في ذكرى مولد الرسول الأعظم(ص) والإمام الصادق(ع): الذكرى التي تحمل مضمون الرسالة ليست تاريخا، أنها الحضور المتجدد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا وقائدنا محمد وعلى آله الهداة الميامين، وصحبه المنتجبين ومن والاه واهتدى بهديه إلى يوم الدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته …
في ذكرى المولد النبوي يحلو اللقاء، ويطيب الحديث، وتتأصل مسئولية الكلمة، وهي تنفتح على كل هذا الواقع، في همومه وقضاياه، في طموحاته وتطلعاته، هذا الواقع المسكون بالآم البؤساء والمحرومين، والمأسور لقيم العصر وأخلاقياته .
وهنا تتحدد القيمة للذكرى، بمقدار ما تتجدد مع معطيات الزمن، وتواجه متغيرات العصر، وتصوغ المرحلة في سياق حركة تأصيلية فاعلة، قادرة على التواؤم مع مستجدات الواقع ومنتجاته .
اللقاء مع الذكرى – في مضمونه الواعي – ليس استرخاء في أحضان التاريخ، وإغفاءة حالمة في غيبوبة الماضي، وتهويمة سكرى على أنغام الزمن الغابر اللقاء مع الذكرى حضور . الذكرى التي تحمل مضمون الرسالة ليست تاريخا، أنها الحضور المتجدد، كما هو النهر المتدفق يتجدد بتجدد الحياة وكما الشمس والقمر يتواصلان مع الزمن كذلك الذكرى .
في ضوء هذا الفهم للذكرى نحاول أن نحدّق في كل قضايا هذا الواقع، لنعطي للذكرى حضورها في حركة الحاضر، ودورها في صياغة مشروع التغيير في عالم متخم بكل التوقعات .
أيها الأخوة المؤمنون …
العالم – اليوم – يحط أقدامه على أعتاب الألفية الثالثة، بعد أن لملم أوراقه الأخيرة من، ملفات ألفية مضت وانصرمت وفي زحمة إشكاليات معقدة، وتحديات صارخة، هي نتاجات طبيعية لمشروع “العولمة” بكل ما يحمله هذا المشروع من صياغات وامتدادات على كل المستويات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية، من أجل صنع عالم جديد مأسور لعقلية ” الاستقطاب” المتفرد بعد أن تجمدت في متاحف التاريخ هلوسات النظرية الحمراء، وسقطت بنوءات هيجل وماركس ولينين، وانتهت أسطورة الديالكتيك وجدلية التاريخ عند هذا المنعطف في المسيرة البشرية … يواجهنا السؤال الكبير التالي:
أين ، نقف نحن أمة الإسلام؟
وإذا أردنا أن نستنطق المضمون الأوضح لهذا السؤال, فيمكن أن نصوغه بطريقة أخرى:
•هل نحن الأمة الإسلامية – نشكّل رقما صعبا في المعادلات الراهنة؟
• أم نحن الرقم المهمل في كل الحسابات؟
• السؤال فيه الكثير الكثير من الحراجة والتحدي فمن هو المطلوب أن يجيب؟
• بل من هو القادر على الإجابة؟ هل هو أنظمة السياسة في بلدان المسلمين؟
أشك في أنها قادرة على الإجابة …لماذا؟
كونها لا زالت – في غالبيتها – مأسورة لهيمنة الإرادات الكبرى في العالم، وهذه الإرادات لا تريد للإسلام حضورا سياسيا فاعلا، ولا تريد للأمة الإسلامية أن تكون قوة حضارية قادرة.
فالإسلام والحضور الإسلامي ليس من أولويات هذه الأنظمة السياسية وأما المؤتمرات السياسية والاقتصادية والثقافية فهي لا تحمل قيمة تذكر في هذا السياق، فالشعارات، والقرارات والتوصيات محكومة بأن تبقى بلا نبض ولا حياة ولا حركة هكذا تريد الإرادات الكبرى في العالم لهذه المؤتمرات .
• ماذا قدّمت مؤتمرات الأنظمة لقضية فلسطين وهذا هو الشعب الفلسطيني مهدد بالذبح والإبادة؟ فمن هو المطلوب أن يجيب؟ بل من هو القادر على الإجابة؟
• هل أن التيارات العلمانية بكل أطيافها اليسارية والليبرالية والقومية، قادرة على أن تجيب عن هذا السؤال؟
طبعا لا … فهذه التيارات كانت المساهمة في ضياع هوية الأمة، واستلاب أصالتها، ومصادرة مضمونها الحضاري منذ أن تم اختراق الواقع الثقافي، والواقع السياسي لهذه الأمة من قبل تيارات العلمنة، وتيارات التغريب، بدأ مشروع الاستلاب يتحرك لمصادرة الهوية والأصالة والكينونة الحضارية .
فمن الغباء والسفه أن نراهن على هذه التيارات والاتجاهات في إعادة الصياغة والبناء للهوية الحضارية المفقودة لهذه الأمة .
• أليس غباء وسفها أن نعتبر قوى الاستلاب والمصادرة جزءا في مشروع الصيرورة الحضارية، وتشكل الهوية والانتماء …؟
لا زال السؤال شاخصا .
فمن هو المعني بالإجابة عن سؤال التحدي؟ قد يقال أن “النخبة المثقفة” في الأمة هي المؤهلة لممارسة دور الإعداد الفكري لمشروع النهوض الحضاري للأمة الإسلامية … لا نشك أن دور ” المثقفين ” أساسي في عملية النهوض الحضاري، ألا أن هؤلاء المثقفين إذا كانوا لا يعيشون الانتماء الفكري والثقافي للإسلام، فسوف لن يكون المشروع النهضوي هو مشروع الإسلام، بل سيكون مشروعا مناهضا للمشروع الإسلامي، كما كان الحديث عن التيارات العلمانية . نعم إذا كان المسار الفكري والأيدلوجي لهؤلاء المثقفين هو الإسلام نفسه، فمن الضروري جدا أن يشاركوا في صياغة المشروع النهضوي الإسلامي المعاصر فالمثقفون الإسلاميون الأكاديميون، في طموحاتهم المنفتحة على معطيات الحاضر وآفاق المستقبل وفي تعاملهم مع كل المتغيرات والمستجدات يشكلون “العقل الحداثي” في المشروع، ألا أنّ هذا ” العقل الحداثي ” لا يستطيع أن يتفرّد في صياغة المشروع، فمهما كانت القيمة العلمية والعمليّة للبعد الحداثي والتجديدي، غير أنّ المسألة في حاجة إلى حالة تأصيلة يشارك فيها “العقل العلمائي” المتخصص فقهيا وإسلاميا، لتعطي للمشروع بعده “الأصالي” ومضمونه “المتجذر” هنا نرى ضرورة التزاوج بين “العقل العلمائي” المتخصص، و ” العقل الأكاديمي” الملتزم إسلاميا، وبتعبير آخر ضرورة التواصل بين الحوزة والجامعة … ومن خلال هذا التزاوج والتواصل تتشكّل حالة التلاقي بين “الأصالة والحداثة”، فإذا انفصلت الحوزة عن الجامعة فقدت قاعدتها المثقفة الواعية، وفقدت قدرتها على الفعل والحركة … وإذا انفصلت الجامعة عن الحوزة، فقدت الجامعة حالة التحصين الفكري والروحي، وفقدت أصالتها في مواجهة مشروعات التغريب، فالانفصال عن القيادات العلمائية الأصيلة يرشح الواقع الثقافي والجامعي للاستلاب والانحراف في ضوء هذه النتيجة يمكن أن نحذر الإجابة عن السؤال المطروح .
إننا نعتقد أن مواقع القيادة الروحية والثقافية الأصيلة هي المعنية بصياغة المشروع الحضاري المعاصر وحينما أقول ” الأصيلة” بالتحديد، لنفي الصياغات الدخيلة، والتحريفية، والمتخلفة، والتي ربما تتصدر مواقع القيادة الروحية والثقافية في غفلة من وعي الأمة وبتخطيط من قوى الاستلاب والمصادرة فالأصالة انتماء واع للإسلام، وحركة فاعلة مغيّرة في خط الانتماء للإسلام .
فالانتماءات المتشكّلة بعيدا عن الإسلام، هي انتماءات دخيلة، والانتماءات التي لا تحمل وعيا، أو لا تملك حركيّة فاعلة، هي أيضا انتماءات فاقدة للأصالة .
فالكفاءات الإسلامية الأصيلة: علماء متخصصون ورجال شريعة، مثقفون، مفكرون، أكاديميّون، اختصاصات علمية، فنية، إدارية كلهم معنيّون بالإجابة عن السؤال، والمساهمة في إعداد المشروع .
أيها الأحبّة الكرام …
في لقائنا – الليلة – مع الذكرى النبويّة، وذكرى ميلاد الإمام الصادق (ع) – الإمام السادس من أئمة أهل البيت – نحاول – في مساهمة متواضعة – أن نمنهج للجواب عن السؤال الآنف من خلال مجموعة رؤى وتصورات نضعها ضمن النقاط التالية:
النقطة الأولى:
يجب أن نبدأ بقراءة تقويمية لكل معطيات الواقع المعاصر في امتداداته الثقافية والروحية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، إن غياب هذه القراءة لن يوفر لنا إمكانية الانطلاق بمشروع الصياغة والتكوين في بناء “الهوية المعاصرة” وهذه القراءة يفترض أن تجيب عن هذا التساؤل:
•هل تتحرك في الساحة مبادرات جادة من قبل علماء الأمة وفعالياتها العلمية والثقافية لصياغة المشروع، أو لتفعيل المشروع إن كان موجودا .. وبكل مرارة وألم أقول أننا لا نملك هذه القراءة التقويمية، وبالتالي لا نملك إجابات واضحة لكثير من التساؤلات …
إننا نأمل أن تتشكل “لجان علمية” متخصصة للقيام بهذه المهمة الشاقة، ومؤسساتنا الدينية والثقافية معنيَّة أن تبادر لتشكيل هذه اللجان كما نأمل أن تساهم النخب المتميزة التي تملك وعي الإسلام، وتملك ثقافة العصر، في إغناء هذه القراءة لتكون أكثر وعيا، ونضجا، وأصالة ومعاصرة.
النقطة الثانية:
يجب أن نتوفر على رؤية استشرافية شمولية للتعرف على كل آفاق القرن الجديد…
• ما هي طبيعة التصورات حول واقع القرن الجديد؟
• ما هي أدواتنا لتشكّل هذه التصورات ؟
•ما هو المنحى في مسار العلاقات البشرية؟
• هل هو في اتجاه (الصدام الحضاري) كما هي نظرية (صاموئيل هنتينغتون) في كتابه (صدام الحضارات) ؟
• أم هو في اتجاه (الحوار الحضاري) كما هي نظرية (روجيه غارودي) في كتابه (حوار الحضارات) وكما هي دعوة السيد خاتمي رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية ؟
• أم هو اتجاه (الاندماج الحضاري) كما هي نظرية (فوكوياما) حيث بشر بنهاية التاريخ ووحدة الحضارات في شكل “الليبرالية الغربية” ؟
• فما هو منظورنا الإسلامي حول مستقبل البشرية؟ وهل قمنا بصياغة المشروع المعاصر وفق هذا المنظور؟
هناك قراءات وصياغات في حاجة إلى أن تتحول إلى مشروع حضاري معاصر يهيئ الذهنية الإنسانية إلى حاكمية الإسلام في الأرض في نهاية أشواط البشرية، وذلك بقيادة “المهدي” من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، حيث أكّدت نصوص الإسلام أنّ الدنيا لن تنتهي حتى يظهر المهدي من آل محمد (ص) فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
أيها الأخوة في الله :
إننا ندعو أن تكون قضية “الإمام المهدي” والتي يؤمن بها المسلمون مع اختلاف في الخصوصيات، ندعو أن تكون هذه القضية قضية مركزية في المشروع الحضاري المعاصر الذي يجب أن نواجه به كل المشروعات الحضارية الأخرى.
مع التأكيد على ضرورة الطرح الأصيل لمسألة “المهدي المنتظر” لحماية أجيال الأمة من عبث بعض الدجّالين، والمتاجرين بهذا العنوان من أجل أهداف مشبوهة، وهي واضحة تماما لجماهير الأمة الواعية البصيرة .
النقطة الثالثة:
يجب أن نفهم أنّ “الوحدة الإسلامية” هي ” مفصل أساس” في المشروع النهضوي المعاصر .
• فهل نملك مشروعا حقيقيا للوحدة الإسلامية؟، أم هي كلمات للاستهلاك، وعلى أحسن الفروض تمنيات، وآمال، وطموحات .
لا أريد أن أكون متشائما لأقول: لم يبدأ هذا المشروع حتى الآن هناك مؤتمرات، منتديات، لقاءات، مجامع، رابطات ، ألا أنها لم تحرّك مشروع الوحدة الإسلامية على أرض الواقع لا أشك أنّ المشروع تواجهه تعقيدات صعبة، ومعوقات كبيرة، وتراكمات تاريخية نفسية، ثقافية، سياسية ألا أنّ المشروع ليس مستحيلا .
• كيف يمكن أن نعطي لمشروع الوحدة إنتاجه الفاعل في واقع الأمة؟
المشروع يعتمد مجموعة مفاصل أساسية :
المفصل الأول المفصل الثقافي
مشروع الوحدة الإسلامية ليس مشروعا استعراضيا عاطفيا، نعبئه بالخطابات الانفعاليّة بل هو مشروع يحتاج إلى “عقلنة” هادئة تعتمد حركة ثقافية واعية .
وكيف نعطي لثقافة الوحدة امتدادها الأعمق والأشمل في وعي الأمة .
لا زالت هذه الثقافة غائبة عن وعي الجماهير رغم الوضوح على مستوى الضرورة الإسلامية لا زال شعار الوحدة الإسلامية عنوانا مرحليا، تستنفره الأوضاع الطارئة ، وتستثيره المخاطر الخارجية، ولم يتحول إلى ثقافة عملية في حياة الناس، بل العكس هو الصحيح، فانّ الثقافة المتحرّكة في واقع الأمة وعند العديد من الشرائح بما فيها الشرائح العلمائية والمثقفة، تشكّل معيقا صعبا أمام مشروع الوحدة، حيث تستشعر بعض هذه الشرائح أن هذا المشروع يهدد معتقداتهامن أجل تفعيل (المفصل الثقافي) في مشروع الوحدة نحتاج إلى الخطوات التالية:
الخطوة الأولى :
• التأصيل الفكري لمشروع الوحدة من خلال : المؤتمرات العملية واللجان التخصصية .
الخطوة الثانية:
•التفعيل الثقافي من خلال:
1) المناهج الدراسية
2) الوسائل الإعلامية
3) المؤسسات الثقافية
4) المؤسسات الدينية
الخطوة الثالثة:
التجسيد العملي لثقافة الوحدة من خلال “فعاليات ثقافية مشتركة” وبشكل دائم ومستمر.
المفصل الثاني: المفصل الروحي
المفصل الثالث: المفصل الاجتماعي
المفصل الرابع: المفصل الاقتصادي
المفصل الخامس: المفصل السياسي
المفصل السادس: المفصل الجهادي
من خلال هذه المفاصل يجب أن نصوغ من الوحدة الروحية،الثقافية،الاقتصادية،الاجتماعية،السياسية،الجهادية) حالة متحركة في واقع الأمة.
وبعبارة أخرى يجب أن نفعّل “المشروع ” في حركة الواقع ومسألة التفعيل في حاجة إلى “تكريس عملي دائم” ويتم هذا “التكريس” من خلال “الفعاليات المشتركة”
فعاليات روحية
فعاليات ثقافية
فعاليات فقهية وعلمية
فعاليات اجتماعية
فعاليات تعليمية وتربوية
فعاليات اقتصادية
فعاليات سياسية
فعاليات جهادية
النقطة الرابعة:
التأسيس لمشروع الحوار العلمي …
وحتى نعطي لمضمون الوحدة الإسلامية عمقه الكبير في حركة الوعي عند الأمة، لابدّ من ممارسة (الحوار العلمي) وفق “الثوابت المعتمدة ” لإنتاج ” الصيغة الأقوى” في التواصل الفكري ، النفسي، العملي، بعيدا عن الصيغ المهزوزة المرتجلة، والمسارات الانفعالية .
أسس الحوار العلمي:
حينما تحاور الآخر الذي يختلف معك في الدين والعقيدة أو الذي يختلف معك في المذهب أو الذي يختلف معك في الانتماء السياسي … أو الذي يختلف معك في الرأي فيجب أن تفهم أسس الحوار العلمي . فما هي أسس الحوار العلمي؟
الأساس الأول:
أن يتحرك الحوار بروح الحب والصفاء وليس بروح الحقد لتنفتح لك القلوب والقلوب هي الطريق إلى العقول .
(فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ) آل عمران 59.
الأساس الثاني:
عدم إلغاء الآخر (وانا وإياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين) لم يكن الرسول (ص) شاكا في ما لديه ولكنه الأسلوب الذي يجتذب الآخر إلى دائرة الحوار، والحوار لا يعني الاعتراف بشرعية الآخر ولكنه اعتراف بوجوده .
الأساس الثالث:
الوقوف على الأرض المشتركة … التأكيد على نقاط الاتفاق أولا … ثم الانطلاق للحوار في نقاط الخلاف . (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم…)
الأساس الرابع:
أن يكون هدف الحوار “البحث عن الحقيقة”
– لا تحاور من أجل الحوار …
– لا تحاور من أجل أن تؤكد (ذاتك) وانما من أجل أن تؤكد (الحق) لا تحاور من أجل أن (تنتصر) وانما من أجل أن تنتصر (الحقيقة)
– حاور بموضوعية
– لا تنطلق في الحوار بدوافع ذاتية، وانما بدوافع مبدئية خالصة
الأساس الخامس:
أخلاقية الحوار
1) أن تكون لغة الحوار نظيفة (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم) .
2) أن تكون لغة الحوار لغة لينة (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) (اذهبا إلى فرعون انه طغى وقولا له قولا لينا)
3) أدب الاختلاف … فحينما نختلف فيجب أن نتعلم “أدب الاختلاف” إذا عجزنا في أن نتفق فيجب أن نتعلم كيف نختلف .
النقطة الخامسة:
خطابنا المعاصر في حاجة إلى قراءة ومراجعة جديدة وليس هذا اتهاما للخطاب، وانما هو “المنهج العلمي” يفرض أن يتوفر الإسلاميون على محاسبة ذاتية لخطابهم من أجل تأصيل هذا الخطاب، واعطائه قدرة التعاطي مع كل مستجدات الحياة ومتغيرات العصر.
ثمة إشكاليات تواجه خطاب الإسلاميين المعاصر في ما هي لغة الخطاب أو أسلوب الخطاب أو مضمون الخطاب؟ قد يقال أنكم من خلال هذا الحديث تؤكدون مقولات “الاتجاهات العلمانية” التي تتهم الخطاب الإسلامي بالإفلاس والقصور وعدم القدرة على مواجهة تحديات المرحلة نلاحظ على هذا الكلام :
أولا: لابد من التفريق بين (خطاب الإسلام) و (خطاب الإسلاميين)، فالأول هو خطاب النص الإسلامي (القرآن / السنة)، والثاني هو الخطاب الذي أنتجته الذهنية الاجتهادية عند المسلمين
ثانيا: الفارق كبير بين (النص) و (تفسيرات النص) بين (خطاب الإسلام) و (خطاب الإسلاميين)
أ) الأول مقدس والثاني غير مقدس
ب) الأول معصوم والثاني غير معصوم
ت) الأول يشكل مرجعية تشريعية دون الثاني
ثالثا:وتأسيسا على ذلك، فان خطاب الإسلاميين وهو خطاب اجتهادي قابل للنقد والحاسبة والتطوير والتجديد .
رابعا:الاتجاهات العلمانية تعمّدت الخلط بين الخطابين بهدف اتهام الإسلام نفسه بالإفلاس والقصور والعجز .
خامسا: لا يعني هذا الإقرار بصحة ما أثاره العلمانيون من إشكاليات حول خطاب الإسلاميين، ولا يمنع هذا من الاعتراف بصحة بعض تلك الإشكاليات .
وآخر دعوانا إن الحمد لله رب العالمين