موائد الإيمان: مقطعٍ من عهدِ أمير المؤمنين (ع) إلى مالك الأشتر – ليلة القدر – الحوار المفتوح
حديث السَّبت الرمضاني | تاريخ: 21 شهر رمضان 1443 هـ | الموافق: 24 أبريل 2022 م | مسجد الإمام الصادق (ع) بالقفول - البحرين
موائد الإيمان – 3
هي محاضرات للعلَّامة السَّيِّد عبد الله الغريفي، أُلقيت في أيَّام السَّبت خلال شهر رمضان المبارك 1443هـ، وقد تمَّ تفريغها من تسجيلات مرئيَّة، وتنسيقها بما يتناسب وعرضها مكتوبة للقارئ الكريم.
أعوذ باللَّه السَّميع العليم من الشَّيطان الغويِّ الرَّجيم
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمد لله ربِّ العالمين، وأفضل الصَّلوات على سيِّد الأنبياء والمرسلين، سيِّدنا ونبيِّنا وحبيبنا وقائدنا محمَّد، وعلى آله الطَّيِّبين الطَّاهرين.
السَّلام عليكم أيُّها الأحبَّة جميعًا ورحمة الله وبركاته.
عظَّم الله أجوركم بشهادة أمير المؤمنين (عليه السَّلام).
◊ من مدرسة أمير المؤمنين (عليه السَّلام)
في هذا اللِّقاء الطَّيِّب أتناول درسًا من دروس عليٍّ (عليه السَّلام)، وكلّ حياة عليٍّ (عليه السَّلام) دروس وعطاء، هذا الدَّرس هو عبارة عن مقطعٍ قصيرٍ من عهدِ أمير المؤمنين (عليه السَّلام) إلى مالك الأشتر، ومالك الأشتر هو أحد أصحاب أمير المؤمنين (عليه السَّلام) عيَّنه واليًا على مصر، وحينما أرسله إلى مصر زوَّده بوثيقة عظيمة جدًّا تسمَّى عهد أمير المؤمنين (عليه السَّلام) إلى مالك الأشتر.
عهد الإمام أمير المؤمنين (عليه السَّلام) إلى مالك الاشتر واليه على مصر يُشكِّل أعظم وثيقة حقوقيَّة، حاولت أن تؤسِّس من خلال برنامج متكامل العلاقة بين الوالي والرَّعيَّة، أو في مصطلح هذا العصر بين الحاكم والشَّعب.
ورغم تطوُّر كلِّ الأنظمة الحقوقيَّة في العالم المعاصر يبقى عهد عليٍّ (عليه السَّلام) إلى مالك الأشتر وثيقةً متميِّزةً ومتقدِّمة بكلِّ ما تحمله من مضامين كبيرة جدًّا، لو ترجمت في واقعنا المعاصر لصنعت واقعًا نموذجيًّا ومتميِّزًا في مجتمعات وأوطان هذا العصر.
- جاء في عهد أمير المؤمنين (عليه السَّلام) إلى مالك الأشتر حينما ولَّاه على مصر قوله:
«ثُمَّ الله الله فِي الطَّبَقَةِ السُّفْلَى مِنَ الَّذِينَ لَا حِيلَةَ لَهُمْ، مِنَ الْمَسَاكِينِ والْمُحْتَاجِينَ وأَهْلِ الْبُؤْسَى والزَّمْنَى، فَإِنَّ فِي هَذِه الطَّبَقَةِ قَانِعًا ومُعْتَرًّا، …، واجْعَلْ لَهُمْ قِسْمًا مِنْ بَيْتِ مَالِكِ، …». (1)
في أيِّ مجتمع يوجد بائسون ومحرومون وفقراء وعاطلون، فَمنْ يتحمَّل مسؤوليَّة هؤلاء، ومَنْ يوفِّر لهم أوضاعهم المعيشيَّة، وهل يُتركون وهم يعيشون البؤس والحرمان والفقر، وهم لا يتوفَّرون على عمل أو لا يقدرون؟
من يتحمَّل مسؤوليَّة البائسين والمحرومين؟
يتحمَّل هذه المسؤوليَّة، مسؤوليَّة البائسين والمحرومين في مجتمعات الدُّنيا والعالم وِفق منهج أمير المؤمنين (عليه السَّلام):
أوَّلًا: الدَّولة (النِّظام الحاكم)
وتحت عنوان (الضَّمان الاجتماعي) حسب مصطلحات هذا العصر.
فالدَّولة – أيَّة دولة – وفي أيِّ زمان ومكان مسؤولة:
- أنْ توفِّر أعمالًا للقادرين على العمل.
- وإذا لم تتوفَّر هذه الأعمال فمسؤوليَّة الدَّولة أنْ تتحمَّل رعاية العاطلين.
- وكذلك تتحمَّل مسؤوليَّة رعاية العاجزين عن العمل.
وحينما نتحدَّث عن الرِّعاية فنعني:
- توفير السَّكن.
- توفير المأكل والملبس.
- توفير العلاج.
- توفير الحاجات الضَّروريَّة.
أعيد قراءة هذا المقطع من عهد أمير المؤمنين (عليه السَّلام) إلى مالك الأشتر النَّخعي حينما ولَّاه على مصر:
«ثُمَّ الله الله فِي الطَّبَقَةِ السُّفْلَى مِنَ الَّذِينَ لَا حِيلَةَ لَهُمْ – مِنَ الْمَسَاكِينِ والْمُحْتَاجِينَ وأَهْلِ الْبُؤْسَى والزَّمْنَى -». (2)
الَّذين لا حيلة لهم: لا يملكون الوسيلة التي توفِّر لهم سُبل المعيشة.
المساكين والمحتاجين: الَّذين لا يستطيعون أن يتوفَّروا على ضرورات المعيشة.
أهل البؤس: الَّذين اشتدَّت حاجاتهم.
الزَّمنى: المصابون بأمراض مزمنة.
ويتابع أمير المؤمنين كلامه فيقول:
«…، فَإِنَّ فِي هَذِه الطَّبَقَةِ قَانِعًا ومُعْتَرًّا، …».
الإمام علي (عليه السَّلام) يُقسِّم هذه الطَّبقة من البائسين إلى قانع ومُعتَّر.
القانع: الذي يقنع بما عنده ولا يسأل.
هناك نمط من النَّاس صامت ساكت، مع أنَّه في عوز وحاجة ولكنَّه لا يجهر بحاجته، خجلًا، أو خوفًا، أو حياءً، أو عِفَّة.
والمعتر: الذي يجهر بحاجته.
الذي يصرخ من الجوع، ويطالب بحقوقه، ويطالب بالعمل.
فمن حقِّ هؤلاء البائسين والمحرومين أن يرفعوا أصواتهم بالأساليب المشروعة، والرَّشيدة.
إلى أن يقول عليٌّ (عليه السَّلام) مخاطبًا مالكًا:
«واجْعَلْ لَهُمْ قِسْمًا مِنْ بَيْتِ مَالِكِ».
فمسؤوليَّة الدَّولة أن تتفقَّد أوضاع هؤلاء البائسين والمحرومين والعاطلين.
وأنْ تنهض بجميع حاجاتهم وضروراتهم المعيشيَّة والحياتيَّة.
وتُخصِّص من أموال الدَّولة ما يخفِّف من بؤسهم ومعاناتهم.
ثانيًا: مسؤوليَّة المجتمع(3)
وتبقى مسؤوليَّة القادرين من أبناء المجتمع أن يُساهموا في التَّخفيف من معاناة المحرومين وأصحاب الحاجات؛ الَّذين أثقلتهم أوضاع المعيشة، وأرهقتهم ضرورات الحياة.
إمَّا كونهم عاطلين لم يتوفَّروا على أعمال.
أو أنَّ أعمالهم لا تُغطِّي حاجاتهم.
وإمَّا كونهم لا يملكون القدرة على العمل.
قلنا: إنَّ الدَّولة مسؤولة عنهم في الدَّرجة الأولى.
وكذلك يتحمَّل أبناءُ المجتمع المسؤوليَّة بحسب قدراتهم وإمكاناتهم.
- في الحديث عن رَسُولِ اللهِ (صلَّى الله عليه وآله): «مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَانَ وَأَخُوهُ الْمُسْلِمُ طَاوٍ».(4)
ما آمن بِي: بنبيّ الله محمَّدٍ (صلَّى الله عليه وآله) وبرسالته وبالقرآن.
فحين تعلم بجوع أحد إخوانك وتبيت وأنت شبعان، فأنت ما آمنت بنبوَّة محمَّد (صلَّى الله عليه وآله).
وهذا القرآن الكريم صريح في ذلك، اقرؤوا قول الله تعالى:
- ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾.(5)
﴿فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ﴾ أي يتعامل بقسوة مع اليتامى.
﴿وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾ لا يمارس إحسانًا للبائسين والمساكين.
هذه مسؤوليَّة دولة، ومسؤوليَّة مجتمع.
هذا درسٌ من دروس عليٍّ (عليه السَّلام) في هذا اليوم.
- ليلة القدر
ونحن نستقبل ليلة القدر الشَّريفة، والرِّوايات فيها أنَّها ليلتي (19، 21) والرِّواية المشهورة فيها هي ليلة 23.
ما هي استعداداتنا لليلة القدر؟
وهذا السُّؤال معنيٌّ كلُّ واحدٍ منَّا أن يطرحه على نفسه: ما هي استعداداتك لليلة القدر؟
الاستعدادات:
الاستعداد الأوَّل: الإخلاص
استقبل ليلة القدر بدرجة عالية من الإخلاص لله، هنا تكون قد بدأت عروج ليلة القدر، فليلة القدر عروجٌ ربَّانيٌّ وروحانيٌّ عظيمٌ جدًّا.
إذا كنت تريد أن تكون مع العارجين في هذه اللَّيلة المباركة ابدأ بالإخلاص، وبالنِّيَّة الصَّادقة إلى الله، توجَّه إلى الله توجُّها صادقًا مخلصًا.
هذا هو الاستعداد الأوَّل والمهم، وبدرجة الإخلاص يصعد الإنسان في هذه اللَّيلة، فهناك من يصعد درجة، وهناك من يصعد عشر درجات، وهناك من يصعد مليون درجة، وهناك من يصعد مليار درجة، وهناك من يصعد درجات مفتوحة بلا حدود، وذلك حسب الإخلاص، فانظر ما هو حجم إخلاصك لله تبدأ العروج في هذه اللَّيلة الشَّريفة الكريمة.
الاستعداد الثَّاني: طهارة القلب
طهِّروا قلوبكم قبل رحلة العروج في ليلة القدر.
لا تدخل ليلة القدر وفي قلبك غبشٌ تجاه مؤمن، أو تجاه أخيك.
اجعل قلبك صافيٍ ونقيٍّ جدًّا.
أخلص إلى الله، وطهِّر القلب حينها تبدأ رحلة العروج إلى الله.
القلب غير النَّقي لا يتمكَّن أن يعرج في ليلة القدر، ولا يتمكن أن يتعاطى مع آفاق ليلة القدر الرَّبَّانيَّة.
الاستعداد الثَّالث: طهارة البطن، وعدم الإسراف في الأكل
احرص على اللُّقمة الحلال فهي تؤثِّر على الرَّوحانيَّة.
وقلِّل الطعام في ليلة القدر، فإنَّ البطون المثقلة بالطعام لا تعرج، بل تنشدُّ إلى الأرض، والدُّنيا، والمادَّة.
كُلْ ما يقوِّيك على العبادة وعلى إحياء ليلة القدر، لكن لا تُثقِل، ولا تملأ بطنك بالأطعمة، لكي تكون قادرًا على العروج.
الاستعداد الرَّابع: التَّوبة الخالصة
أعلن توبتك في ليلة القدر، لعلَّ إنسان أعلن توبته في بداية شهر رمضان، أو في كلِّ ليلة من ليالي شهر رمضان، لكن ليلة القدر هي ليلة التَّوبة.
جدِّد توبتك مع الله في ليلة القدر، بشروط التَّوبة والتي ذكرناها في عدَّة أحاديث، وحاول أن تعيش التَّوبة بكلِّ مضامينها الحقيقيَّة في ليلة القدر.
التَّوبة، التَّوبة، هي التي تجعلك تبدأ حركة العروج؛ لأنَّك إذا لم تعش التَّوبة فلن تعيش لذَّة ليلة القدر، فليس العبرة بكمِّ الأدعية وكمّ الصَّلوات، لذَّة العشق الإلهي في ليلة القدر.
- عن أمير المؤمنين (عليه السَّلام): «كَيفَ يَجِدُ لَذَّةَ العِبادَةِ مَن لا يَصومُ عنِ الهَوى». (6)
أُصلِّي، أصوم، أحضر المسجد، أقرأ القرآن، لكن لا أشعر بلذَّة، لماذا؟
لأنِّي أغتاب، لأنِّي أكذب، لأنِّي آكل حرامًا، …
حتى أعيش لذَّة ليلة القدر، ولذَّة هذا الشَّهر المبارك وهذه الجلسات الرَّوحانيَّة الرَّبانيَّة؛ لا بدَّ أن أُطهِّر نفسي من المعاصي.
- جَاءَ رَجُلٌ إلى أمير المؤمنين عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ)، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي قَدْ حُرِمْتُ الصَّلَاةَ بِاللَّيْلِ.
فَقَالَ أمير المؤمنين (عَلَيْهِ السَّلَامُ): «أَنْتَ رَجُلٌ قَدْ قَيَّدَتْكَ ذُنُوبُكَ».(7)
- وعن أمير المؤمنين (عليه السَّلام): «ما جَفَّتِ الدُّموعُ إلَّا لقَسوةِ القلوبِ، وما قَسَتِ القلوبُ إلَّا لِكَثْرةِ الذُّنوبِ».(8)
الاستعداد الخامس: تصفية الخلافات
- «…، فَإِذا كانَت لَيلَةُ القَدرِ أمَرَ اللهُ (عزَّ وجلَّ) جبرئيل (عليه السَّلام)، فَهَبَطَ في كَتيبَةٍ مِنَ المَلائِكَةِ إلى الأَرضِ …
فَإِذا طَلَعَ الفَجرُ نادى جَبرَئيلُ (عليه السَّلام): يا مَعشَرَ المَلائِكَةِ، الرَّحيلَ الرَّحيلَ.
فَيَقولونَ: يا جَبرَئيلُ، فَمَاذا صَنَعَ اللهُ تَعالى في حَوائِجِ المُؤمِنينَ مِن أُمَّةِ مُحَمَّدٍ [صلَّى الله عليه وآله وسلَّم]؟
فَيَقولُ: إنَّ اللهَ تَعالى نَظَرَ إلَيهِم في هذِهِ اللَّيلَةِ، فَعَفا عَنهُم، وغَفَرَ لَهُم إلَّا أربَعَةً.
قال: فقالَ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): وهؤلاء الأربعة: مُدمِن الخَمرِ، وَالعاقُّ لِوالِدَيهِ، وَالقاطِع الرَّحِمِ، وَالمُشاحِن».(9)
الاستعداد السَّادس: البرمجة الشَّاملة
- الممارسات العباديَّة الخاصَّة
إنَّه استعدادٌ مهمّ، فعليكم أن تبرمجوا ليلة القدر، ولا تتعاطوا معها بعفويَّة، فهي ليلة استثنائيَّة وهي اللَّيلة الأولى في الدُّنيا كلّها، فلا بدَّ من التَّعاطي معها بجديَّة ومن خلال البرمجة لها، لا بطريقة عفويَّة، فلا يكن اعتمادك فقط على وجود إحياء في المسجد، بل عليك أن تبرمج لهذه اللَّيلة، وأمامك متسعٌ من الوقت لكي تضع برنامجًا متكاملًا لهذه اللَّيلة الاستثنائيَّة.
- التَّفقُّه في الدِّين
التَّفقُّه في الدِّين هو أعظم عمل في ليلة القدر.
حاول في ليلة القدر أن تحفظ ولو درسًا واحدًا أو كلمة دينيَّة.
أنْ تقرأ في رسالة عمليَّة مسألة واحدة وتحفظها، فتكون قد تفقَّهت في الدِّين.
أنْ تسأل عالمًا عن مسألة واحدة، فتكون قد تفقَّهت في الدِّين.
أنْ تحفظ مسألة في ليلة القدر من خلال قراءة، أو من خلال سؤال، أو من خلال حضور مجلس تتثقَّف من خلاله، فإنَّ ذلك جزءٌ مهمٌّ وكبيرٌ في برنامج ليلة القدر.
- عن أمير المؤمنين (عليه السَّلام): «إذا جَلَسَ المُتَعَلِّمُ بَينَ يَدَيِ العالِمِ فَتَحَ اللهُ لهُ سَبعينَ بابًا مِنَ الرَّحمَةِ، ولا يَقومُ مِن عِندِهِ إلَّا كَيَومَ وَلَدَتهُ أُمُّهُ، وأعطاهُ – اللهُ – بِكُلِّ حديثٍ عِبادَةَ سَنَة، ويبني له بكلِّ ورقة مدينة مثل الدُّنيا عشر مرَّات».(10)
- التَّواصل الاجتماعي
كزيارة رحم، أو زيارة عبد صالح مؤمن، فإنَّ هذه الزِّيارة وهذا التَّواصل من أعظم الأعمال والعِبادات في ليلة القدر، فضِمن برنامجك في ليلة القدر خصِّص وقتًا للتَّواصل الاجتماعي وللزِّيارات، خاصَّة إذا كان بينك وبين أحدٍ قطيعة قم بزيارته في ليلة القدر.
- الخدمات الاجتماعيَّة
قدِّم ولو خدمة اجتماعيَّة واحدة في ليلة القدر: مساعدة مريض، إعانة إنسان في قضيَّة، إعانة في صلح اجتماعي، أيَّ خدمة اجتماعيَّة.
لديك متسعٌ من الوقت، من غروب الشَّمسِ إلى طلوع الفجر، فاجعل في برنامجك في ليلة القدر أن تقدِّم خدمة اجتماعيَّة.
- قال الإمام الباقر (عليه السَّلام): «…، ولَأَنْ أعولَ أهلَ بَيتٍ مِن المسلِمينَ، أَسُدَّ جَوْعَتَهُمْ، وأَكْسُوَ عَوْرَتَهُمْ، فأكُفَّ وُجوهَهُم عَنِ النَّاسِ، أحَبُّ إلَيَّ مِن أنْ أحِجَّ حجَّةً وحجَّةً [وحجَّةً] ومِثْلَهَا، ومِثْلَهَا حَتَّى بَلَغَ عَشْرًا، ومِثْلَهَا ومِثْلَهَا حَتَّى بَلَغَ السَّبْعِينَ».(11)
قيمة خدمة واحدة تعادل سبعين حجَّة (خدمة اجتماعيَّة: إعانة أسرة).
- نشاطات دينيَّة
القيام بالأنشطة الدِّينيَّة، وإذا لم تكن لديك القدرة على ممارسة نشاطًا دينيَّا حيث لا تملك الثَّقافة أو العلم فإنَّك تستطيع أن تقدِّم الدَّعم للأنشطة الدينيَّة بالكلمة أو المال، وبذلك تكون قد ساهمت في عملٍ دينيِّ في ليلة القدر.
أ- ممارسة هذه النَّشاطات
ب- الدَّعم المعنوي
ج- الدَّعم المادِّي
6- محاسبة النَّفس
جلسة المحاسبة هي من أعظم الأعمال، فمن حاسب نفسه في ليلة القدر فقد انفتح على آفاق الله.
هذا برنامج مختصر يضعه الإنسان لنفسه وهو يستقبل ليلة القدر.
- الدعاء لإخوانكم المؤمنين
كما لا تنسوا الدُّعاء لإخوانكم المؤمنين في كلِّ مكان، فكما جاء في الحديث:
- «من دعا لأخيه بظهر الغيب، نادى ملك من السَّماء الدُّنيا: ولك يا عبد الله مائة ألف ضعف ممَّا دعوت.
وناداه ملك من السَّماء الثَّانية: يا عبد الله ولك مائتا ألف ضعف ممَّا دعوت.
وناداه ملك من السَّماء الثَّالثة: يا عبد الله ولك ثلاثمائة ألف ضعف ممَّا دعوت.
وناداه ملك من السَّماء الرَّابعة: يا عبد الله ولك أربعمائة ألف ضعف ممَّا دعوت.
وناداه ملك من السَّماء الخامسة: يا عبد الله ولك خمسمائة ألف ضعف ممّا دعوت.
وناداه ملك من السَّماء السَّادسة: يا عبد الله ولك ستّمائة ألف ضعف ممّا دعوت.
وناداه ملك من السَّماء السَّابعة: يا عبد الله ولك سبعمائة ألف ضعف ممَّا دعوت.
ثمَّ ناداه الله عزَّ وجلَّ: أنا الغنيُّ الذي لا أفتقر، يا عبد الله ولك ألف ألف ضعف ممَّا دعوت …».(12)
هذا دعاء وهو لا يكلفك شيئ، اذكر إخوانك وسمِّهم بأسمائهم: اغفر لفلان، ارحم فلانًا، اعط فلانًا، ارزق فلانًا.
- ليلة الولادة الجديدة
هذه اللَّيلة هي ليلة الولادة الرُّوحيَّة، نسأل الله أن نولد من جديد، وأن يقبل الله أعمالنا، فإذا قبل عملك في ليلة القدر فقد خرجت بجائزة كبرى في هذا الشَّهر العظيم.
نسأل الله لنا ولكم التَّوفيق، والتَّسديد، والخير، والعطاء الرَّبَّاني الكبير.
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين.
والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحوار المفتوح
السُّؤال: هناك سؤال يتكرَّر بصورة كبيرة وهو حول مستجدَّات زيارة السَّيِّد الغريفي إلى ملك البلاد خلال الأيام الفائتة، فهل لكم أن تضعونا في الصُّورة لهذا اللِّقاء؟
سماحة السَّيِّد: كان اللِّقاء بالعاهل الكريم طيِّبًا، فيه الكثير من الشَّفافيَّة، والكثير من الصَّراحة، والكثير من التَّفاؤل، وقد انفتح على هموم هذا الوطن، وآمال هذا الشَّعب.
وبقدر ما يكون الانفتاح على هذه الهموم كبيرًا.
وبقدر ما يكون التَّعاطي مع هذه الآمال واثقًا.
وبقدر ما تتعاون الجهود.
وبقدر ما تتهيَّأ المناخات.
وبقدر ما تتشكَّل المسارات الجادَّة في البناء.
يكون الوطن بخير
فالوطن غالي وعزيز.
ومسؤوليَّتنا جميعًا أن نكون حُرَّاسًا أمناء لكرامتِهِ، ووحدتِهِ، وتسامحِهِ، وأمنِهِ، وخيرِهِ.
كلُّ الخيارات الصَّالحة والطَّيِّبة ممكنة وليست عسيرة، ما دامت العزائم واثقة، وما دام التَّعاون جادًّا، وما دام التَّسامح هو الذي يتحرَّك على هذه الأرض الطَّيِّبة.
نسأل الله العلي القدير أنْ يستقبل شعبنا العيدَ السَّعيد والوطن تغمره الأفراح الكبيرة، والآمال الواثقة، والرِّضا، والهناء.
وبكلِّ ضراعة تبقى القلوب والأكف مشدودة إلى الله (عزَّ وجلَّ) أن يُسدِّد الخُطى في طريق الخير والصَّلاح، وأن يدفع بكلِّ الخيارات الطَّيِّبة في اتجاه البناء الجادِّ والتَّغيير الفاعل، وصناعة الواقع بكلِّ مساراته الصَّالحة، ومقاربة هموم وآمال أبناء هذا الوطن الأوفياء.
———————
الهوامش:
- نهج البلاغة، خطب الإمام علي (ع)، (تحقيق صالح)، ص 438.
- نهج البلاغة، خطب الإمام علي (ع)، (تحقيق صالح)، ص 438.
- مسؤوليَّة الدَّولة تُسمَّى (ضمان اجتماعي)، ومسؤوليَّة المجتمع تُسمَّى (تكافل اجتماعي).
- الصَّدوق: ثواب الأعمال، ص 297، (عقاب من شبع وبحضرته مؤمن جائع)، ح 2.
- سورة الماعون: الآيات 1- 7.
- الآمدى: غرر الحكم، ص 517، (ف 64: مما ورد في حرف الكاف بلفظ كيف)، ح 12.
- الكليني: الكافي 3/450، (ك: الصَّلاة، ب: صلاة النوافل)، ح 34.
- الصَّدوق: علل الشَّرائع 1/81، (ب 74: علَّة جفاف الدُّموع)، ح 1.
- المفيد: الأمالي، ص 202، (المجلس السَّابع والعشرون)، ح 3.
- السَّيِّد القبانجي: مسند الإمام علي (عليه السَّلام) 1/44، (مبحث العلم والعلماء، ب 1: في فضل العلم، والدَّعوة لطلبه)، ح 119/71.
وورد أيضًا باختلاف يسير:
عنه (صلَّى الله عليه وآله): «إذا جَلَسَ المُتَعَلِّمُ بَينَ يَدَيِ العالِمِ فَتَحَ اللهُ تَعالى عَلَيهِ سَبعينَ بابًا مِنَ الرَّحمَةِ، ولا يَقومُ مِن عِندِهِ إلّا كَيَومَ وَلَدَتهُ أمُّهُ، وأعطاهُ اللهُ بِكُلِّ حَرفٍ ثَوابَ سِتّينَ شَهيدًا، وكَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ حَديثٍ عِبادَةَ سَبعينَ سَنَةً، وبَنى لَهُ بِكُلِّ وَرَقَةٍ مَدينَةً، كُلُّ مَدينَةٍ مِثلُ الدُّنيا عَشرَ مَرّاتٍ». الرَّيشهري: حِكم النَّبي الأعظم (صلَّى الله عليه وآله) 1/225، ح307.
- الكليني: الكافي 2/ 195، (ك: الإيمان والكفر، ب: قضاء حاجة المؤمن)، ح 11.
- الملكي التبريزي: المراقبات (أعمال السَّنة)، ص 235، (في الدُّعاء للإخوان بظهر الغيب).