آخر الأخبارالإمام الحجة المنتظر (ع)ملف شهر شعبان

كيف نكون عُشَّاقًا للإمام المهدي المنتظر (أرواحنا فداه)؟

20 شعبان 1443 هـ - الموافق 24 مارس 2022 م | بمناسبة افتتاح موسم النُّصرة للإمام المهديِّ (ع) ثقافيًّا وعقائديًّا، لمأتم آل عبد الحي بمنطقة السَّنابس

هذه الكلمة لسماحة العلَّامة السَّيِّد عبد الله الغريفي، والتي ألقيت بمناسبة افتتاح موسم النُّصرة للإمام المهديِّ (عجَّل الله فرجه) ثقافيًّا وعقائديًّا، لمأتم آل عبد الحي بمنطقة السَّنابس، وقد بُثَّت عبر البثِّ الافتراضي في يوم الخميس (ليلة الجمعة)، بتاريخ: (20 شعبان 1443 هـ – الموافق 24 مارس 2022 م)، وقد تمَّ تفريغها من تسجيل مرئيٍّ، وتنسيقها بما يتناسب وعرضها مكتوبةً للقارئ الكريم.

كيف نكون عُشَّاقًا للإمام المهدي المنتظر (أرواحنا فداه)؟

أعوذ باللَّه السَّميع العليم من الشَّيطان الغوي الرَّجيم
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمد لله ربِّ العالمين، وأفضل الصَّلوات على سيِّد الأنبياء والمرسلين، سيِّدنا ونبيِّنا وحبيبنا وقائدنا محمَّد، وعلى آله الطَّيِّبين الطَّاهرين المعصومين المنتجبين.
السَّلام عليكم أيُّها الأحبَّة ورحمة الله وبركاته.

 تثمين إقامة هذا الموسم
أُثمِّن للأحبَّة في حسينيَّة آل عبد الحي إقامة هذا الموسم باسم الإمام المهدي (أرواحنا فداه).
– قيمة هذا الموسم (بناء وعي الانتظار).
– وبقدر ما لهذه المواسم من قيمة، فأنا أدعو إلى أن تنشط حركة الوعي الانتظاري طيلة السَّنة.
– فالانتظار هو قضيَّة مستقبل العالم.
في هذه الكلمة العاجلة والسَّريعة أتحدَّث عن هذا العنوان:
كيف نكون عُشَّاقًا للإمام المهدي المنتظر (أرواحنا فداه)؟
1- عشق الإمام المنتظر (عليه السَّلام) ليس مجرَّد كلماتٍ ومظاهر وعواطف.
– عشق الإمام المنتظر (عليه السَّلام) ليس كلماتٍ تُقال.
وإنْ كانت الكلماتُ مطلوبةً بشرط أنْ تكون صادقةً.
– وعشق الإمام (عليه السَّلام) ليس مظاهر تُقام، وإن كانت المظاهر مطلوبة؛ بشرط أن تكون واعية.
– وعشق الإمام ليس مجرَّد عواطف تتأجَّج، وإنْ كانت هذه العواطف مطلوبة؛ بشرط أن تكون ملتزمة وخاضعة لضوابط الشَّرع.
فالكلمات التي لا تحمل الصِّدق لا قيمة لها.
والمظاهر التي لا تحمل الوعي لا قيمة لها.
والعواطف التي لا تحمل الالتزام لا قيمة لها.

2- يبقى السُّؤال مطروحًا:
كيف نكونُ عُشَّاقًا للإمام المنتظر (أرواحنا فداه)؟
هناك ثلاثة شروط أو (استعدادات) لإنتاج هذا العشق الحقيقي للإمام (أرواحنا فداه):
الشَّرط الأوَّل (الاستعداد الأوَّل): التَّخلُّص من موانع العُشق (التَّهيئة)
هناك مجموعة أمور تمنع أن نكون عُشَّاقًا للإمام (عليه السَّلام)، وتمنع أن نكون عُشَّاقًا لله، وتمنع أن نكون عُشَّاقًا لنبي الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، وتمنع أن نكون عُشَّاقًا لأهل البيت (عليهم السَّلام).
حتى نكون عُشَّاقًا لله، وحتى نكون عُشَّاقًا لنبيّ الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، وحتى نكون عُشَّاقًا لأهل البيت (عليهم السَّلام)، وحتى نكون عُشَّاقًا للإمام المنتظر (عليه السَّلام) لابدَّ أن نتحرَّر من هذه الموانع والحواجب التي تمنع من أن يتشكَّل العشق.
ما هي هذه الموانع التي يجب أن نتحرَّر منها لكي نصنع العشق الحقيقي للإمام المنتظر (عليه السَّلام)؟
(1) تلوُّث القلب
عُشَّاق الإمام المنتظر (عليه السَّلام) يملكون قلوبًا نقيَّة طاهرة نظيفة.
بقدر ما يكون القلب نظيفًا ونقيًّا وطاهرًا يتشكَّل عشق الإمام (عليه السَّلام).
لن يعشق الإمام أناس يحملون تلوُّثات في القلب، وغبش في القلب، وأدران في القلب.
فتنقية القلب شرط أساس حتى نصنع عشق الإمام، يكذب من يدَّعي أنَّه يعشق الإمام المنتظر (عليه السَّلام) وهو ملوَّث القلب.

(2) تلوُّث البطن
عُشَّاق الإمام (عليه السَّلام) لا يأكلون إلَّا الحلال، ولا يأكلون إلَّا النَّقي الطَّاهر.

(3) تلوُّث السُّلوك
إذا كانت القلوب نقيَّة، وإذا كانت البطون نقيَّة يجب أن يكون السُّلوك نقيًّا.
العصاة المنحرفون الممارسون للمعاصي لا يمكن أن يكونوا عُشَّاقًا.
فإذا أردنا أن نكون عُشَّاقًا للإمام المنتظر (عليه السَّلام) فلنطهِّر:
‌أ- قلوبنا من كلِّ التَّلوُّثات.
‌ب- وبطوننا عن كلِّ حرام.
‌ج- وسلوكنا عن كلِّ معصية.

أصحاب الإمام (عليه السَّلام) هم أصحاب البصائر
أصحاب الإمام (عليه السَّلام)، المنتظرون، العُشَّاق هم أصحاب البصائر كما في الرِّوايات.
فكيف يكون الإنسان صاحب بصيرة وقلبُه مُلوَّث، وبطنه مُلوَّث، وسلوكه مُلوَّث؟!
• في الحديث عن الإمام الصَّادق (عليه السَّلام): «مَن سَرَّهُ أن يَكونَ مِن أصحابِ القائِمِ فَليَنتَظِر، وَليَعمَل بِالوَرَعِ ومَحاسِنِ الأَخلاقِ وهُوَ مُنتَظِرٌ، …». (1)
فهذا هو المضمون الحقيقي للانتظار، والمضمون الحقيقي لعشق الإمام المنتظر (عليه السَّلام).
إذًا نحن نحتاج أوَّلًا إلى تهيئة أنفسنا لهذا العشق الكبير، عشق الإمام (عليه السَّلام)، من خلال صناعة قلوب طاهرة، وبطون طاهرة، وجوارح طاهرة.

الشَّرط الثَّاني (الاستعداد الثّاني): التَّعبئة الرُّوحيَّة (تعبئة العشق)
بعد أن نهيِّئ القلوب والأرواح والنُّفوس، يأتي دور تعبئة القلوب بالعشق.
العشق يحتاج إلى شحن، وتعبئة، فكيف نعبِّئ قلوبنا بعشق الإمام (عليه السَّلام)؟
وكيف نصنع العشق؟
وكيف نكوِّن العشق؟
وكيف نُدخل العشق في قلوبنا؟
فالعشق ليس مجرَّد قرار، وليس مجرَّد رغبة، وإنَّما العشق قرارٌ ورغبة، وكذلك عملٌ، وصُنْعٌ، وإنتاج.
فكيف نعبِّأ أنفسنا وقلوبنا وأرواحنا وعقولنا بعشق الإمام (عليه السَّلام)؟
يكون ذلك من خلال:
‌أ- أدوات التَّعبئة الرُّوحيَّة: الصَّلاة/ الذِّكر/ التِّلاوة
– الصَّلاة تُعبِّئنا بعشق الإمام المنتظر (عليه السَّلام).
– ذكر الله الدَّائم يُعبِّئنا بعشق الإمام المنتظر (عليه السَّلام).
– الدُّعاء الدَّائم يُعبِّئنا بعشق الإمام المنتظر (عليه السَّلام).
– تلاوة القرآن الدَّائمة تُعبِّئنا بعشق الإمام المنتظر (عليه السَّلام).
إذًا من أدوات التَّعبئة أن نعتمد الأدوات التي تملأ القلب روحانيَّة، وتُأصِّل عشق الإمام المنتظر (عليه السَّلام).

‌ب- إهداء بعض الأعمال للإمام المهدي (عليه السَّلام)
لنشكِّل علاقة مع الإمام المنتظر (عليه السَّلام) من خلال أن نهدي له بعض الأعمال، فمثلًا:
– أصلِّي وأهدي ثواب الصَّلاة إلى الإمام المنتظر (عليه السَّلام).
– أصوم وأهدي ثواب الصَّوم إلى الإمام المنتظر (عليه السَّلام).
– أقرأ القرآن وأهدي ثواب القراءة إلى الإمام المنتظر (عليه السَّلام).
ليس لأنَّ الإمام محتاج لصلاتي ودعائي وتلاوتي، لكنَّني أصنع العشق، وأصنع العلاقة مع الإمام من خلال هذه الإهداءات إذا كانت صادقة وواعية وبصيرة ونقيَّة، بأن نهدي للإمام الصَّلاة الطَّيِّبة، والصِّيام الطَّيِّب، والدُّعاء الطَّيِّب، والتِّلاوة الطَّيِّبة، وأعمال الخير والصَّدقات الطَّيِّبة.
فمن خلال هذا الإهداء يتشكَّل العشق.
أنت إذا تُهدي إلى إنسان هديَّة ينجذب إليك، ويتعاطف معك، ويتشكَّل في داخله حبٌّ، عشق، ارتباط، انسجام.
فإذًا نحن حتى نشكِّل العشق للإمام المنتظر (عليه السَّلام) نحتاج أن نقدِّم له بعض أعمالنا المتواضعة، وهو الغني عنها، لكنَّنا بذلك نصنع انجذابًا للإمام، ونصنع عشقًا للإمام (عليه السَّلام).

‌ج- حفظ بعض الأحاديث الخاصَّة بالإمام المهدي (عليه السَّلام)
حتى نعبِّئ قلوبنا بالعشق فلنحفظ بعض الأحاديث التي تتَّصل بالإمام (عليه السَّلام).
احفظوا ولو عشرة أحاديث، أو عشرين حديثًا، أو خمسين حديثًا عن الإمام المنتظر (عليه السَّلام)، وتأمَّلوا في هذه الأحاديث، واستوعبوها، وطبِّقوها، فهذا يخلق كثيرًا من الانجذاب، وكثيرًا من العشق.
فهذا الرَّصيد من الأحاديث النَّبويَّة وأحاديث الأئمَّة عن الإمام المهدي (عليه السَّلام) تشكِّل عمقًا في العلاقة مع الإمام المنتظر (عليه السَّلام)، وعمقًا في العشق للإمام المنتظر (عليه السَّلام).

‌د- ثقافة الانتظار: القراءة/ المحاضرات.
اقرأوا ثقافة الانتظار.
قراءة الكتب التي تتحدَّث عن الانتظار، وعن الإمام المهدي (عليه السَّلام)، هذه الثَّقافة تشكِّل عمقًا في العلاقة مع الإمام المنتظر (عليه السَّلام).
العُشَّاق يملكون درجة عالية من الوعي والبصيرة، وهذا الوعي وهذه البصيرة لا يتشكَّلان إذا لم أقرأ، ولم أطالع، ولم أتثقَّف، وإذا لم أحفظ أحاديث تتَّصل بالإمام المهدي (عليه السَّلام).
فالعُشَّاق ليسوا أناسًا سذَّجًا بسطاء لا يفهمون قضيَّة الإمام المهديّ (عليه السَّلام)، بل هم في أعلى درجة من الوعي والبصيرة بقضيَّة الإمام المهديّ (عليه السَّلام).
إذًا هذه الثَّقافة الانتظاريَّة، والثَّقافة المهدويَّة، تُشكِّل عمقًا في العلاقة وعمقًا في العشق للإمام المنتظر (عليه السَّلام).
إذًا عندنا شرطين:
الشَّرط الأوَّل: هو إعداد وتهيئة القلوب لهذا العشق.
الشَّرط الثَّاني: هو أن نملأ القلوب بالعشق.

الشَّرط الثَّالث (الاستعداد الثَّالث): تحصين العشق (التَّقوية)
نحن إذا هيَّأنا قلوبنا لعشق الإمام المنتظر (عليه السَّلام)، ومارسنا عمليَّة الشَّحن والتَّعبئة الرُّوحيَّة الثَّقافيَّة الفكريَّة السُّلوكيَّة، فحتى نكون عشَّاقًا نحتاج إلى شرط ثالث (استعداد ثالث) وهو تحصين العشق.
فإذا أنت صنعت العشق، ونظَّفت قلبك وهيَّأته لعشق الإمام (عليه السَّلام)، وملأت قلبك بعشق الإمام (عليه السَّلام)، فإنَّ هذا العشق معرَّض لأن ينتكس، ويذوي، ويذوب، ويسقط.
إذًا أنت بحاجة إلى تحصين وحماية هذا العشق.

كيف نحصِّن عشقنا للإمام المنتظر (عليه السَّلام)؟
نحصِّن العشق من خلال:
1- المواظبة على زيارة الإمام المنتظر (عليه السَّلام)
هناك زيارات خاصَّة للإمام المنتظر (عليه السَّلام) إذا تمكَّن الإنسان أن يواظب عليها في كلِّ صباح، أو في كلِّ يوم، أو بعد كلِّ صلاة، فهذه الزِّيارة تحصِّن العلاقة، وتحصِّن العشق مع الإمام المنتظر (عليه السَّلام).
وزيارة الإمام (عليه السَّلام) تكون ولو بأن يقف الإنسان ويقول: (السَّلام عليك يا سيِّدي يا مولاي يا صاحب العصر والزَّمان)، ولو بهاتين الكلمتين، وإذا تمكَّن وجاء بالزِّيارات الواردة في كتب الأدعية فهو خيرٌ كثير.
إذًا المواظبة على زيارة الإمام (عليه السَّلام) تُحصِّن، وتحمي، وتُقوِّي مستوى العشق للإمام (عليه السَّلام).

2- المواظبة على قراءة بعض الأدعية وخاصَّة (دعاء العهد)
دعاء العهد يستحب قراءته في كلِّ صباح، فهذا الدُّعاء يشكِّل عمقًا في العلاقة مع الإمام المنتظر (عليه السَّلام)، ويحصِّن العلاقة مع الإمام المنتظر (عليه السَّلام).
• رُوِيَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ دَعَا إِلَى اللهِ تَعَالَى أَرْبَعِينَ صَبَاحًا بِهَذَا الْعَهْدِ كَانَ مِنْ أَنْصَارِ قَائِمِنَا، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ أَخْرَجَهُ اللهُ تَعَالَى مِنْ قَبْرِهِ، وَأَعْطَاهُ بِكُلِّ كَلِمَةٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ، وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ سَيِّئَةٍ». (2)
لماذا؟
هل قراءة دعاء قراءة شكليَّة ومجرَّد ألفاظ تجعلني من أصحاب الإمام المنتظر (عليه السَّلام)؟
المسألة أكبر من ذلك، فلو تأمَّلنا في مضامين هذا الدُّعاء لوجدناه بيعة حقيقيَّة للإمام المنتظر (عليه السَّلام)، فلو صدقنا في قراءتنا لهذا الدُّعاء، فقد صدقنا في بيعتنا مع الإمام (عليه السَّلام)، فإنَّنا في كلِّ يوم نبايع الإمام (عليه السَّلام) عندما نقرأ دعاء العهد، والبيعة للإمام تحمِّلنا مسؤوليَّات كبيرة، فالبيعة ليست شكلًا، وليست كلمات تُقال.
إذًا المواظبة على قراءة بعض الأدعية يساعد ويساهم بدرجة كبيرة في تأصيل هذا العشق.

المواسم محطَّات تُمركز وعي الانتظار
وهذه المواسم المباركة الكريمة التي تقام هي محطَّات تمركز وعي الانتظار، وأنا أشدُّ على أيديكم مرَّة أخرى وأؤكِّد على ضرورة أن تستمر هذه المواسم، صحيح أنَّ خطاب الانتظار متحرِّك في كلِّ السَّنة، ونحن لا نريد أن نحجز الانتظار في يوم أو في موسم، لكن هذه المواسم محطَّات تُمركز وعي الانتظار، ويبقى خطاب الانتظار يجب أن يتحرَّك طيلة السَّنة.

الخلاصة
من خلال الاستعداد أوَّلًا.
ومن خلال التَّعبئة الرُّوحيَّة الإيمانيَّة ثانيًا.
ومن خلال الحصانة والحراسة ثالثًا يتشكَّل هذا العشق.
وأشدُّ على أيديكم مرَّة أخرى، بارك الله فيكم، وسدَّد الله خطاكم وأيَّدكم، وأسأله تعالى أن نكون وإيَّاكم من أنصار الإمام (عليه السَّلام).

وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

————————————————-
الهوامش:
1- النُّعماني: الغَيبة، ص 134، (ما روي فيما أُمر به الشِّيعة من الصَّبر والكف والانتظار).
2- المجلسي: بحار الأنوار 22/394، (ك: المزار، ب 7: زيارة الإمام المستتر عن الأبصار).

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى