آخر الأخبارشهر صفر

حديث الجمعة 642 : كيف نُقوِّم نجاحَ الموسمِ العاشورائيّ؟ – ما دور العلماءِ في نجاح الموسم العاشورائيّ؟ – عاشوراء نداء وحدة وتقارب – كلمة للجهات الرَّسميَّة – الاعتداء الغاشم على مراسيم عاشوراء باكستان – ذكرى رحيلِ العلَّامةِ السَّيِّد أحمد الغُريفيّ – تصعيد العدو الصُّهيونيُّ لهُ مآلاتُهُ المُدمِّرةٍ

مسجد الإمام الصَّادق (عليه السَّلام) – القفول حديث الجمعة (642) تاريخ: يوم الخميس (ليلة الجمعة) 3 صفر 1446هـ الموافق: 08 أغسطس 2024 م

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وأفضلُ الصَّلواتِ على سيِّدِ الأنبياءِ والمرسلين مُحمَّدٍ وآلِهِ الهُداةِ الميامين.

السَّلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه.

 

كيف نُقيِّم [أو نُقوِّم] نجاحَ الموسمِ العاشورائيّ؟

قد يُقال: نقيِّم هذا النَّجاحَ مِن خلالِ (كثافة حُضَّار الموسم)، حُضَّار المآتم، حُضَّار المواكب، حُضَّار الفعَّاليَّات العاشورائيَّة.

لا شكَّ أنَّ هذا الحضورَ يُشكِّلُ عنوانًا كبيرًا مِن عناوين عاشوراء، وبقدرِ ما يكبرُ حجمُ الحضور الجماهيري يتشكَّل حجم هذا الموسم، وقوَّة الموسم، وفاعليَّة هذا الموسم.

ويبقى أنَّ نجاح الموسم له معايير أكبر وأهم.

 

قد يُقال: نقيِّم نجاح الموسم العاشورائيّ مِن خلالِ (فوران العواطف والمشاعر)

لا شكَّ أنَّ هذا الفوران العاطفيّ مطلوبٌ جدًّا، ويعبِّر عن ذوبان وانصهار مع الموسم العاشورائيّA.

وكلَّما كان الانصهار أكبر تجذَّر العشق العاشورائيُّ، وكلَّما تجذَّر العشق كان الحضور أقوى وأعمق.

ويبقى أنَّ نجاح الموسم له معايير أكبر وأهم.

 

قد يُقال: نقيِّم نجاح الموسم العاشورائيّ مِن خلالِ (قوَّة الشِّعارات العاشورائيَّة)

لا شكَّ أنَّ الشِّعارات العاشورائيَّة عنوانٌ كبيرٌ لهُ تأثيراته الفاعلة، فمطلوب جدًّا أنْ تتمركز شعاراتُ عاشوراء في وعى الجماهير، وفي وجدان الجماهير، وفي سلوك الجماهير.

فحينما طُرح شعار (مع الحُسين أبدًا) ليكون شعارًا لهذا الموسم؛ فهو شعار له قِيمته الكبرى متى ما تحرَّك في كلِّ واقعنا العاشورائيّ.

 

أخلص إلى القول:

أنَّ نجاح الموسم العاشورائيّ إضافة الى ما تقدَّم يعتمد معيارين أساسين:

المعيار الأوَّل: مستوى التَّعبير عن أهدافِ عاشوراء

المعيار الثَّاني: مستوى التَّجسيد لأهداف عاشوراء

هنا تكون مسؤوليَّة الخطاب العاشورائيِّ أنْ يُمركِز في وعي الجماهير هذين الهدفين:

  1. التَّعبير عن أهداف عاشوراء
  2. التَّجسيد لأهداف عاشوراء

إنَّها مسؤوليَّة:

1- خطاب المنبر

2- خطاب الرَّادود

3- خطاب الشَّاعر

4- خطاب الشِّعار

5- خطاب اللافتات

6- خطاب الإصدارات

7- خطاب كلِّ الفعَّاليَّات العاشورائيَّة

 

هنا سؤال يُطرح:

ما دور العلماءِ في نجاح الموسم العاشورائيّ؟

مطلوبٌ مِن العلماء أنْ يمارسوا توجيهًا فقهيًّا وفكريًّا وثقافيًّا وروحيًّا وأخلاقيًّا وسُلوكيًّا ورِساليًّا لكلِّ مكوِّنات الموسم العاشورائيّ، وذلك في الإعداد لاستقبال موسم عاشوراء.

ومطلوبٌ مِن العلماء أنْ يمارسوا دورًا رقابيًّا أثناء الموسم العاشورائيِّ، وهذا يعني أنْ يكون للعلماء حضور فاعل في موسم عاشوراء، ومتابعة جادَّة لكلِّ فعَّاليات الموسم.

هنا تتآزر أدوار العلماء والخطباء، وصُنَّاعِ الوعي العاشورائيّ، وأصحاب المواقع الإداريَّة، وكلِّ الجماهير العاشورائيَّة لإنجاح موسم عاشوراء، بكلِّ ما لهذا الموسم مِن عطاءات عظمى.

والحذر كلُّ الحذر مِن إنتاج المعتركات الضَّارَّة بهذا الموسم، ولعلِّي أتناول هذه المسألة في وقت آخر.

 

عاشوراء نداء وحدة وتقارب

ولن تكونَ في يوم مِن الأيَّام مصدَر فرقةٍ وخلافٍ، وموقع صِراع وشتات.

خطاب عاشوراء يمثِّل نداء الحُسين (عليه السَّلام)، وهو (نداء الإصلاح) قالها سيِّد الشُّهداء في يوم عاشوراء: «…، وَأَنِّي لَمْ أَخْرُجْ أشِرًا، وَلا بَطِرًا، وَلا مُفْسِدًا، وَلا ظالِمًا، وَإِنَّما خَرَجْتُ لِطَلَبِ الإصْلاحِ …»، وأيُّ إصلاحٍ أكبر مِن مواجهة أسباب التَّمزُّق والتَّشتُّت والخلاف والصِّراع.

هكذا كان وسوف يبقى منبرُنا العاشورائيُّ يحمل (نداء الوحدة والتَّقارب)، ولن ينزلق في مسارات الفرقة والخلاف.

ولن نسمح بأيِّ تشويش على هذا المنبر، وعلى ذكرى عاشوراء، وكلّ طوائف ومذاهب المسلمين تحمل الولاء لعاشوراءِ الحُسين، ومنذ انطلقت عاشوراء البحرين كانت تستقطب كلَّ الطَّوائف والمذاهب.

وكلَّ الضَّمائر والقُلوب، وكلَّ العواطف والمشاعر.

ولا أعتقد أنَّ خطيبًا مِن خطباء عاشوراء الحُسين (عليه السَّلام) يتَّجه الى مذهبة هذه المناسبة.

رُبَّما تنفلت كلمة هنا أو هناك، فيجب أنْ لا تُشكِّل عنوانًا يتَّهم هذا الخطاب.

نتمنَّى أنْ لا نسمع أيَّ تشويشٍ حتَّى لو لم يكن مقصودًا، إنَّنا نُحسِنُ الظَّنَ بكلِّ الأحِبَّة مِن المنتمين إلى كلِّ المذاهب والطَّوائف.

 

وهنا كلمة للجهات الرَّسميَّة:

لقد صدر منا تقييم للدَّور الرَّسميِّ في موسم عاشوراء، إلَّا أنَّ الذي يقلقنا استمرار الاستدعاءات، ولا زال البعض رهن التَّوقيف، فأملنا كبير أنْ لا يستمر هذا الخيار؛ ليبقى الموقف الرَّسميُّ كبيرًا في وجدان النَّاس، وفي مشاعر أبناء هذا الوطن.

 

هنا ثلاثُ كلماتٍ أخيرة

الكلمة الأولى:

ندين بشدَّةٍ ما حَدَثَ في باكستان مِن اعتداءٍ غاشمٍ على مراسيم عاشوراء، هذا الاعتداء الذي أودى بأرواحٍ بريئة، لا ذنب لها إلَّا أنَّها أقامت العزاء على سبطِ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) الحُسين ابن عليٍّ (عليه السَّلام) وريحانة الزَّهراء (عليها السَّلام).

هكذا تُصنعُ (فتاوى التَّكفير) المملوءة بالحقد والطَّائفيَّة الرَّعناء التي يُسوِّقها دُعاةُ الفتنة، والكراهية، والطَّائفيَّة، هؤلاء الذين لا يملكون دِينًا، ولا قِيمًا، ولا ضميرًا.

إنَّ حراسة مراسيم عاشوراء مسؤوليَّة كبرى تتحمَّلها أنظمة الحكم، لأنَّها جزءٌ مِن منظومة أمن الأوطان، وحراسة وحماية المعتقدات.

فلا يجوز للعابثين بهذا الأمن، وبهذه الحماية أنْ يعبثوا ما شاء لهم العبث، وأنْ يُرعبُوا ما شاء لهم الرُّعب.

كلُّ العزاء لأهالي الضَّحايا في باكستان، تغمَّد الله الشُّهداء بوافر الرَّحمة والرِّضوان، وإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.

 

الكلمة الثَّانية:

مَرَّت قبلَ أيَّامٍ ذكرى رحيلِ العلَّامةِ السَّيِّد أحمد الغُريفيّ، هذا الرَّحِيلُ الذي ملأ كلَّ القُلوبِ أسَىً وتفجُّعًا، وملأ العُيونَ بكاءً ودمُوعًا.

العلَّامةُ السَّيِّد أحمد الغُريفيّ أحدُ أعمدةِ الفكرِ الدِّينيِّ في هذا الوَطنِ، فقد أعطى الكثير مِن أجلِ صناعةِ وعي الأجيال، بما يحملُ هذا الوعيُ مِن عُمقٍ وأَصالةٍ وقُدرةٍ على مقاربة كلِّ الواقع، بما يحمل مِن تحدِّياتٍ صعبةٍ جدًّا في هذا العصرِ المزدحم بأعقدِ المشاكلِ والأزماتِ.

كان لهُ حضوره الفاعل، وكان لهُ عطاؤه المتميِّز.

هكذا عشَقتهُ القلوب، وذابت في حُبِّهِ النُّفوس.

وهكذا كلُّ صُنَّاعِ الوعي، وحملةِ الرُّشدِ مِن علماءِ وخطباء وحملةِ الدِّين… هؤلاءِ يُمثِّلونَ مواقعَ شاخصةً، ورموزَ عطاءٍ، ومناراتِ هداية.

إنَّ مسؤوليَّة الخطابِ الدِّينيِّ أنْ يُمركِز في وعي الأجيال، وفي وجدانِ الأجيال، وفي قِيم الأجيال، وفي سُلوك الأجيالِ هذه المواقع مِن صُنَّاع الإيمان.

الفاتحة إلى روح العلَّامة الغريفي، وإلى أرواحِ مَنْ مضى مِن علماء وخطباء وكلِّ المؤمنين.

 

الكلمة الثَّالثة

بكلِّ إصرارٍ يُمارس العدو الصُّهيونيُّ تصعيدًا كبيرًا لهُ مآلاتُهُ التي رُبَّما تجرُّ المنطقة إلى حربٍ إقليميَّةٍ مُدمِّرةٍ.

فالمجازرُ اليوميَّةُ في غَزَّة، وفي الضِّفةِ الغربيَّة بكلِّ فضاعتِها وجنونِها، وبكلِّ كوارثِها لا زالتْ تتصاعد، فحصيلةُ الشُّهداءِ قاربت الأربعين ألفًا، أغلبُهم مِن النّساءِ والأطفال.

وكذلك امتدتْ أيدي الغدر الصُّهيونيِّ بكلِّ وقاحتِها لتُنشِّطَ جرائمَ الاغتيال التي طالتْ رموزًا كبيرة، مِمَّا صعَّد وتيرة التَّوتُّر في المنطقة، بما لهذا التَّوتُّر مِن نتائج مُدمِّرة وآثار خطيرة.

نسمعُ أصواتًا ورُبَّما مِن قُوى كبرى تُطالب بخفض التَّوتُّر، إلَّا أنَّ هذه الأصوات أو بعض هذه الأصوات غير جادَّة، إنْ لم تكن مساهمةً بشكلٍ فاعلٍ في صناعة التَّوتُّر، وإلَّا فقرار واحد جادٍّ وصادقٍ قادر أنْ يُوقِف هذه المجازر، وأنْ ينقذ المنطقة مِن مآلاتٍ مرعبة وحروب مدمِّرة.

لا نظن أنَّ مِن صالحِ المنطقةِ، ودولِ المنطقة، وكلِّ شعوب المنطقة أنْ تزدحم التَّوتُّرات، وأنْ تلتهب نيرانُ الحروب والمعارك.

الكيان الغاصب في فلسطين يؤسِّس لكلِّ هذه التَّوتُّراتِ، ولكلِّ الحروب والمعارك، فوجود هذا الكيان هو وجود سرطانيٌّ خطير، وحينما يُصرُّ أبناء غزَّة، وأبناء فلسطين على المواجهة والتَّصدِّي إنَّما هو الدِّفاعُ عن الأرض، وعن العرض، وعن المقدَّسات، ليس مِن أجلِ إنتاج الحرب وإنتاج المعارك، إنَّهم حرَّاسُ وطنٍ، وأمناءُ شرفٍ، وصُنَّاعُ كرامةٍ، وحملةُ قِيم.

وهكذا كلُّ الشُّرفاء الذين يدعمون ويساندون هذا الحقَّ المُقدَّس، مهما تعدَّدت الانتماءات والولاءات.

 

وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى