المعارف الأخلاقيةحديث السبتمحاضرات إسلاميةملف شهر رجبملف شهر رمضانملف شهر شعبان

الكلمة الثانية: كيف نعدُّ أنفسنا روحيًّا في رجب، وفي شعبان؟

هذه الكلمة للعلَّامة السَّيِّد عبد الله الغريفي، قد تمَّ بثُّها يوم السبت بتاريخ: (7 رجب 1442 هـ – الموافق 20 فبراير 2021 م)، وقد تمَّ تفريغها من تسجيل مرئيٍّ، وتنسيقها بما يتناسب وعرضها مكتوبةً للقارئ الكريم.

أعوذ بالله السَّميع العليم من الشَّيطان الغوي الرَّجيم
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأفضلُ الصَّلوات على سيِّدِ الأنبياء والمرسلين سيِّدنا، ونبيِّنا، وحبيبنا، وقائدنا محمَّدٍ، وعلى آلِهِ الطَّيِّبين الطَّاهرين.

عنوان الكلمة: كيف نعدُّ أنفسنا روحيًّا في رجب، وفي شعبان

شهر رجب، وشهر شعبان من المناسبات، ومن المحطَّات الرُّوحيَّة التي يتعبَّأ فيها الإنسان روحيًّا، والتَّعبئة الرُّوحيَّة تحتاج إلى إعداد.
1-من خلال هذين الشَّهرين – شهر رجب، وشهر شعبان – نتهيَّأ لاستقبال شهر الله الأعظم، شهر رمضان، فهو مرحلة تمهيديَّة، ومرحلة إعداد، لأنْ نكون ضيوفَ الله تعالى في شهر الله المبارك.
فمن خلال هذين الشَّهرين نتهيَّأ لاستقبال شهر الله الأعظم، وبقدر ما ننجح في استثمار رجب وشعبان، وبقدر ما نتعبَّأ روحيًّا فيهما نكون قد تهيَّأنا لاستقبال شهر الله المبارك.
إذا كان الاستثمار والاستنفار الرُّوحيَّان في شهر رجب، وفي شهر شعبان بدرجة قادرة، فإنَّه يهيِّئنا تهيئة صحيحة وحقيقيَّة لأنْ نعيش الضِّيافة الرَّبَّانيَّة في شهر رمضان المبارك.

2-السُّؤال المطروح: كيف نعدُّ أنفسنا روحيًّا في هذين الشَّهرين: رجب، وشعبان؟
كيف نعدُّ أنفسنا روحيًّا في هذين الشَّهرين؟
نحتاج إلى مجموعة معدَّات، ومجموعة استعدادات، ومجموعة فقرات.
أوَّلًا: البرمجة الواعية الهادفة
نبرمج أوقاتنا.
ونبرمج ممارساتنا العباديَّة.
ونبرمج برامج التَّعبئة الرُّوحيَّة.
غياب البرمجة يخسِّرنا الكثير من الاستثمار لهذه المناسبة العظيمة، مناسبة شهر رجب وشهر شعبان. إنَّ التَّعامل العشوائيَّ المنفلت غير المبرمج يضيع الكثير من معطيات هذين الشَّهرين.
حتَّى نحقِّق الأهداف الكبيرة من معطيات هذين الشَّهرين، نحتاج أنْ نبرمج وقتنا، ونبرمج قدراتنا، ونبرمج تعاملنا مع هذين الشَّهرين.
وبقدر ما تكون البرمجة واعية، وبقدر ما تكون البرمجة رشيدة، وبقدر ما تكون البرمجة شاملة، نحقِّق أهدافًا كبيرة.
إنَّنا لا نتعاطى مع هذا الموسم التِّجاري مع الله تعالى بشكل عفويٍّ، وبشكل انفلاتيٍّ، وبشكل لا مبالاة، لا!
وإنَّما نبرمج، ونمنهج، نأخذ ورقة وقلمًا، ونضع برمجةً يوميَّة، وبرمجة أسبوعيَّة، وبرمجة شهريَّة.
هذه برمجة تستطيع أنْ تنهض بقدراتنا، وبطاقاتنا، وباستثماراتنا الحقيقيَّة لهذا الشَّهر.
هذه النقطة الأولى، لكي نعدَّ أنفسنا روحيًّا في هذين الشَّهرين.

ثانيًا: التَّهيُّؤ الرُّوحيُّ
إنَّني لا أستطيع أنْ أستفيد روحيًّا من شهر رجب ومن شهر شعبان إذا لم أعِدَّ نفسي روحيًّا.
إنَّ الرُّوح تحتاج لإعداد حتَّى تنمو، حتَّى تكبر، حتَّى تنشط، حتَّى تعرج.
تحتاج لإعداد.
أنْ نعدَّ الرُّوح.
فبقدر ما نمنهج لإعداد الرُّوح ننجح في صياغتها في الآفاق الرَّبَّانيَّة الكبيرة في هذين الشَّهرين.

السُّؤال: ما معنى أنْ نهيِّئ أرواحنا، أنْ نعدَّ أرواحنا؟
أعني بذلك:
1-خلوص النِّيَّة
نطهِّر النَّوايا، فبقدر ما تكون النَّوايا خالصة يكون الإعداد الرُّوحيُّ ناجحًا.
خلوص النِّيَّة.
صدق النِّيَّة.
حُبُّ الله تعالى.
الخوف من الله سبحانه.
الحياء من الله (عزَّ وجلَّ).
الطَّمع في ثواب الله تعالى.
هذا غسيل للنِّيَّة.
هذا صنع للنِّيَّة.
إذن، التَّهيُّؤ الرُّوحيُّ يعني خلوصَ النِّيَّة.

2- تنقية القلب من الشَّوائب والتَّلوُّثات
التَّهيُّؤ الرُّوحيُّ يعني تنقية القلب من الشَّوائب والتَّلوُّثات.
نغسل القلب من الأدران.
من الأوساخ القَذِرة.
من الغشِّ.
من الخداع.
من النِّفاق.
من الشَّحناء.
من البغضاء.
هذه عمليَّة تنقيَّة، تنقية للقلب.
كما ننقي النِّيِّة فنحن بحاجة من أجل الإعداد الرُّوحيِّ أنْ ننقِّي القلب من الشَّوائب.

3- اجتناب أَكْل الحرام، والمشتبه بالحرام
يجب من أجل التَّهيئة الرُّوحيَّة اجتناب أَكْل الحرام، والمشتبه بالحرام
هذا كثير ما يلوِّث الرُّوح.
فاللُّقمة الحرام، واللُّقمة المشتبهة بالحرام تلوِّث الرُّوح.
وتلوِّث القلب.
وتلوِّث السُّلوك.
وتلوِّث العبادة.
فمن أجل أنْ نرتقي بالحالة الرُّوحيَّة نحتاج أنْ نَحْذَر من كلِّ لقمة حرام، أو لقمة مشتبهة بالحرام.

4-اجتناب المعاصي، والذُّنوب
لا يكون الإنسان مهيَّأً روحيًّا وهو يكذب، وهو يغتاب، وهو يمارس الحرام.
كيف يرتقي روحيًّا وهو ملوَّث بالكثير من التَّلوُّثات الرُّوحيَّة؟
اجتناب المعاصي.
الإنسان لا يتوفَّق للطَّاعة الرُّوحيَّة إذا كان مقيَّدًا بالمعاصي.
«جاء رجل إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه)، فقال: يا أمير المؤمنين، إنِّي قد حُرمت الصَّلاة بالَّليل!
فقال أمير المؤمنين (عليه السَّلام): أنت رجل قد قيَّدتك ذنوبك» (الكافي 3/450، الشَّيخ الكليني).
يأتي رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السَّلام) يقول: «يا أمير المؤمنين»، أنا مشتاق أنْ أصلِّي صلاة اللَّيل، لكنَّني غير متوفِّق لصلاة اللَّيل.
فما الذي أجابه أمير المؤمنين (عليه السَّلام)؟
أجابه بقوله: «أنت رجل قد قيَّدتك ذنوبك».
الذُّنوب والمعاصي لا تجعل الإنسان متوفِّقًا لهذه الحالة من العروج الرُّوحيِّ، ومن الالتقاء الرُّوحيِّ في جوف اللَّيل، «أنت رجل قد قيَّدتك ذنوبك».
وفي الحديث: «كيف يجد لذَّة العبادة مَن لا يصوم عن الهوى» (عيون الحكم والمواعظ، الصَّفحة 384، علي بن محمَّد الليثي الواسطي).
إذن، عندنا البرمجة.
وعندنا التَّهيُّؤ الرُّوحيُّ.
وعندنا المراقبة، والمحاسبة.

ثالثًا: المشارطة، والمراقبة، والمحاسبة
النقطة الثَّالثة في إعدادنا روحيًّا في هذين الشَّهرين: المشارطة، والمراقبة، والمحاسبة.
1-المشارطة
2-المراقبة
3-المحاسبة
ما معنى المشارطة؟
مع بداية كلِّ يوم الإنسان يبدأ حوارًا مع نفسه!
يستيقظ صباحًا يضع له جلسة خاصَّة مع النَّفس.
يبدأ يشارط على نفسه: يا نفس، يا نفس، يا نفس!
هنا الحديث مع النَّفس.
هنا توجيه النَّفس.
هنا التَّهيئة لمسار اليوم مع النَّفس.
هذه يُسمِّيها علماء الأخلاق: المشارطة.
وأثناء حركة الإنسان اليوميَّة هناك مراقبة.
يحتاج أنْ يراقب سلوكه، وأفعاله، وكلماته، هذه مراقبة.
في نهاية اليوم هناك محاسبة.
جلسة محاسبة.
ماذا صنعتُ خلال هذا اليوم؟، ولذلك في الحديث: «حاسبوا أنفسكم قبل أنْ تحاسبوا، وَزِنُوها قبل أنْ توزنوا، …» (وسائل الشيعة 16/99، الحر العاملي).
وآخر دعوانا أنْ الحمد لله ربِّ العالمين.
والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى