حديث الجمعةشهر ربيع الثاني

حديث الجمعة114:غيبة الإمام المهدي المنتظر(الحلقة الرابعة): مهام النواب الأربعة(السفراء) في عصر الغيبة الصغرى-من سيرة الشهيد السيد محمد باقر الصدر(الحلقة الرابعة): كيف تحدى الشهيد الس

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


هذه بعض عناوين يتناولها حديث الليلة:
 غيبة الإمام المهدي المنتظر(الحلقة الرابعة): مهام النواب الأربعة(السفراء) في عصر الغيبة الصغرى
 من سيرة الشهيد السيد محمد باقر الصدر(الحلقة الرابعة): كيف تحدى الشهيد السيد محمد باقر الصدر مساومات النظام؟


العنوان الأول: مهام النواب الأربعة(السفراء) في عصر الغيبة الصغرى:
في مرحلة الغيبة الصغرى(260هـ ــــــ 329هـ) كان النواب الأربعة(السفراء)الذين عينهم الإمام المهدي المنتظر عليه السلام يمارسون مجموعة مهام، من أبرزها:


المهمة الأولى:
المساهمة الفاعلة في إنجاز “مشروع الغيبة” من خلال الدقة المتناهية في التعاطي مع هذا المشروع، بما يفرضه هذا التعاطي من قدرة فائقة جدا في ممارسة”السرية والكتمان” وفي “النظامية” المحكمة، ولعل اختيار هؤلاء النواب الأربعة من قبل الإمام المهدي عليه السلام دون سواهم من أصحاب الكفاءات العلمية والمتميزة وهم كثر في تلك المرحلة بسبب ما يملكه هؤلاء النواب من قدرات كبيرة جدا في الالتزام بـ”السرية والكتمان” والمحافظة على “نظامية الإيصال” إلى جانب ما توفروا عليه من كفاءات علمية، واستعدادات روحية ونفسية، ومستويات سلوكية.


المهمة الثانية:
تسلم”التوقيعات” الصادرة من الإمام المهدي عليه السلام، وإيصالها إلى “القاعدة الشعبية” المنتمية إلى مدرسة الأئمة عليهم السلام وتتضمن هذه التوقيعات عادة”:
1. الأحكام والفتاوى الصادرة من الإمام عليه السلام.
2. الأوامر والتوجيهات التنظيمية
3. التوثيقات وتعين الوكلاء
4. حل المشكلات التي تواجه أتباع المدرسة
5. التصدي لكل الأخطار التي تهدد الواقع الإسلامي العام.


المهمة الثالثة:
المهمة المالية، وتتمثل في ما يلي:
1. قبض الأموال(الزكوات والأخماس وغيرها) وإيصالها إلى الإمام عله السلام، وقد اعتمد “النواب” أساليب متناهية في “السرية والخفاء” لخطورة”المسألة المالية” في حسابات السلطة الحاكمة، ولعل اختيار هؤلاء (النواب) في أحد أسبابه، كونهم لا يحملون عناوين واضحة في الواقع الاجتماعي العام، مما لا يثير انتباه أجهزة الأمن التابعة لمؤسسات السلطة.
2. توظيف المال – وبإجازة الإمام عليه السلام وتوجيهاته – في خدمة كل قضايا الناس الدينية والاجتماعية والمعيشية، بالطريقة التي لا تتنافى متطلبات المرحلة فيما تفرضه من سرية وكتمان لحركة “الغيبة:، وشؤون “النيابة وأوضاع “الأتباع.


المهمة الرابعة:
تنظيم شؤون “الوكلاء” الذين يمثلون “الامتداد القيادي” في حركة ” الإمامة” على كل المستويات الفكرية والروحية والاجتماعية والسياسية، ويعبر عن هذه المهمة في عمل السفراء:
1. تعيين “الوكلاء” حسب الأوامر الصادرة من الإمام نفسه، عبر السفراء أو بالشكل المباشر أحيانا.
2. النائب الخص”السفير” يشكل “الحلقة الواصلة” بين “الإمام” و”الوكلاء” وفق الصيغة الهيكلية لمرحلة الغيبة الصغرى إلا أن تفرض الظروف الاستثنائية خلاف ذلك.
3. التصدي لحالات “الادعاء الكاذب” فيما هي النوازع الذاتية المنفلتة، والأطماع الشخصية، مما يدفع البض إلى محاولات الاختراق لموقع “النيابة والوكالة”.


المهمة الخامسة:
الإشراف العام على “الواقع الشيعي” المنتمي إلى مدرسة الأئمة من أهل البيت عليهم السلام، وتتمثل هذه المهمة في الممارسات التالية:
1. التوجيه الفكري والثقافي والروحي والأخلاقي والفقهي.
2. حماية الواقع الاجتماعي والسياسي.
3. التصدي لكل الانحرافات الطارئة.
4. قضاء الحوائج وحل المشكلات وحسم الخلافات.


نتابع الحديث في اللقاء القادم إن شاء الله تعالى.


العنوان الثاني: كيف تحدى الشهيد السيد محمد باقر الصدر مساومات النظام؟
كما هو دأب الأنظمة المتسلطة تحاول دائما أن تشتري الذمم والضمائر وتقدم من أجل ذلك عروضا مغرية، وخاصة إذا كان الأمر يتعلق برموز وقيادات وشخصيات كبيرة، فالكثيرون يسقطون أمام الإغراءات والمساومات، ولكن أصحاب المبادىء والذين يحملون صلابة الإيمان وعنفوان العقيدة يهزأون بكل الإغراءات ويتحدون كل المساومات ويفشلون كل أطماع الأنظمة.
حاول النظام المتسلط في العراق أن يمارس هذه اللعبة ، لعبة الإغراءات والمساومات مع الشهيد السيد محمد باقر الصدر، إلا أن كل محاولات النظام باءات بالخيبة والفشل، وتحطمت على صخرة إيمان الشهيد الصدر رضوان الله عليه، وهو الذي استمد صلابته من صلابة جده المصطفى صلى الله عليه واله حيث قال”والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر ي شمالي على أن اترك هذا الأمر ما تركته أو اهلك دونه”، وهو الذي استمد عنفوان من عنفوان جده الإمام الحسين عليه السلام حيث قال:” والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الدليل، ولا اقر إقرار العبيد”.


جاء مبعوث النظام إلى الشهيد الصدر وقال له: لأجل حل المشكلة وضعت القيادة شروطا، فإذا استجبت لها فسوف تنتهي هذه الأزمة.
السيد الصدر: وما هي الشروط؟
قال مبعوث النظام: الشروط:
1. عدم تأييد الثورة الإسلامية في إيران
2. إصدار فتوى خطية تعلن فيها حرمة الانتماء إلى حزب الدعوة الإسلامي.
3. إصدار بيان يشجب الوفود التي جاءت لتأييدكم في رجب.
4. التخلي عن فتواكم حول حرمة الانتماء لحزب البعث.
5. إصدار بيان تؤيد فيه السلطة.


قال السيد الصدر: وإذا لم استجب لهذه المطالب؟
قال المبعوث: الإعدام.
قال السيد الصدر:تفضل… أنا الآن مستعد للذهاب معك إلى بغداد لتنفيذ حكم الإعدام… بقي مبعوث النظام مذهولا متحيرا.
ثم قال: هذا هو الجواب الأخير؟
قال السيد الصدر: نعم لا جواب آخر عندي.
قال المبعوث: ألا تفكر بالأمر؟
قال السيد الصدر: لا فائدة.
ـ انتهى اللقاء ـ وفشلت محاولات النظام، وكان السيد الصدر في تلك الأيام يردد هذا الدعاء:”اللهم إني أسالك بحق محمد وآل محمد أن ترزقني الشهادة وأنت راض عني، اللهم انك تعلم أني ما فعلت ذلك طلبا للدنيا، وإنما أردت به رضاك، وخدمة دينك، اللهم ألحقني بالنبيين والأئمة والصادقين والشهداء وأرحني من عناء الدنيا”.
وجرت مع الشهيد الصدر محاولات أخير قبيل إعدامه، بهدف أقناعه بالتراجع عن موقفة، ذكر هذه المحاولات جعفر الحسيني في مقال له بعنوان (هكذا قتلوا الشهيد الصدر) نشر في صحيفة (كتابات) بتاريخ 10 نيسان(ابريل) 2006م.
أورد صاحب هذا المقال الحوار التالي الذي جرى بين سعدون شاكر – وزير الداخلية آنذاك – والشهيد الصدر ]وكان السيد الصدر معتقلا في بغداد[.
قال سعدون شاكر وهو للسيد الصدر: أنا جئت من السيد الرئيس وهو ينتظرني الآن، وقرار إعدامك في جيبي، شيء واحد يوقف ذلك، وهو أن تقرأ هذا البيان في التلفزيون(ولو بورقة يحملها في يده) وتقول بأن الثورة الإيرانية هي مؤامرة صهيونية وإنها تعادي العروبة والإسلام وتتآمر على العراق، وأن حزب الدعوة عميل للإستعماء والصهيوينة.
فرد السيد الصدر:هذا البيان لا ينفعكم لان الناس لن يصدقوا به.. ولو قرأته فان الناس سيعرفون باني قرأته بالإكراه، وفي كل الأحوال لن أقرأه مهما كان، ولن ترتاحوا بعدي قتلي، ولن تهنؤا أبدا، قتلي سيضركم ولن ينفعكم.
فقال سعدون شاكر: إذن سننفذ بك وبأختك الإعدام فورا.
فرد السيد الصدر: حسبي الله ونعم الوكيل ويستمر كاتب المقال جعفر الحسيني في روايته والتي ينسبها إلى مدير السجن فيقول: عند ذلك طلب سعدون شاكر، سعدون الحديثي وعادل الأعظمي، واقتادا السيد الصدر وبدون أن يربطوا يديه أو يضعوا عصابة على عينيه.
كانت هناك سيارة قد وقفت بباب المكتب، اصعدوا اليها السيد الصدر، وكان قد ازداد صلابة وتماسكا وتحديا، ثم جاءوا بشقيقته بنت الهدى وهي أيضا لم تكن مكبلة اليدين ولا معصوبة العينين.
فسألته: ما الأمر؟
فأجابها: لقد قرروا إعدامنا أنا وأنت الآن، فأخذت بنت الهدى تبكي.
فقال لها مبتسما وبالحرف: يا أخيه لا تبكي إن موعدنا الجنة، ألا تريدين أن تذهبين إلى الجنة؟
قالت بنت الهدى: أنا ابكي عليك.
فقال لها السيد الصدر: إن الموت أحب إلي مما يدعونني إليه.
هنا صعد إلى السيارة كل من سعدون الحديثي وعادل الأعظمي – وهما اللذان نفذا حكم الإعدام بالشهيد الصدر وأخته بنت الهدى ــــــ حسب هذه الرواية ــــــ وانطلقوا.
هذه رواية مدير السجن لما شاهده بنفسه ــــــ وفق ما جاء في المقال ــــــ أما الجزء التالي فقد رواه المقدم سعدون الحديثي يقول:
كان السيد الصدر طيلة الطريق يرتل آيات من القران الكريم، وكانت بنت الهدى ترتل معه حتى وصلنا بسمايه، أنزلناهما، ربطناهما على عمودين، رفض السيد الصدر أن تغطى عينه ولكننا غطيناها، كان مستمرا في قراءة القران وكان في قمة الصلابة، والتماسك، وكانت بنت الهدى في مثل تماسكه وقوته، ثم تشهد وأطلقنا عليهما النار أنا والرائد عادل.
ويختم الكاتب مقاله بالحديث عن (سعدون الحديثي) منفذ حكم الإعدام بالشهيد الصدر – وفق هذه الرواية – فيقول: ليست لدي معلومات محددة عنه الآن، هناك من يقول انه مسجون، وهناك من يقول أمه في اليمن، وهناك من يقول انه في البحرين – العهدة على كاتب المقالــــــ.
انتهى ما أردنا الاستشهاد به في هذا المقام.


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى