّ أوطانَنَا العربيَّةَ والإسلاميَّةَ تعيشُ مرحلةً هي الأصعبُ في تاريخها، مرحلةَ التَّمزُّقِ والتَّشتُّتِ، مرحلةَ الخلافاتِ والصِّراعاتِ، مرحلةَ التَّمَذْهُبات، والطَّائفيَّاتِ، والعَصَبيَّات، فلا تجد وطنًا مِن أوطانِ العَرَبِ والمُسْلِمينَ إلَّا وهو ضحيَّة هذه الانقسامات، والعَدَاواتِ، والتَّباينات.
وكانتْ الأثمانُ باهظةً جدًّا جدًّا!
أرواحًا، ودماءً!
أعراضًا، وانتهاكاتٍ!
أموالًا، وممتلكاتٍ!
رُعْبًا، وخوفًا!
وهكذا مات الحبُّ، والتَّسامح!
ومات التَّآلف، والتَّقارب!
ومات الأمن، والأمان!
ومات الرَّخاء، والاستقرار!
وحينما نتحدَّث عن هذه (المُنتَجات) المدمِّرة للأوطان، بسبب الخلافاتِ والتَّبايناتِ الدِّينيَّةِ، والمذهبيَّةِ، والثَّقافيَّةِ، والسِّياسيَّةِ نؤكِّد أنَّ مستويات التَّباينِ، والتَّخالفِ، والتَّشتُّتِ، والتَّمزُّقِ تختلف قوَّةً وضعفًا من وطنٍ إلى آخر، فربَّما بلغت شدَّتَها، وذروتها في وطنٍ هنا، أو في وطنٍ هنا. وربَّما خفَّت وضعفت هنا، أو هناك.

* مؤشِّرات اشتداد التَّباينات، وانخفاضها
إنَّ اشتدادَ التَّبايناتِ، والصِّراعاتِ، والتَّمزُّقات في الأوطانِ، أو انخفاضِ مستوياتها يعتمدُ كلَّ الاعتماد على:
أوَّلًا: سِياساتِ الأنظمةِ الحاكمةِ
فكلَّما كانت هذه الأنظمةُ صالحةً، وعادلةً، ومنصِفةً، ورشيدةً، وحكيمةً، ومساويةً بين مكوِّنات الأوطان، وبعيدةً عن أيِّ شكْلٍ من أشكالِ (التَّمييز)، فإنَّ هذه الأنظمة هي القادرة على أنْ تؤسِّس للوحدة، والتَّقارب، والمحبَّة، والتَّسامح، والتَّراحم، والتَّعاطف بين (مكوِّنات الأوطان والشُّعوب).

وإذا كان العكس، فكانت الأنظمةُ ظالمةً، وفاسدةً، وطائشةً، وسيِّئةً، وتُمارسُ سياسةِ الإقصاء والتَّمييز، وتأزيم العَلَاقات، فالنَّتائج معترَكَات، وصراعات، وخلافات، وعداوات، وعصبيَّات، وطائفيَّات، وتمزُّقات.
والضَّحيَّة هي الأوطان، وأمن الأوطان، واستقرار الأوطان، وازدهار الأوطان، ووحدة الأوطان.
هذا أوَّلًا.

وثانيًا: دور الخطاب
إنَّ دورَ (الخطابِ الدِّينيِّ)، و(الخطابِ الثَّقافيِّ)، و(الخَطاب السِّياسيِّ) هو الدَّور الفاعل والمؤثِّر في إنتاج (الوحدةِ، والتَّقارب، والمحبَّة، والتَّسامح)، وفي إنتاج (التَّباعدِ، والتَّخالفِ، والكراهية، والتَّعصُّب).

فكم تمزَّقتْ أوطانٌ!
وكم سُفِكتْ دماءٌ!
وكم هُتِكتْ أعراض!
وكم دُمِّرت ممتلكاتٌ!
وكم نَشَبت حروب!
وكم هُدِّمت معابد، ومساجد!
وكم عانت شعوب!
كلُّ ذلك بسبب (خطاب دينيٍّ متطِّرفٍ)!
أو بسببِ (خطاب ثقافيٍّ متعصِّب)!
أو بسببِ (خطابٍ سياسيٍّ نَزِقٍ)!
فإذا أردنا أنْ نصنع وطنَ محبَّةٍ وتسامح، ووطنَ وحدةٍ وتآلف، ووطن أمنٍ وسلام، ووطن رفاهٍ وازدهار، فيجب أنْ نتوَّفر على (خطابٍ راشد)، و(خطاب صادِق)، و(خطابٍ لا تأسره العصبيَّات المدمِّرة، والأهواءُ الطَّائشةُ، والأنانيَّاتُ المَقِيتةُ)، وإنَّما توجِّههُ الأهدافُ النَّظيفةُ، والغاياتُ الشَّريفةُ، والمُثلُ العليا، والقِيمُ السَّامية.

تصوَّرُوا خطابَ دولةٍ يملك هذه المواصفات.
وتصوَّرُوا خطابَ دينٍ يحملَ هذه القِيم.
وتصوَّروا خطاب ثقافةٍ يزرعَ هذه المُثُلَ.
فأيُّ وطنٍ سوفَ يُبنى؟
وأيُّ شعبٍ سوف يُصاغ؟
وأيُّ مناخات سوف تُنشأ؟
وأيُّ أمنٍ سوف يُصْنع؟
وإذا كان العكس، فمصير الأوطان إلى التَّمزُّق، والدَّمار، والفوضى.
هذا ثانيًا.

وأمَّا ثالثًا: حالات الجهل والتَّعصُّب لدى الشُّعوب
فمن أخطر أسباب (التَّباينات، والخلافات، والصِّراعات في الأوطان) حالات الجهل، والتَّعصُّب لدى الشُّعوب.
حينما يكونُ أيُّ شعبٍ مُحصَّنًا ضدَّ (الجهل، والتَّعصُّب)، فسوف يكون الوطن في خيرٍ، وأمانٍ، ووحدةٍ، وتقارب، وتحابب، تآلف، وتآزر.

أمَّا إذا سادَ (الجهلُ، والتَّعصُّبُ)، فالويل كلُّ الويلِ للوطن، ولأمن الوطن، ولأبناء الوطن!

العصبيَّات العمياء لها (منتجاتُها) المدمِّرة، والمُرعِبة، والتي تؤسِّسُ لخراب الأوطان، ولصراعاتِ الشُعوب.
هناك مواقف لدى الأفراد، أو الجماعات، أو المذاهب، أو المكوِّنات تنزع نحو التَّشدُّد، والتَّعصُّب، وترفض أيَّ شكلٍ من أشكال التَّقارب.

وقد تأسَّستْ هذه المواقفُ من خلال فهم مُسْرفٍ في التَّطرُّفِ، وإلغاءِ الآخر معتبرًا الآخر المذهبيَّ خارجًا عن الإسلام، وتتحرَّك هذه المواقفُ المتشدِّدةُ لدى متطرِّفين، ومتعصِّبين من هذا المذهب، أو ذاك المذهب.

إنَّ العقلاء المُخلصين من أبناء أيَّة طائفة، أو أيِّ مذهب، أو أيِّ مكوِّن يرفضون كلَّ الرَّفضِ تلك المواقفَ المتشدِّدة المنغلِقة، والمفرطةَ في التَّعصُّبِ وإلغاءِ الآخر، كون تلك المواقف لا ترتكز على أُسِسٍ علميَّةٍ وموضوعيَّةٍ، وكونها عواملَ وأسبابًا تنتج التَّطرُّفَ، والعنفَ، والإرهاب!
هذه المنتجات التي كلَّفت الأوطان، والشُّعوبَ أثمانًا باهظةً جدًّا من صراعاتٍ، ومواجهاتٍ، وأرواحٍ، ودماءٍ، وأموالٍ، وثرواتٍ.

هذه التَّطرُّفاتُ والعصبيَّاتُ تُغذَّي من قبل قُوى معادِيةٍ لتطلُّعات الشُّعوب، ومناهضةٍ لمصالح الأوطان!
قد تكون هذه القوى (كيانات عالميَّة استكباريَّة)، أو (أنظمة سياسيَّة حاكمة)، أو (مواقع دينيَّة متشدِّدة)، أو (صنَّاع فتن، وصراعات).
فمن مصلحةِ هذه القوى جميعًا أنْ تبقى الشُّعوب مسلوبةَ الإرادة، مشتَّتةَ المواقفِ، مشغولةً بصراعاتِها، وخلافاتِها، وعداواتها، ومعاركها، وأنْ تبقى الأوطان مُدمَّرة، محطَّمَة، مؤزَّمَة!
وتلعبُ قوى الجهلِ، والتَّعصُّبِ، والمصالح الضَّيِّقة دورَها الكبير جدًّا في تأجيج الفتن الطَّائفيَّة، وتغذيةِ الصِّراعات المَذهبيَّة.

وهكذا عبثت (مشروعات التَّفتيت، والتَّمزيق) في أوطانِ المسلمين، وصدَّعت كلَّ أشكال التَّلاحم بين مكوِّنات الشُّعوب.

وقد ساهم جهل النَّاس في توفير (المناخات) لقوى الفِتنة، والخلاف، والصِّراع.

فنتيجة هذا الجهل أصبح كلُّ أتباعِ طائفةٍ، أو مذهبٍ، أو مُكَوِّنٍ مُعَبَّئِين بالكراهية والعداوة ضدَّ الآخر الدِّينيِّ، أو الآخر المذهبيِّ، أو الآخر الثَّقافيِّ، أو الآخر السِّياسيِّ!
لا شكَّ أنَّ هذه المواقف الخطأ، والمنسوجةَ من خلالِ رؤية خطأ، وفهمٍ ملتَبِس هي مواقفُ مرفوضةٌ دينيًّا، وثقافيًّا، ووطنيًّا.

فما أحوج أوطاننا في هذه المرحلة الصَّعبة والمعقَّدة إلى مواقف رشيدة قادرةٍ على أنْ تحوِّل الكثير من نقاط الاختلافِ الدِّينيِّ، والمذهبيِّ، والثَّقافيِّ، والسِّياسيِّ إلى (منتجاتٍ فاعلةِ)؛ للتَّقارب والتَّآلف، وإلى صياغات عمليَّة متحرِّكة تُغنِي الواقع في مجالاتِ الدِّين، والثَّقافة، والسِّياسة، وتدفع إلى المزيد من الحركيَّة، والتَّجديد، والإبداع، والشَّفافيَّة، والمرونة، والانفتاح.

ورغم وجود القناعة لدى الكثيرين بضرورة التَّقاربِ، والتَّآلفِ، والتَّسامحِ إلَّا أنَّ عقدة اليأس والإحباط تسيطرُ على هؤلاء، ولا نشكُّ أنَّ هذه العقدة أنشأتها أسباب وعوامل موضوعيَّة من سياساتٍ تأزيميَّة، وخطابات تأجيجيَّة، وخَيارات مزاجيَّة.

ورغم كلِّ هذا، فمبرِّرات الصِّراع، والخلاف، والعداء مرفوضة كلُّ الرَّفض، لا يقرُّها دينٌ، ولا عقلٌ، ولا مصلحة وطن، ولا ضرورة وحدة، وتآلف، وتقارب.

* الإمام الصَّادق (عليه السَّلام) داعية محبَّة، وتقارب

ونحن نقترب من مناسبة شهادة الإمام الصَّادق (عليه السَّلام) – سادس الأئمَّة من أهل البيت (عليهم السَّلام) – نحاول أنْ نقارب دور هذا الإمام العظيم في الدَّعوة إلى المحبَّة، والتَّسامح، والوحدة، والتَّقارب انطلاقًا من (توجيهات القرآن الكريم)، حيث قال تعالى:

1- ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ (سورة الأنبياء: الآية2).

2- وفي آية أخرى: ﴿… فَاتَّقُونِ﴾ (سورة المؤمنون: الآية52).

3- وقال تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ …﴾ (سورة آل عمران: الآية103).

4- وقال تعالى: ﴿… وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ …﴾ (سورة الأنفال: الآية46).

وتأسيسًا على هذه (التَّوجيهات القرآنيَّة) مارس الإمام الصَّادقُ (عليه السَّلام) دَوْرًا فاعلًا وكبيرًا في مواجهة كلِّ أشكالِ الفرقة، والخلاف، والصِّراع، والعصبيَّة، والكراهيَّة في داخل الأمَّة.

فمدرسة الإمام الصَّادق (عليه السَّلام) العلميَّة، والفقهيَّه الكبرى احتضنت كلَّ (الانتماءات والمكوِّنات).

* مميِّزات مدرسة الإمام الصَّادق (عليه السَّلام)

وقد تميَّزت مدرسة الإمام الصَّادق (عليه السَّلام) بـ:
1- شموليَّتها.
2- وتنوُّع معارفِها.
3- وتعدُّد انتماءِ طلَّابها، ومنتسبيها.
* من حضَّار مدرسة الإمام الصَّادق (عليه السَّلام)

1- فمن حضَّار هذه المدرسة: الإمام أبو حنيفة، إمام المذهب الحنفي.

2- ومِن حضَّار هذه المدرسة: الإمام مالك بن أنس، إمام المذهب المالكي.

3- ومِن حضَّارها (سفيان الثَّوري)، أحد الأعلام الكبار، والذي يعبَّر عنه بـ(أمير المؤمنين في الحديث)، أو (سيِّد الحفَّاظ).

وآخرون كثيرون من أعلام الفقه، والحديث، ومن مختلف المذاهب، والانتماءات، حتَّى بلغ حضَّار وتلامذة مدرسة الإمام الصَّادق (عليه السَّلام) أربعة آلآف!

وقد خرَّجتْ هذه المدرسة (قِمَمًا علميَّة) من مختلف الانتماءات الفكريَّة، والمذهبيَّة، ممَّا أنتج تلاقحًا فكريًّا، وساهم في ترسيخ التَّقارب، والتَّواصل بين المذاهب، والفِرق، والمكوِّنات، وهكذا شكَّل هذه التَّلاقح العلميُّ والفكريُّ، وهذا التَّقارب والتَّواصل (تصدِّيًا عمليًّا) لمشروعاتِ التَّجزِئة، والتَّفرقة، والخلاف الضَّارَّة بوحدة الأمَّة.

* إنتاج الخطاب التَّوحيديِّ
وكذا مارس الإمام الصَّادق (عليه السَّلام)؛ من أجل إنتاج التَّقارب، والتَّآلف بين المذاهب (خطابًا توحيديًّا) في مواجهة خطابات الفتنة، والفرقة، والتَّعصُّب، والكراهية.

فمن كلمات الإمام الصَّادق (عليه السَّلام):

1- “المسلم أخو المسلم هو عينُهُ، ومرآته، ودليلُهُ، لا يخونُهُ، ولا يخدعُهُ، ولا يظلمه، ولا يَكْذِبُهُ، ولا يغتابه”. (الكافي2/166، الشَّيخ الكليني).

2- ومن كلماته يُعدِّد ما للمسلم على المسلم من حقوق:

أ- “…، أنْ تحبَّ له ما تحبُّ لنفسك، وتكره له ما تكره لنفسك، …” (الكافي2/169، الشَّيخ الكليني).

ب- “…، أنْ تجتنب سخطه، وتتَّبع مرضاته، وتطيع أمره، …” (الكافي2/169، الشَّيخ الكليني).

ج- “…، أنْ تعينه بنفسِك، ومالِك، ولسانِك، ويدِكَ، ورجلِك، …” (الكافي2/169، الشَّيخ الكليني).

د- “… أنْ تكون عَينهُ، ودليلَهُ، ومرآتَه، …” (الكافي2/169، الشَّيخ الكليني).

هـ- “…، أنْ لا تشبع ويجوع، ولا تروى ويظمأ، ولا تلبس ويعرى، …” (الكافي2/169، الشَّيخ الكليني).

و- “…، أنْ يكون لك خادم وليس لأخيك خادم، فواجب أنْ تبعث خادمَك، فيغسل ثيابَه، ويصنع طعامَهُ، ويمهِّد فراشَه، …” (الكافي2/169، الشَّيخ الكليني).

ز- “…، أنْ تبرَّ قَسَمَه، وتجيب دعوتَهُ، وتعود مريضَهُ، وتشهدُ جنازَتهُ، وإذا علمت أنَّ له حاجةً تبادر إلى قضائها، ولا تلجِئْه أنْ يَسْأَلَكَهَا، ولكن تبادره مباردةً، فإذا فعلت ذلك وصلت ولايتك بولايته، وولايَتهُ
بولايتك” (الكافي2/169، الشَّيخ الكليني).

* المرحلة المأزومة

أيُّها الأحبَّة، إنَّنا نعيش مرحلة مأزومة بالشِّعارات الطَّائفيَّة المجنونة، وبالخطابات المسعورة التي تمزِّق وحدَة المسلمين، وبالعصبيَّات التي تقتل المحبَّة والتَّسامح، وبالخلافات التي تزرع الفتن والعداوات!

فالمآلات مدمِّرة، ومرعبة، ومجنونة!
والأثمان باهظة، وكبيرة جدًّا جدًّا!
فهل يَستيقظ الوعْيُ في داخلنا حكَّامًا ومحكومين، طوائفَ ومذاهبَ، جماعاتٍ ومكوِّنات؟

وهل تتنبَّه الضَّمائر؟
وهل تصدق النَّوايا؟
وهل تتوحَّد الإرادات؟
وهل تنشط الهِمم؟
أوطاننا تستصرخنا!
مبادِئنا تستنهضنا!
أوجاعنا كبيرة!
آلامنا ثقيلة!
ويبقى الأمل أكبر.
وتبقى المحبَّة أوسع.
ويبقى التَّسامح أجمل.

* أحد صنَّاع الوحدة، والتَّقارب

1- حُلُول ذِكرى الرَّحيل
تمرُّ بنا هذه الأيَّام ذِكرى رحيل المرجع الدِّينيِّ الكبير، والمفكِّر البارز، وأحد أبرز قادة الأمَّة آية الله العظمى السَّيِّد محمَّد حسين فضل الله (قدِّس سرُّه)، ولا تملك كلمةً عاجلة أنْ تُعطي لهذا الإنسان العملاق بعضَ ما يستحقُّ، لكنَّه الوفاء لهذا الرَّمز الذي أعطى للأجيال الكثير الكثير، وتحمَّل أقسى المعاناة؛ من أجل (إنتاج الوعي الأصيل)، ومن أجل (التَّصدِّي) لكلِّ أشكال الزَّيف، والدَّجل، والانحراف، والعبث بمفاهيم الإسلام.

نعم، الوفاء لهذا الرَّمز الكبير يفرض أنْ نقول بعض كلمات.

وشخصيَّة في هذا الحجم تملك حضورًا استثنائيًّا على كلِّ المستويات – الفقهيَّة، والفكريَّة، والفلسفيَّة، والاقتصاديَّة، والثَّقافيَّة، والاجتماعيَّة، والسِّياسيَّة – يحتاج إلى (دراسات متخصِّصة)، وقد صدرت بعضُ هذه الدِّراسات، ولكنَّها لا زالت (كمًّا)، و(كيفًا) دون المستوى الذي تفرضه شخصيَّة في حجم شخصيَّة مرجع كبير، ومفكِّر عملاق في حجم السَّيِّد محمَّد حسين فضل الله (قدس سرُّه).

2- كلمة في ذِكرى الرَّحيل
وإذا كان لي أنْ أقول كلمة – والحديث عن (الوحدة، والتقَّارب) -، فإنَّ:
أ- أحد صنَّاع الوحدة في هذا العصر
المرجع الكبير آية الله العظمى السَّيِّد محمَّد حسين فضل الله (قدِّس سرًّه) أحد صنَّاع الوحدة والتَّقارب في هذا العصر الذي تزدحم فيه الصِّراعات، والخلافات، والعصبيَّات بكلِّ أشكالها الطَّائفيَّة، والمذهبيَّة، والاجتماعيَّة، والسِّياسيَّة.

ب- عنوان التَّوازنات في كلِّ الواقع الدِّينيِّ

فالمرجع السَّيِّد فضل الله (قدِّس سرًّه) كان عنوانًا لكلِّ التَّوازنات ليس على السَّاحة اللُّبنانيَّة فحسب، بل على السَّاحة العربيَّة، والإسلاميَّة، والدُّوليَّة!

وليس في الدَّاخل المذهبيِّ، بل في كلِّ الواقع الدِّينيِّ، والإسلاميِّ، والإنسانيِّ.

كلُّ الرَّحمة، والمغفرة، والرُّضوان للمرجع الكبير السَّيِّد محمَّد حسين فضل الله (رحمه الله تعالى)، ولكلِّ مراجع الأمَّة الذين أعطوا كلَّ وجودهم؛ من أجل حماية هذه المسيرة في خطِّ الهدى، والرَّشاد.

* أكفُّ الدُّعاء مرفوعة تسأل الشِّفاء للأب الكبير

وفي الختام:
نرفع أكفَّ الضَّراعةِ والدُّعاءِ، وبقلوب صادقة سائلين المولى القدير أنْ يمنَّ على الأب الكبير سماحة آيةِ الله الشَّيخ عيسى أحمد قاسم بوافر الصِّحَّةِ والعافيه، وألَّا يرينا فيه أيَّ سُوءٍ، ومكروهٍ.

فكلُّ القلوب تحتضنك يا أبا سامي.
وكلُّ الأرواح تذوب في حبِّك.
وكلُّ الألسن تلهج لك بالدِّعاء.

ونطمئن المؤمنين أنّ مسارات المتابعة لأوضاع سماحة الشيخ الصحية جارية ومستمرة بما تفرضه الحاجة والضرورة إنْ في الداخل أو في الخارج.

وآخر دعوانا أنْ الحمد للهِ ربِّ العالمين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى