حديث الجمعةشهر ربيع الثاني

حديث الجمعة 527: التَّكبُّر، والاستكبار ونتائجهما المدمِّرة

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأفضلُ الصَّلواتِ على سيِّدِ الأنبياءِ والمرسلين محمَّدٍ، وعلى آلِهِ الهُداةِ الميامين.
التَّكبُّر، والاستكبار ونتائجهما المدمِّرة
وبعد:
1- فقد قال الله تعالى: ﴿قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ﴾. (سورة الزمر: الآية 72).
لا توجد خصلة أشدُّ فَتْكًا بأوضاع الحياة، وبأوضاع الإنسان من خصلة (التَّكبُّر).
ولا توجد معصية أقسى عذابًا من معصية (التَّكبُّر).
2- نقرأ في سورة الزُّمر قوله تعالى: ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا …﴾. (سورة الزمر: الآية73).
فجهنَّم – المستجار منها – لها أبواب!، وقد نظمت حسب أعمال الإنسان، وكلُّ مجموعة من الكفَّار، والعصاة تدخل من باب خاصٍّ يتناسب مع أعمالهم.
ويظهر من النَّصِّ القرآنيِّ أنَّ هذه الأبواب كانت مغلقة قبل سَوْق الكفَّار، والعُصاة، وتفتح فجأةً حينما يَرِد هؤلاء الكفَّار، والعصاة: ﴿… حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا …﴾. (سورة الزمر: الآية 72).
وهذا (الفتح المفاجِئ) يُحدِث رعبًا في قلوب هؤلاء.
ونلاحظ أنَّ هذه الآيات من سورة (الزُّمَر) تحدَّثت عن وجود أبواب لجهنَّم.
إلَّا أنَّها لم تُسَمِّ إلَّا أبواب (المتكبِّرين).
﴿قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ﴾. (سورة الزمر: الآية 72).
وهذا يحمل دلالةً كبيرةً على خطورة (التَّكبُّر، والاستكبار)، وهو السَّبب الأساس الذي قاد هؤلاءِ العُصاةِ إلى دخول أبوابِ جهنَّم.
نحاول في حديث اللَّيلة تناول بعض عناوين تتَّصل بهذه الخصلة الخطيرة جدًّا، والتي لها نتائجها المدمِّرة في الدُّنيا، والآخرة.
معنى التَّكبُّر
(التَّكبُّر): الشُّعور بالاستعلاء، ورؤية النَّفس أكبر من الآخرين!
أو ما يعبَّر عنه بـ: انتفاخ الشَّخصيَّة!
وأسوأ أنواع التَّكبُّر هو (التَّكبر على الله تعالى)!، ويعني الامتناع من قَبول الحقِّ، ومن الإذعان لله سبحانه بالعبادة.
وأوَّل مَن تكبَّر على الله سبحانه وتعالى هو (إبليس) حينما رفض السُّجود لآدم (عليه السَّلام)، فـ:
1- قال تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾. (سورة البقرة: الآية34)
2- قال النَّبيُّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «إيَّاكم والكبر، فإنَّ إبليس حَمَلَه الكبر على أن لا يسجد لآدم». (ميزان الحكمة3/2650، محمَّد الريشهري).
3- وقال أمير المؤمنين (عليه السَّلام): «فاعتبروا بما كان من فعل الله بإبليس، إذ أحبط عمله الطَّويل، وجهده الجهيد، …، وكان قد عَبَد الله ستَّة آلاف سنة، لا يدري أَمن سِنِيِّ الدُّنيا، أم من سِنِيِّ الآخرة عن كِبرِ ساعةٍ واحدة». (ميزان الحكمة2/1450، محمَّد الريشهري).
* بعض تطبيقات الاستعلاء على النَّاس
وأمَّا (التَّكبُّر) بمعنى: الاستعلاء على النَّاس، فهذه بعض تطبيقاته:
التَّطبيق الأوَّل: تحقير الغير، وازدراؤه، والاستهزاء به، كَونه أقلَّ مالًا، أو علمًا، أو مَوقعًا
فالمتكبِّر ينظر إلى الآخرين نظرة احتقار، وازدراء، واستهزاء، لأنَّه يرى نفسه أكبر من كلِّ الَّذين حوله، وأنَّه يراهم صغارًا، لا يستحقُّون الاحترام.
1- قال تعالى: ﴿… لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ …﴾. (سورة الحجرات: الآية11).
فكلُّ إنسان له احترامُهُ، وليس من حقِّ أحدٍ أنْ يسيئ إليه، فينال من كرامته، ويُؤْذِي مشاعره بكلمةٍ، أو بممارسةٍ، ومهما كان موقع هذا الإنسان الاجتماعيُّ صغيرًا، فقد يملك من القِيَم والمواصفات ما لا يملكه أصحاب المواقع الكبيرة، وربما يملك من المنزلة عند الله تعالى ما لا يملكه أصحاب العناوين البارزة.
2- في الكلمة عن الإمام الصَّادق (عليه السَّلام): «مَن حقَّر مؤمنًا مسكينًا، أو غير مسكين لم يزل الله حاقرًا له، ماقتًا حتَّى يرجع عن محقَّرتِهِ إيَّاه». (ميزان الحكمة3/2447، محمَّد الريشهري).
3- وفي كلمة أخرى له (عليه السَّلام): «مَن استذلَّ مؤمنًا، واستحقره لقلَّة ذات يدِهِ، ولفقره شهره الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق». (روضة المتقين في شرح ما لا يحضره الفقيه9/284، محمد تقي المجلسي – الأوَّل).
التَّطبيق الثَّاني: التَّرفُّع عن مجالسةِ الغير، ومؤاكلتِه، ومصاحبتِه، ومرافقتِه
بعض الذين يعيشون تكبُّرًا، و(استعلاءً) يحملون عقدةً في مجالسة مَن يَرونهم أقلَّ شأنًا منهم، وأهبط موقعًا، وعقدةً في مؤاكلتهم، ومصاحبتهم، ومرافقتهم.
هكذا يصنع الغرور، والشُّعور بانتفاخ الشَّخصيَّة، وتضخُّم الإحساس بـ(الأنا)!
فأنا العالم الكبير: كيف أجالس، وأرافق، وأصاحب، وأُؤاكل مَن هم صغار في علمهم؟!
وأنا الغنيُّ الكبير: كيف أجالس، وأرافق، وأصاحب، وأُؤاكل مَن هم صغار في أموالهم؟!
وأنا الوجيه الكبير: كيف أجالس، وأرافق، وأصاحب، وأؤاكل مَن هم صغار في مواقعهم الاجتماعيَّة؟!
•«إنَّه مرَّ الحسن [الإمام] الإمام الحسن بن عليٍّ [المجتبى] (عليه السَّلام) على [جماعة] فقراء، وقد وضعوا على الأرض كُسَيْرات وهم قعود يلتقطونها، ويأكلونها، فقالوا له: هلمَّ يا ابن بنت رسول إلى الغذا!
فنزل (عليه السَّلام)، وقال: إنَّ الله ﴿… لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ﴾ (سورة النَّحل: الآية23)، وجعل يأكل معهم حتَّى اكْتَفَوا، والزَّاد على حاله ببركته!
ثمَّ دعاهم إلى ضيافته، وأطعمهم، وكساهم، …». (مناقب آل أبي طالب3/187، ابن شهر آشوب).
التَّطبيق الثَّالث: انتظار الغير أنْ يسلِّم عليه، أو يقوم له!
هذا مظهر من مظاهر التَّكبُّر، والاستعلاء، فيرى هؤلاء الذين يحملون (تكبُّرًا، وتعاليًا، وانتفاخًا) في شخصيَّاتهم، أنَّ مقامهم لا يسمح لهم أنْ يبادروا الآخرين بالسَّلام، والاحترام، لأنَّ الآخرين أقلُّ شأنًا، ومقامًا منهم، فالمطلوب من هؤلاء أنْ يبدأوهم بمراسيم الاحترام، والتَّقدير!
في حين أكَّدت خطابات الدِّين على أنَّ المبادرة بالسَّلام، والتَّحيَّة هي الأقرب، والأفضل عند الله سبحانه وتعالى.
1- قال (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «إنَّ أولى النَّاس بالله، وبرسوله مَن بدأ بالسَّلام». (ميزان الحكمة2/1349، محمَّد الريشهري).
2- وقال (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «أطوعكم لله الذي يبدأ صاحبه بالسَّلام». (ميزان الحكمة2/1349، محمَّد الريشهري).
3- وقال (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «البادئ بالسَّلام بريئٌ من الكبر». ( كنز العمال9/62، المتقي الهندي).
4- وقال أمير المؤمنين (عليه السَّلام): «السَّلام سبعون حسنة: تسعة وستُّون للمبتدِي، وواحدة للرَّادِّ». (ميزان الحكمة2/1349، محمَّد الريشهري).
نعم، حسبما جاء في بعض الرِّوايات لا يُسلَّم على:
أ- السَّكْران في سكره!
ب- موائد شراب الخمر!
ج- عَبَدَة الأوثان!
د- مَن يلعب القمار!
هـ- الشَّاعر الذي يقذِف المحصنات!
و- آكل الرِّبا!
ز- مَن يعمل التَّماثيل!
ح- الفاسق المُعلِن بفسقه!
التَّطبيق الرَّابع: الاستنكاف من وعظ الغير، ونصيحته
وهذه واحدة من أخطر مظاهر التَّكبُّر، والتَّعالي!
فالمتكبِّر يدفعه تكبُّرُه على أنْ يرفض أيَّ نصيحة ما دامت قد جاءت مِن أُناسٍ هم في منظوره أقلُّ شأنًا منه، وأقلُّ مقامًا، وجَاهًا، ومالًا، وعِلمًا، وحَسَبًا، ونَسَبًا!
وهو يعلم كلَّ العلم أنَّ هذه النَّصيحة صائبة كلُّ الصَّواب، وصادقةٌ كلُّ الصِّدق.
هكذا يُعمِى التَّكبُّر أصحابَه، ويقودهم إلى (العِناد)، و (الإصرار) على (الباطل).
وهكذا لا ينتفع هؤلاء بالنَّصيحة، ممَّا يجعلهم مصداقًا:
•لقول نبيِّ الله نوح (عليه السَّلام) حينما خاطب قومه: ﴿وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ …﴾ (سورة هود: الآية3.4)
فرغم ما استخدمه نبيُّ الله نوح (عليه السَّلام) من ترغيب، وترهيب إلَّا أنَّ هؤلاء أصرُّوا على الجحود، والتَّمرُّد استكبارًا، وعنادًا!
•وقوله: ﴿… كَانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ …﴾ (سورة هود: الآية34)، لا تعني أنَّ هؤلاء مجبورين على الغواية، والضَّلال، وإنَّما تعني أنَّ الله تعالى قد جعل للهداية والغواية أسبابًا، فإذا مارس الإنسان أسباب الهداية اهتدى، وإذا مارس أسباب الغواية غوى.
فقوم نوح (عليه السَّلام) قد مارسوا الجحود، والتَّمرُّد، وتهرَّبوا من الحوار؛ ممَّا جعل الغواية نتيجة طبيعيَّة لذلك.
* سماع النَّصيحة!
أيُّها الأحبَّة، حَذَارِ حَذَارِ أنْ يصمَّ أحدٌ أُذُنيه عن سماع النَّصيحة، خشية أنْ يكون مصيره الغواية، والضَّلال!، فـ:
1- في الكلمة عن أمير المؤمنين (عليه السَّلام): «اسمعوا النَّصيحة ممَّن أهداها إليكم، واعقلوها على أنفسكم». (ميزان الحكمة4/3281، محمَّد الريشهري).
2- وفي كلمة أخرى قال (عليه السَّلام): «طوبى لمَن أطاع ناصحًا يهديه، وتجنَّب غاويًا يُرْدِيه». (ميزان الحكمة4/3281، محمَّد الريشهري).
3- وفي كلمة ثالثة قال (عليه السَّلام): «لا خيرَ في قومٍ ليسوا بناصحين، ولا يحبُّون النَّاصحين». (ميزان الحكمة4/3281، محمَّد الريشهري).
4- وفي كلمة للإمام الباقر (عليه السَّلام)، قال: «اتَّبعْ مَنْ يُبْكيكَ وهو لك ناصحٌ، ولا تتَّبع مَنْ يُضْحِكُكَ وهو لك غاشٌّ». (ميزان الحكمة2/1527، محمَّد الريشهري).
التَّطبيق الخامس: الخيلاء في الحديث، وفي المشي، وفي اللِّباس
هكذا يصنع التَّكبر (انتفاخًا في السُّلوك)!
1- الخيلاء في الحديث
المتكبِّر حينما يتحدَّث مع الآخرين يتحدَّث بكبرياءَ وغرورٍ فيما هي الأفكار التي يطرحها، وفيما هي (النَّبرات الصَّوتيَّة) التي يستخدمها، فهو يرى أنَّ رأيه هو الأعلى، وأنَّ لغته هي الأرقى، وربَّما تجاوز (آداب الحديث) فيما هي نظرته الاحتقاريَّة، وفيما هي مفرداته السَّيِّئة، هكذا يصنع التَّكبر، وتصنع الخيلاء!
أ- يقول الله تعالى في: (سورة البقرة: الآية83): ﴿… وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا …﴾.
ب- ويقول تعالى في: (سورة الأحزاب: الآية70): ﴿… وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾.
فالكلمة الحَسَنةُ، والكلمة السَّديدة، والأسلوب الجميل، واللُّغة المتواضعة عناوين قادرة على أنْ تصنع الانفتاح، وقادرة على أنْ تؤثِّر، بخلاف الكلمة السَّيِّئة، والكلمة الطَّائشة، والأسلوب القبيح، واللُّغة المتعالية، فهي عناوين تؤزِّم العلاقات، وتفقد القدرة على التَّأثير.
•جاء عن الإمام الباقر (عليه السَّلام) في تفسير قوله تعالى: ﴿… وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا …﴾ (سورة البقرة: الآية83): «قولوا للنَّاس أحسن ما تحبُّون أنْ يقال لكم، فإنَّ الله (عزَّ وجلَّ) يبغض السَّبَّاب الطَّعَّان على المؤمنين، …». (ميزان الحكمة3/2376، محمَّد الريشهري).
2- الخيلاء في المشي
مظهر بارز من مظاهر (التَّكبُّر)!
فالمتكبِّر يأخذه الزَّهو، والغرور، والانتفاخ الموهوم، فيتحوَّل مشيُه على الأرض حركةً استعراضيَّةً نَزِقَة، فاقده للهدوء، والتَّوازن.
جاء في وصيَّة لقمان لابنه – كما ذَكَر ذلك القرآن الكريم -:
أ- ﴿وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا …﴾ (سورة لقمان: الآية18) مشية الخُيلاء، والاستعلاء، والتَّكبُّر.
ب- ﴿… إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ (سورة لقمان: الآية18)، فالاختيال عنوان للتَّكبُّر والتَّجبُّر، والله لا يحبُّ المتكبِّرين المتجبِّرين!
ج- ﴿وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ …﴾ (سورة لقمان: الآية19)، مطلوب من الإنسان أنْ يعتدِل في طريقة المشي، لا أنْ يتحرَّك بطريقة استعراضيَّة تستهدف شدَّ انتباه الآخرين!
3- الخيلاء في اللِّباس
مطلوب أنْ يتمظهر الإنسان بمظهر الجمال، والحسن في شكله، وفي لباسه.
أ- قال تعالى في: (سورة الأعراف: الآية31): ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ …﴾.
ب- كان الإمام الحسن بن علي (عليه السَّلام) «أنَّه إذا قام إلى الصَّلاة لبس أجود ثيابه!
فقيل له: يا ابن رسول الله، لم تلبس أجود ثيابك؟
فقال (عليه السَّلام): «إنَّ الله تعالى جميل يحبُّ الجمال، فأتجمَّل لربِّي وهو يقول: ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ …﴾ (سورة الأعراف: الآية31)، فأحبُّ أنْ ألبس أجود ثيابي» (وسائل الشِّيعة4/455، الحر العاملي).
ج- وجاء عن الإمام الصَّادق (عليه السَّلام): «إنَّ الله يحبُّ الجمال، والتَّجمُّل، ويبغض البؤس والتَّباؤس، فإنَّ الله إذا أنعم على عبده بنعمة أحبَّ أنْ يَرى عليه أثرها.
قيل: كيف ذلك؟
قال: ينظِّف ثوبه، ويطيب ريحه، ويجصِّص داره، ويكنس أفنيته، حتىَّ أنَّ السِّراج قبل مغيب الشَّمس ينفي الفقر، ويزيد في الرِّزق». (ميزان الحكمة4/3317، محمَّد الريشهري).
د- وروي أنَّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أبصرَ رجلًا شعثًا شَعْر رأسه، وسِخَة ثيابه، سيِّئة حاله، فقال (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «من الدِّين المتعة، …». (ميزان الحكمة4/3302، محمَّد الريشهري).
وإذا كان الدِّين يدعو إلى التَّجمُّل، والتَّزيُّن في اللِّباس، فإنَّه يُحذِّر تحذيرًا شديدًا من أنْ يتحوَّل (اللِّباس) عنوانًا للتَّكبُّر، والزَّهو، والخيلاء، والمباهاة.
هـ- قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «مَن لبس ثوبًا يباهي به؛ ليراه النَّاس لم ينظر الله إليه حتَّى ينزعه». (ميزان الحكمة4/2766، محمَّد الريشهري).
و- عنه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «مَن أخذ يلبس ثوبًا؛ ليباهي به؛ لينظر النَّاس إليه لم ينظر الله إليه حتَّى ينزعه». (ميزان الحكمة4/2766، محمَّد الريشهري).
ز- وقال (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «مَن لبس مشهورًا من الثِّياب أعرض الله عنه يوم القيامة». (ميزان الحكمة4/2766، محمَّد الريشهري).
التَّطبيق السَّادس: الاستعلاء، والظُّلم، والتَّجبُّر
إذا كان للتَّكبر (منتجات خطيرة جدًّا) – أشرنا إلى نماذج منها -، فإنَّ الأخطر من هذه المنتجات هو: الاستعلاء، والظُّلم، والتَّجبُّر، فالمتكبِّرون يعيشون استعلاءً على الآخرين.
ماذا يعني الاستعلاء؟
الاستعلاء شعورٌ بالفَوقيَّة!
والاستعلاء إحساسٌ بِدُونيَّة الآخرين!
وماذا يترتَّب على هذا الشُّعور؟، وهذا الإحساس؟
تتشكَّل لدى الإنسان المتكبر (حالة التَّجبُّر) فيما تعنيه هذه الحالة من تمرُّد على (القِيم، والمُثُل، والمبادئ).
وهكذا يتأسَّس (الظُّلم، والطُّغيان) في كلِّ مواقع الحياة، بدءًا من مواقع الأُسرة، ومرورًا بالمواقع الاجتماعيَّة، وانتهاء بكلِّ المواقع الكبيرة.
تكبُّر  استعلاء  تجبُّر  ظلم، وطغيان!
1- ﴿… فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ﴾. (سورة الأعراف: الآية133).
فالتَّكبُّر يقود إلى الجريمة!
2- ﴿… لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا﴾. (الفرقان: الآية٢١)
﴿… وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا﴾: طغوا طغيانًا عظيمًا.
فالتَّكبُّر يقود إلى التَّجبُّر، والطُّغيان.
3- ﴿… فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ﴾. (سورة النَّحل: الآية٢٩).
4- ﴿… أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ﴾. (سورة الزمر: الآية٦٠).
5- ﴿… ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ﴾. (سورة الزمر: الآية٧٢).
هذا هو مصير التَّكبُّر، والمتكبِّرين!
6- في الحديث القدسيِّ يقول الله (جلَّ وعلا): «الكبرياء ردائي!
والعظمة إزاري!
فمَن نازعني واحدًا منهما أَلقيته في النَّار». (ميزان الحكمة3/2652، محمَّد الريشهري).
عصمنا الله تعالى من الزَّيغ، والتِّيه، والطُّغيان.
وجَعَلنا من المتواضعين له سبحانه، ولعباده الَّذين أَمرنا بالتَّواضع لهم.
وآخر دعونا أن الحمد لله ربِّ العالمين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى