بيانات تعزيةكلمات تأبينية

كلمة العلامّة الغريفي في حفل تأبين المرحوم الشَّاعر الأستاذ غازي الحدَّاد

هذه الكلمة للعلَّامة السَّيِّد عبد الله الغريفي في حفل تأبين المرحوم الشاعر الأستاذ غازي الحدَّاد، والتي تمَّ بثُّها عبر البثِّ الافتراضيِّ في يوم الخميس (ليلة الجمعة) بتاريخ: (27 ذو القعدة 1442 هـ – الموافق 8 يوليو 2021 م)، وقد تمَّ تفريغها من تسجيل مرئيٍّ، وتنسيقها بما يتناسب وعرضها مكتوبةً للقارئ الكريم.

كلمة في حفل تأبين المرحوم الشَّاعر الأستاذ غازي الحدَّاد

أعوذ باللَّه السَّميع العليم من الشَّيطان الغوي الرَّجيم
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وأفضلُ الصَّلوات على سيِّدِ الأنبياء والمرسلين سيِّدنا ونبيِّنا وحبيبنا وقائدنا محمَّدٍ، وعلى آلِهِ الطيِّبين الطَّاهرين الأخيار الأبرار الهداة الميامين.
السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

العنوان الأوَّل: تَمركُز الشَّخصيَّات في (وعي الجماهير) وفي (وجدانها) وفي (كلِّ واقعها)

1-من الشَّخصيَّات ما تتمركز في (وعي الجماهير) وفي (وجدانها) وفي (كلِّ واقعها)

-التمركز في الوعي يعني في العقل، في الأفكار والرُّؤى، في الثَّقافة، في القناعات.
-التمركز في الوجدان يعني في المشاعر والعواطف والانفعالات.
-التمركز في الواقع يعني في السُّلوك، في الحراك، في الممارسات.
ربما تتمركز الشَّخصيَّة في العقل ولا تتمركز في الوجدان ولا في السُّلوك.
وربما تمركزت الشَّخصيَّة في الوجدان دون العقل والسُّلوك.
وربما تمركزت في السُّلوك دون العقل والوجدان.
الشَّخصيَّات التي تتمركز في العقل والوجدان والسُّلوك يشكِّل رحيلُها صدمةً كبرى للوعي، وللوجدان، ولكلِّ الواقع.

2-واحدٌ من هؤلاء الَّذين تمركزوا في (وعي جماهيرنا)، وفي (وجدان جماهيرنا)، وفي (كلِّ واقعهم) الأستاذ غازي الحدَّاد (رحمة الله عليه)

ولذلك شكَّل رحيله وبعد معاناة مع المرض صدمة كبرى لكلِّ جماهيرنا، في وعيهم، وفي مشاعرهم، وفي كلِّ واقعهم.
هنا يطرح هذا السُّؤال:
لماذا حدث هذا التمركز للأستاذ الأديب الشَّاعر غازي الحدَّاد في وعي الجماهير وفي وجدانها، وفي حراكها؟

أسباب تمركُز الشَّاعر الحدَّاد في وعي الجماهير ووجدانها وحَراكها

هناك مجموعة أسباب هي التي صنعت التمركز لشخصيَّة في حجم الأستاذ غازي الحدَّاد في العقول، وفي القلوب، وفي المشاعر، وفي الوجدان، وفي الحراك، وفي السُّلوك، أذكر منها ثلاثة أسباب:

السَّبب الأوَّل: إنَّه – أي شاعرنا – وظَّف قدراته الشِّعريَّة في خدمة الإمام الحسين (عليه السَّلام)، وفي خدمة أهل البيت (عليهم السَّلام).

فهو خادم للإمام الحسين (عليه السَّلام) وخادم أهل البيت (عليهم السَّلام).
وبقدر ما يعيش الإمام الحسين (عليه السَّلام)، وأهل البيت (عليهم السَّلام) في عقل الجمهور الشِّيعي.
وبقدر ما يعيش الإمام الحسين (عليه السَّلام)، وأهل البيت (عليهم السَّلام) في وجدان الجمهور الشِّيعي.
وبقدر ما يعيش الإمام الحسين (عليه السَّلام)، وأهل البيت (عليهم السَّلام) في كلِّ واقع الجمهور الشِّيعي.
فإنَّه يتمركز (صُنَّاع الوعي الحسيني)
ويتمركز (صُنَّاع الوجدان الحسيني)
ويتمركز (صنَّاع الحراك الحسيني) في العقول وفي القلوب وفي كلِّ المسارات.
ومن صنَّاع هذا الوعي والوجدان والحراك (الشُّعراء الحسينيُّون)

الفقيد الكبير الأستاذ غازي الحدَّاد واحدٌ من هؤلاء الشُّعراء الَّذين:

‌أ-أصَّلُوا الوعي الحسيني
ليس فقط صنع وعيًا حسينيًّا، وإنَّما أصَّل وعيًا حسينيًّا، والتَّأصيل هو رسم المرتكزات الأساس في الوعي الحسيني، فقد يكون هناك مَنْ يطرح مفاهيم حسينيَّة فقط ولكنَّه ليس مؤصِّلًا، المؤصِّل هو مَنْ يرتبط بالمنابع الأصيلة في الفكر الحسيني، ولذلك أقول إنَّ الأستاذ غازي من الَّذين أصَّلوا، وتعاطوا مع مفاهيم عاشوراء بوعي مركَّز، وليس اجترارًا فكريًّا ثقافيًّا، فهناك مَنْ يجتَّر الأفكار، ويجتَّر المفاهيم، ويجترُّ التَّصوُّرات، وهناك مَنْ يعيش عُمق الأصالة الفكريَّة والثَّقافيَّة، فحين نقرأ شعر الأستاذ غازي الحدَّاد نقرأ أصالة، ونقرأ عمقًا، ونقرأ مفاهيم أساس في الفكر العاشورائي.
إذن، أستاذنا من الشُّعراء الذين أصَّلوا، وليس مجرَّد طرحوا مفاهيم وطرحوا أفكارًا، بل أصَّلوا، وصنعوا وعيًا أصيلًا، وصنعوا ثقافةً أصيلة، وصنعوا مفاهيم أصيلة.

‌ب- وأيقظوا الوجدان الحسيني

كما أصَّل المفاهيم، وكما أصَّل الرُّؤى فقد حرَّك الوجدان، ليس تحريكًا عاطفيًّا منفلتًا، بل أيقظ الوجدان في ضوء وعيٍ حسينيٍّ وفي ضوء رؤية حسينيَّة، وفي ضوء مفاهيم حسينيَّة، فقد تنطلق المشاعر الحسينيَّة بعيدًا عن الوعي الحسيني، لكن هنا في مشروع الأستاذ غازي الحدَّاد، وفي خطابه الحسيني، وفي شعره الحسيني يُزاوج بين الوعي والوجدان، كما صنع وعيًا حسينيًّا كذلك صنع وجدانًا حسينيًّا مرتبطًا بهذا الوعي، وصنع وعيًا مرتبطًا بهذا الوجدان.
هنا القيمة الكبيرة، كيف نزاوج بدرجة كبيرة بين الوعي الحسيني وبين الوجدان الحسيني؟
في شعر الأستاذ نجد هذه المزاوجة بشكلٍ واضح، وبشكلٍ مركَّز.

ج- ونشَّطوا الحَراك الحسيني

هناك إنسان يصنع وعيًا حسينيًّا، ويصنع عاطفة حسينيَّة، لكن لا يصنع حَراكًا.
الحَراك في مساحات الحياة، وفي كلِّ مجالات الحياة العمليَّة للفرد وللمجتمع وللأسرة.
وهناك إنسان يحمل المفاهيم الحسينيَّة ويحمل المشاعر الحسينيَّة، لكن لا يحمل السُّلوك الحسيني، ولا يحمل الحَراك الحسيني.
القيمة حينما نستطيع أن نُزاوج بين الوعي والوجدان والسُّلوك، هنا القيمة الكبيرة حينما نستطيع أن نزاوج بين الوعي والوجدان والحَراك.
لذلك شاعرنا واحد من الشُّعراء الذين استطاعوا أن يُزاوجوا بين بين الوعي والوجدان والحَراك.
إذا كان كذلك
فكيف لا يتمركز في وعي جمهورنا الحسيني؟!
وكيف لا يتمركز في وجدان جمهورنا الحسيني؟!
وكيف لا يتمركز في كلِّ واقع جمهورنا الحسيني؟!
هذا السَّبب الأوَّل الذي أعطى للشَّاعر الأستاذ غازي الحدَّاد هذا التَّمركُز في العقل، وفي الوجدان، وفي الواقع الحسيني.

السَّبب الثَّاني: كان (رحمه الله) صادق الولاء والعشق للإمام الحسين (عليه السَّلام)، ولأهل البيت (عليهم السَّلام)

وهذا الصِّدق يقطر في كلِّ ما صدر عنه من (قصائد)، و(أشعار)، و(كلمات) لا تعرف (التصنُّع) و(التكلَّف).
هناك مَنْ يتصنَّع ويتكلَّف الولاء، وهناك مَنْ يعيش عُمقًا في الولاء، وعُمقًا في العشق، وعمقًا في الحبِّ، ما نلمسه في نبضات هذا الشَّاعر أنَّه يحمل إحساسًا نقيًّا صادقًا ولائيًّا، كلَّما تمركز الصِّدق الولائي، وكلَّما تمركز العشق الولائي لكربلاء الإمام الحسين (عليه السَّلام)، ولعاشوراء الإمام الحسين (عليه السَّلام)، ولأهل البيت (عليهم السَّلام)، ولرسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، كلَّما تمركز وكلَّما صدق هذا الولاء وهذا العشق.
الشُّعراء صنفان كما حدَّدهما القرآن:
الصِّنف الأوَّل: الشُّعراء النفعيُّون الَّذين يبحثون عن الشُّهرة والمواقع، ويقولون ما لا يفعلون.
•{وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} (الشُّعراء/224)
هؤلاء شعراء مضلِّلون، عابثون بالقِيم وبالمفاهيم، والشُّعراء من هذا النَّمط يتَّبعهم الغاوون.
•{أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ} (الشُّعراء/225)
مع المصالح، ومع الشَّهوات، ومع الأغراض.
•{وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ} (الشُّعراء/226)
كلام، ونظريَّات، وأفكار، ومفاهيم، وعواطف، لكن ليس لها ترجمة عمليَّة.

الصِّنف الثَّاني: الشُّعراء المبدئيُّون الَّذين ينتصرون للحقِّ، ويقولون الكلمة الصَّادقة، ويتمثَّلون القِيم النَّظيفة، والأهداف السَّامية، والغايات النَّبيلة.
•{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا …}. (الشُّعراء/227)
تحدَّث القرآن عن الشُّعراء النَّفعيِّين الضَّالين المُضلِّين ثمَّ قال:
{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا…}، يعني من الشُّعراء، الَّذين يحملون عمق الإيمان، وصدق الإيمان، ونقاء الإيمان.
{… وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ …}، ليسوا نظريِّين، بل يقولون ويفعلون، ويطبِّقون.
{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيرًا …}
معاييرهم معايير ربانيَّة، يتحرَّكون وِفق المعايير الشَّرعيَّة والرَّبَّانيَّة.
{… وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا …}، يقولون كلمة الحقِّ، وينتصرون للحقِّ.
الشَّاعر الرَّاحل الأستاذ غازي الحدَّاد أحد الشُّعراء المبدئيِّين، فيما أكَّده شعره من الولاء لأهل البيت (عليهم السَّلام)، وفيما أثاره من وهج التَّفاعل مع عاشوراء الحسين (عليه السَّلام)، وكان صادقًا كلَّ الصِّدق في ولائه، وفي عشقه للإمام الحسين (عليه السَّلام)، ولأهل البيت الأطهار (عليهم السَّلام).
ولذلك وجد موقعه الحقيقي في قلوب وفي مشاعر وفي وجدان كلِّ عشاق أهل البيت (عليهم السَّلام)، ومحبِّي أهل البيت (عليهم السَّلام).

السَّبب الثَّالث: الشَّاعر حينما يلامس همومَ النَّاسِ والآمَهم، وقضاياهم يجد طريقه إلى عقولِهم وقلوبِهم وإلى كلِّ واقِعهم.

هكذا كان الشَّاعر غازي الحدَّاد، فقصائده وأشعاره ما كانت غائبة عن هموم الجماهير؛ لذلك كان من السَّهل أنْ تقتحم الوجدان والمشاعر والأحاسيس.
وحينما نتحدَّث عن حضور الشَّاعر في قضايا وهموم النَّاس لا نعني (الإنئسار) لكلِّ العواطف بلا معايير (الحقِّ والباطل)، وبلا معايير (الصَّح والخطأ) وإلَّا كان الشَّاعر من الَّذين قالت عنهم الآية {أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ} (الشُّعراء/225)
بمعنى أي لا يمشي الشَّاعر مع الشَّارع أيًّا كان الشَّارع، وأيًّا كانت المشاعر، وأيًّا كانت العواطف، فربما ينفلت الشَّارع، وربما يتيه، وربما تسيطر عليه مشاعر منفلتة سائبة، وهذا لا يعني أن لا يعيش هموم النَّاس وهموم الشارع، بل لا ينأسر لكلِّ العواطف بلا معايير.
الشَّاعر المبدئي هو الذي ينطلق في مواقعه من معايير الحقِّ.

أخلص إلى القول:
إنَّ من الأسباب التي أعطت لشاعرنا الرَّاحل غازي الحدَّاد حضورًا كبيرًا في كلِّ وجدان النَّاس وفي مشاعرهم، أنَّه:
أوَّلًا: من عشَّاق الإمام الحسين (عليه السَّلام) الصَّادقين.
ثانيًا: وظَّف قدراته الشِّعريَّة في خدمة أهداف هذا العشق الحسيني.
ثالثًا: كان شاعرًا مبدئيًّا رساليًّا عاش هموم السَّاحة وقضايا النَّاس الحقَّة.

العنوان الثَّاني: ماذا بعد رحيله؟

المسألة ليست أنْ يُقام له حفلُ تأبين.
المسألة ليست أنْ يُقال في حقِّهِ بعضُ كلماتٍ وبعضُ قصائد.
المسألة ليست أنْ تُذرف عليه بعضُ دموعٍ.
كلُّ هذا مطلوب جدًّا، وهو قليل في حقِّ هذه النَّماذج من الشُّعراء الولائيِّين المبدئيِّين الَّذين عاشوا عشقًا وذوبانًا لكربلاء الإمام الحسين (عليه السَّلام).
المسألة الأهم:
(1) كيف يبقى هذا الشَّاعر وأمثاله من شعراء الولاء في وعي الجماهير؟
كان هؤلاء في حياتهم يملؤون وعي الجماهير، فيجب أنْ يبقوا كذلك بعد رحيلهم.
(2)كيف يبقى هذا الشَّاعر وأمثاله من شعراء الولاء في وجدان الجماهير؟
كان هؤلاء في حياتهم يملؤون وجدان الجماهير، فيجب أنْ يبقوا كذلك بعد رحيلهم.
(3)كيف يبقى هذا الشَّاعر وأمثاله من شعراء الولاء في حَراك الجماهير؟
كانوا في حياتهم كذلك، فيجب أنْ يبقوا كذلك بعد رحيلهم.
من الشَّخصيَّات ما تملأ هذه المواقع ما دامت على قيد الحياة، ويلفُّها النسيان بعد رحيلها.

مَنْ يتحمَّل مسؤوليَّة إبقاء هذه النَّماذج حيَّةً حاضرة وإنْ رحلت عن هذه الدُّنيا؟
ما دام الأستاذ الرَّاحل وأمثاله هم من شعراء الولاء، ومن شعراء الإمام الحسين (عليه السَّلام).
فمسؤوليَّة أنْ يبقى هؤلاء في حركة الأجيال هي مسؤوليَّة المعنيِّين بالشَّأن الولائي، وبالأخص بالشَّأن الحسيني.
هي مسؤوليَّة علماء، وخطباء منبر.
هي مسؤوليَّة شعراء ورواديد.
هي مسؤوليَّة أدباء ومثقَّفين.
هي مسؤوليَّة إدارات مآتم.
هي مسؤوليَّة جماهير حسينيَّة.

العنوان الثَّالث: كلمة للشُّعراء والرَّواديد

وأنا أوبِّنُ شاعرًا من شعراء عاشوراء الحسين (عليه السَّلام) أجدها فرصة أنْ أخاطب كلَّ الشُّعراء والرَّواديد، ونحن نستقبل موسم عاشوراء.
أيُّها الأعزَّاء الكرام:
إنَّ القصائد والرَّدَّات العاشورائيَّة يجب أن تحكمها مجموعة ضوابط:

الضَّابط الأوَّل: أنْ يكون المضمون عاشورائيًّا

وأعني بالمضمون العاشورائي:
أوَّلًا: أن تعبِّر – هذه القصائد والرَّدَّات – عن وعي عاشوراء في أفكارها ومفاهيمها، وفي كلِّ رُؤاها وتصوُّراتها.

ثانيًا: أنْ تعبّر – هذه القصائد والرَّدَّات – عن وجدان عاشوراء، ووهج عاشوراء، ونبض عاشوراء، ومشاعر عاشوراء، وعواطف عاشوراء.

ثالثًا: أن تعبِّر عن رسالة عاشوراء في تحصين الأمَّة عقيديًّا، وإيمانيًّا، وثقافيًّا، وروحيًّا، وأخلاقيًّا، وسلوكيًّا، واجتماعيًّا، وفي كلِّ المجالات.
عاشوراء لها رسالة، فهذا الشِّعر، وهذه الرَّدات إذا لم تحمل هذه الرِّسالة فليست شعرًا عاشورائيًّا، وليست ردَّات عاشورائيَّة.

الضَّابط الثَّاني: فيما يتعلَّق بلغة القصائد والرَّدَّات

مطلوب:
أوَّلًا: أنْ تكون اللُّغة واضحة ومفهومة، والابتعاد عن اللُّغة المطلسمة، والغارقة في المعاني المبهمة، والخيالات الغائمة.

ثانيًا: أنْ تجمع اللُّغة بين الفكر والعاطفة
فالفكر العاشورائي مطلوب أنْ يُعبَّأ بجرعات من العاطفة العاشورائيَّة، وإلَّا تكلَّس وتجمَّد.
والعاطفة العاشورائيَّة مطلوب أنْ تُعبَّأ بجرعة من الوعي العاشورائي، وإلَّا انزلقت وتاهت.

الضَّابط الثَّالث: فيما يتعلَّق بألحان القصائد والرَّدَّات

مطلوبٌ:
أوَّلًا: أنْ تكون الألحان خاضعة للضَّوابط الفقهيَّة الصَّحيحة.
وإلَّا اصطدم ذلك مع الأحكام الشَّرعيَّة، وما قامت ثورة الإمام الحسين (عليه السَّلام) إلَّا من أجل حماية شرع الله، فيجب أنْ تكون جميع مراسم عاشوراء تتحرَّك في اتِّجاه هذا الهدف.

ثانيًا: أنْ لا ينساق الشُّعراء والرَّواديد مع مزاجات الشَّارع، إذا كانت هذه المزاجات لا تنسجم مع ضوابط الدِّين، فالكثير ممَّا هو دخيل على مراسم عاشوراء كان من إنتاج هذه المزاجات.

وأخيرًا:
أشدُّ على أيدي كلِّ الشُّعراء والرَّواديد، آملا أن يكونوا نماذج مُشرِّفة تحمل (صوت عاشوراء) إلى كلِّ العالم بكلِّ اقتدار وكفاءة، وبكلِّ نقاء وأصالة، وبكلِّ فخر واعتزاز، وبكلِّ إرادة وإصرار، بعيدًا عن كلِّ أشكال الغبش والزَّيف والخرافة.

وآخر دعوانا أنْ الحمد الله ربِّ العالمين.
والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى