حديث الجمعةشهر ربيع الأول

حديث الجمعة141:إغراء الجنس(2) -لماذا يا وزارة العدل؟-حادثة الشاخوري

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



تناولنا في الأسبوع الماضي شيئا من الحديث حول (إغراء الجنس)، وفي حديثنا هذا نحاول أن نعالج مجموعة ضوابط وضعها الإسلام لحماية (غريزة الجنس ) من الانزلاق والانفلات.


تنقسم هذه الضوابط إلى :
1. ضوابط داخلية
2. ضوابط خارجية


أولا: الضوابط الداخلية:
وتتمثل في تحصين الداخل عند الإنسان، هذا التحصين هو الأساس في حماية الإنسان من الانفلات والانحراف، وإذا لم يتحصن الداخل فسوف تفشل كل الضوابط الخارجية، وسوف  تنهزم كل التحصينات الظاهرية.
البناء الداخلي هو المنطلق لصوغ الشخصية الإيمانية، لا يمكن أن ينصنع الإنسان المتقي إذا لم تنصنع التقوى في داخله، الاستقامة الخارجية هي انعكاس عملي لتقوى القلب.
لا يمكن أن ينصنع الإنسان الخاشع إذا لم تنصنع التقوى في داخله، إن خشوع الجوارح انعكاس عملي لخشوع القلب (إذا خشع القلب خشعت الجوارح) وإلا كان خشوعا متصنعا متكلفا كاذبا.


من هنا نفهم أهمية توفر (الضوابط الداخلية لحماية ( غريزة الجنس) من الانزلاقات والانفلات وتتمثل هذه الضوابط الداخلية في صنع (المحتوى الروحي) ويتكون هذا المحتوى الروحي من بعدين مهمين


• البعد الإيماني: حب الله/ الخوف من الله / الطمع في ثواب الله / الحياء من الله
• البعد الأخلاقي: النقاء / الطهر
وهكذا تتشكل في داخل الإنسان:
1. الحياء الإيماني
2. والعفة الأخلاقية
معنى الحياء الإيماني والعفة الأخلاقية:
حالة نفسية تمنع الإنسان المؤمن من أي سلوك يتنافى مع ( الخلق الإيماني )  أو الشعور بالخجل في ممارسة أي عمل لا يرضي الله تعالى من هنا يتضح لنا المائز الكبير بين من يحمل حياء الإيمان، وعفة الأخلاق والآخرين الذين لا يحملون هذا الحياء و هذه العفة


الصنف الأول من الناس لا يمكن أن تصدر منهم أعمال منافية للقيم والأخلاق، ويستنكرون هذا اللون من الأعمال .


أما الصنف الثاني فتصدر منهم – وبكل سهوله – أعمال تتنافى مع القيم والأخلاق، ولا يستنكرون ذلك إذا صدر من غيرهم.


ومن الأمثلة الشاخصة ، ما حدث في بعض فعاليات مهرجان ربيع الثقافة، ما حدث من (مشاهد) في المسرحية المعروفة ، هذه المشاهد الفاضحة شكلت صدمة أخلاقية لكل من يحمل في داخله ( حياء الإيمان) و (عفة الأخلاق) وآخرون كانت لديهم صدمه معاكسة.


فقد صدم هذا البعض حينما سمع بوجود استنكار ورفض لهذه المشاهد التي يعتبرها فنا وإبداعا ، ونحن لا ننفي أن فن وإبداع إلا أنه فن هابط، وإبداع متخلف، فما أحوج أجيالنا الناشئة أن يصنع في داخلها (الحياء الإيماني)  و(العفة الأخلاقية).
و هنا أنبه أن الحياء الإيماني ليس هو ” ظاهرة الخجل” الذي يعاني منها بعض الناس في تعاملهم مع الآخرين.
الخجل هنا حالة نفسية تسبب للإنسان إن انغلاقا، وتهيبا، وانهزاما،بعض الناس يخجلون في الحديث مع الآخرين، يتهيبون المواقف.


ألوان  من الخجل المذموم:
1. الخجل في السؤال ( السؤال الديني / الثقافي / الاجتماعي / السياسي)
في الحديث:”إنما هلك الناس لأنهم لا يسألون”
ضرورة السؤال وأهميته:
السؤال أحد الروافد المهمة لبناء الوعي والثقافة ولتصحيح السلوك العبادي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي


2. الخجل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
” إن الله ليبغض المؤمن الضعيف الذي لا دين له، قيل : من المؤمن الضعيف الذي لا دين له؟ قال صلى الله عليه وآله: الذي لا يأمر بمعروف ولا ينهى عن المنكر.
3. الخجل في الالتزام بأحكام الدين


لماذا يا وزارة العدل والشؤون الإسلامية؟
في خطوة مفاجئة ألغت وزارة العدل والشؤون الإسلامية الاحتفال السنوي بذكرى المولد النبوي، لا أسباب غير معروفة.
وقد أثارت هذه الخطوة حالات من الاستياء الشديد لدى المواطنين، ولدى الكثير من علماء الدين، فيا ترى ما هي الأسباب والمبررات التي دفعت وزارة العدل والشؤون الإسلامية إلى الإقدام على هذه الخطوة لتلغي ظاهرة دينية ألفها أبناء البحرين سنة وشيعية من خلال الاحتفال السنوي بذكرى المولد النبوي؟


أقوى الاحتمالات في تفسير هذه الخطوة هو أن الوزارة واقعة تحت سيطرة وهمية تيار ديني يرى أن الاحتفال بالمناسبات الدينية بدعة محرمة في الإسلام.
وإذا صح هذا فهو مؤشر خطير حينما يحاول أحد التيارات أن يفرض قناعة على توجهات وزارة العدل والشؤون الإسلامية.
وأخشى ما نخشاه أن يتمادى هذا الاتجاه في فرض رؤاه وتصوراته في مساحات أخرى من ممارسات المواطنين الدينية.
مطلوب من الوزارة أن تعيد النظر في هذا القرار، وأن لا تخضع لهيمنة تيار لا يمثل إلا مساحة محدودة في الشارع البحريني.
أي بدعية محرمة في اجتماع يذكرنا برسول الله صلى الله عليه وآله؟
أي بدعية محرمة في اجتماع يذكرنا بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وآله، يذكرنا بعبادته، يذكرنا بروحانيته، يذكرنا بجهاده صلى الله عليه وآله؟
أي بدعية محرمة في اجتماع يذكرنا بتاريخ الرسالة، بمواقف الرسالة، بجهاد الرسالة؟
أي بدعية محرمة في اجتماع يذكرنا بقيم الإسلام ومبادئ الإسلام وانتصار الإسلام.
أي بدعية محرمة في اجتماع يدعونا إلى الوحدة والألفة والمحبة، ويحذرنا من الخلاف والشقاق والصراع والعداوات؟
أي بدعية محرمة في اجتماع يعالج قضايا الأمة وهمومها ومشكلاتها، ويحاسب كل أوضاعها الروحية والأخلاقية والثقافية والاجتماعية والسياسية؟
أي بدعية محرمة في اجتماع يذكرنا بأيام الله العظيمة.
جاء في قوله تعالى:”… وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ” سورة إبراهيم – آية 5
كل الأيام هي أيام الله، ولكن هناك أيام تمثل محطات ربانية،متميزة، تتجلى فيها فيوضات الرحمة الإلهية، أو تتجلى فيها مظاهر العذاب الإلهي، وهذه الأيام المتميزة بما تحمله من  الرحمة أو العذاب لجديرة أن تستعيدها ذاكرة أجيال البشرية، وهذه الاستعادة تعمق مستوى الارتباط بالله، وبرسالات الله وبأنبياء الله، وتصوغ الأجيال البشرية في هذا الخط الرباني المبارك


أيها الأحبة :
أنه من أعظم أيام الله المشحونة برحمة الله و فيوضاته وبركاته اليوم الذي ولد فيه أعظم أنبياء الله وسيد رسل الله، النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله، واليوم الذي بعث فيه خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وآله .
فلماذا لا نذكر الناس بتلك الرحمات والفياضات  الربانية في هذه الأيام العظمية، ما هي المشكلة في أن يكون أسلوب التذكير و أسلوب الإحياء لهذه المناسبات الربانية:
• احتفالا نتحدث فيه عن رسول الله صلى الله عليه وآله، وجاهده، وسيرته، وأخلاقه، ونتحدث فيه عن كل شؤون المسلمين
• مؤتمرا يعالج قضايا الفكر والثقافة والسياسية في ذكرى المولد النبوي
• محاضرات وندوات توجه وعي الأمة، وتصوغ حركتها من خلال معطيات الذكرى النبوية
• وهكذا


لا أريد هنا أن أتناول مفهوم البدعة، وكون الاحتفالات النظيفة الهادفة الملتزمة بعيدة كل البعد عن مفهوم البدعة، معالجة من هذا النوع في حاجة إلى دراسة فقهية متأنية، ليس هنا محلها


حادثة الشاب عباس الشاخوري:
أثارت  الحادثة قلقا شديدا، ودفعت بالكثير من التساؤلات والتكهنات والتفسيرات، ولن نسبق التحقيقات الجنائية في قراءة هذا الحادث وتفسيره سياسيا أو طائفيا أو أي تفسير آخر، فهذا متروك لأجهزة البحث والتحقيق الجنائية، ولا يجوز التسرع في إعطاء الرأي خشية أن تترتب على ذلك تداعيات غير محمودة، وانعكاسات مضرة بأوضاع البلد، ولكن ما نستطيع أن نقوله عاجلا أن هذا اللون من الحوادث ربما أنتج شعورا بالخوف  لدى المواطن بأن حياته في معرض الخطر في أي لحظة، ونتمنى أن لا يتحرك هذا الشعور عند أحد من المواطنين، وهذا يفرض على الأجهزة  المسؤوله أن تسرع في البحث والتحقيق وأن تضع النتائج بين يدي الناس، وأن ينال الجاني عقابه سريعا، أيا كان هذا الجاني، مطلوب  من السلطة أن تحمي أرواح المواطنين، وأن تطمئنهم بوجود الأمن والأمان في هذا البلد، وأما إذا سجل الحادث ضد مجهول وأغلق الملف، فالأمر جدا خطير، وله آثاره وتداعياته  الصعبة


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى