حديث الجمعةشهر ذي الحجة

حديث الجمعة 481: القيمة العظمى لقضاء حوائج النّاسِ – بعضُ تطبيقاتٍ نستوحيها من كلمةِ الإمام الجواد (عليه السَّلام)

بسم الله الرحمن الرَّحِيم
الحمد لله ربِّ العالمين، وأفضل الصًّلواتِ على سيّد الأنبياءِ والمرسلين محمَّدٍ وآلِهِ الميامين.
وبعد، فمع:

هذه الكلمة للإمام محمَّدٍ الجواد (عليه السَّلام):
تقول الكلمةُ: “ما عَظُمَتْ نِعَمُ اللهِ عَلى أَحَدٍ إلَّا عَظُمَتْ إِلَيْهِ حَوائِجُ النَّاسِ، فَمَن لَمْ يَحْتَمِلْ تِلْكَ المؤونَةَ عَرَّضَ تِلْكَ النِّعْمَةَ لِلزَّوالِ”؟ (الفصول المهمة في معرفة الأئمَّة2/1052، ابن الصبَّاغ).

أوًّلًا: المعنى الإِجمالي لهذه الكلمة
نِعَم الله تعالى على العباد لا تعدُّ، ولا تحصى ﴿وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا …﴾ (سورة النحل: الآية18)
وكلَّما عظمت النِّعمة على العبد كانت حاجة النَّاس إليه أعظم، وأكبر!
وهنا تكون مسؤوليَّته أعظم وأكبر في توظيف هذه النِّعمة في خدمة النَّاس، وإذا تخلَّى عن أداء هذه المسؤوليَّة عرَّض نعمة الله سبحانه للزَّوال.

ثانيًا: وأمَّا المعنى التَّفصيليُّ
فمِن وحي هذهِ الكلمةِ أتناول عنوانين:

العنوان الأوَّل: القيمة العظمى لقضاء حوائج النّاسِ
العنوان الثَّاني: بعضُ تطبيقاتٍ نستوحيها من كلمةِ الإمام الجواد (عليه السَّلام)
فـ:

العنوان الأوَّل: القِيمة العظمى لقضاء حوائج النَّاس
وتتمثَّل هذه القيمةُ – حسبما جاء في الرِّوايات – فيما يلي:
1- يقضي الله تعالى حوائج الإنسان، ويدخله الجنَّة، فـ:
أ- عن النبيَّ (صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم): “مَنْ قَضَى لِمُؤْمِنِ حَاجَةً قَضَى اللَّهُ لَهُ حَوَائِجَ كَثِيرةً، أَدْنَاهَا الْجَنَّةُ” (قرب الإسناد، الصفحة119، الحميري القمي).
ب- وعنه (صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم): “المُؤمِنونَ إخوَةٌ يَقضي بَعضُهُم حَوائِجَ بَعضٍ، فَبِقَضاءِ بَعضِهِم حَوائِجَ بَعضٍ يَقضِي اللهُ حَوائِجَهُم يَومَ القِيامَةِ” (مستدرك الوسائل12/403، ميرزا حسين النوري الطبرسي).
ج- وعن الإمام الصَّادق (عليه السَّلام): “…، مَنْ قَضَى لِأَخِيهِ الْمُؤْمِنِ حَاجَةً قَضَى اللهُ (عزَّ وجلَّ) لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِائَةَ أَلْفِ حَاجَةٍ، مِنْ ذَلِكَ أَوَّلُهَا الْجَنَّةُ، …” (الكافي2/193، الشَّيخ الكليني).
د- وعنه (عليه السَّلام): “مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ المُسلِمِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ مَا كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ” ( وسائل الشيعة16/367، الشيخ الكليني).
2- الأمنُ من عذاب الله ِ (عزَّ وجلَّ)، فـ:
أ- عن أمير المؤمنين (عليه السَّلام): “إِنَّ للهِ عِبَادًا مِنْ خَلْقِهِ تَفْزَعُ الْنَّاسُ إِلَيْهِمْ فِي حَوَائِجِهِمْ، أُولَئِكَ الْآمِنُونَ مِنْ عَذَابِ اللهِ (عَزَّ وجَلَّ)” (إرشاد القلوب1/146، الحسن بن محمد الدليمي).
ب- وعن الإمام الرِّضَا (عليه السَّلام): “إِنَّ لله عِبَادًا فِي الأرْضِ يَسْعَوْنَ فِي حَوَائِجِ النَّاسِ هُمُ الآمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وَمَنْ أَدْخَلَ عَلَى مُؤْمِنٍ سُرُورًا فَرَّحَ الله قَلْبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ”.( )(الكافي2/197، الشَّيخ الكليني).
3- يفرِّج الله تعالى عنه كرب الدُّنيا والآخرة
عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم): “مَنْ فَرَّجَ عَنْ أَخِيهِ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ اثْنَين وسَبْعِيْنَ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الْآخِرَةِ واثْنَين وسَبْعِيْنَ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا أهْوَنَهَا المَغْفِرَة” (جامع أحاديث الشيعة16/135، السيد البروجردي).
4- أحبُّ الخلق إلى الله (عزَّ وجلَّ)
عن الإمام الصَّادق (عليه السَّلام)، قال: “قالَ اللهُ (عَزَّ وجَلَّ): الخَلقُ عِيالي، فَأَحَبُّهُم إلَيَّ ألطَفُهُم بِهِم، وأسعاهُم في حَوائِجِهِم” (جامع أحاديث الشيعة16/126، السيد البروجردي).
5- أحبُّ الاًعمالِ إلى الله (عزَّ وجلَّ)
أ- عن الإمام الصَّادق (عليه السَّلام)، قال: “مِن أحبِّ الأعمال إلى الله (عزَّ وجلَّ) إدخال السُّرور على المؤمن: إشباع جوعه، أو تنفيس كربه، أو قضاء دينه” ( روضة المتقين في شرح مَن لا يحضره الفقيه9/403، المجلسي الأول).
ب- وفي الحديث عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم): “إنَّ أحبَّ الأعمال إلى الله (عزَّ وجلَّ) إدخال السُّرور على المؤمنين” (الكافي2/189، الشَّيخ الكليني).
6- الخروج من الذُّنوب
عنه (صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم): “مَن سعى لمريض في حاجةٍ قضاها، أو لم يقضها خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمُّه!
قال رجل من الأنصار: بأبي أنت وأمِّي يا رسول الله، فإنْ كان المريض من أهل بيته، أَوَ ليس أعظم أجرًا إذا سعى في حاجة أهل بيته؟
قال (صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم): نعم” (بحار الأنوار78/217، العلَامة المجلسي).
7- أحبُّ من عشرين حجَّة
عن الإمام الصَّادق (عليه السَّلام)، قال: “لقضاء حاجة المؤمن أحبُّ إليَّ من عشرين حجَّة، كلُّ حجَّة ينفق منها صاحبها مائة ألف” (العقد الحسيني، الصفحة8، والد البهائي العاملي).
8- خير من عتق ألف رقبة
عن الإمام الصَّادق (عليه السَّلام)، قال: “قضاء حاجة المؤمن خيرٌ من عتق ألف رقبة، …”. (روضة المتقين في شرح مَن لا يحضره الفقيه9/405، المجلسي الأول).
9- كتب الله له اثنين وسبعين رحمة
عن الإمام الصَّادق (عليه السَّلام)، قال: “مَنْ أغَاث أخاه المؤمن اللَّهفان اللَّهثان عند جهده فنفَّس كربته، وأعانه على نجاح حاجته، كتب الله (عزَّ وجلَّ) له بذلك ثنتين وسبعين رحمةً من الله، يعجِّل له منها واحدة يصلح بها أمر معيشته، ويدَّخر له إحدى وسبعبن رحمة؛ لأفزاع يوم القيامة وأهواله” (أصول الكافي2/ 207، الكليني).
10- يوكِّل الله تعالى به مَلَكَيْن
عن الإمام الصَّادق (عليه السَّلام)، قال: “تنافسوا في المعروف لإخوانكم، وكونوا من أهلِهِ، فإنَّ للجنَّة بابًا يقال له المعروف، لا يدخله إلَّا مَن اصطنع المعروف في الحياةِ الدُّنيا، فإنَّ العبد ليمشي في حاجة أخيه المؤمنِ، فيوكِّل الله (عزَّ وجلَّ) به ملكين، واحدًا عن يمينه، وآخر عن شمالِهِ يستغفران له ربَّه، ويدعوان بقضاء حاجتِهِ، …” (الكافي2/195، الشَّيخ الكليني).
العنوان الثَّاني: بعض تطبيقات نستوحيها من كلمة الإمام الجواد (عليه السَّلام)
هذا المقطع من كلام الإمام الجواد عليه السّلام يضعنا أمام مجموعة معطيات (تطبيقات):
المعطى الأوَّل (التطبيق الأول)
إذا منحك الله تعالى “علمًا”، وكنت قادرًا في أنْ تضعَه في خدمةِ النَّاسِ، فحذارِ حذارِ أنْ تفرِّط في ذلك.
حق العِلم عليك:
أولًا: أَلَّا تعطِّله ما دام النَّاسُ في حاجة إليه، وما دمت قادرًا على أنْ تبذله.
ثانيًا: ألَّا توظِّف عِلْمَك في غير أهدافه المشروعة.
فالبعض يُوظِّفون “علم الدِّين” توظيفًا مُزوَّرًا، ومن أجل أهدافٍ غير مشروعةٍ.
جاء في الرِّوايات ذم “المتعلِّمين لغير الله”
1- عنه (صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم)، قال: “…، مَنْ ابتغى العِلْمَ؛ ليخدع به النَّاس لم يجد ريح الجنَّةَ، …” (مكارم الأخلاق، الصفحة 460، الشيخ الطبرسي).
2- وعنه (صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم)، قال: “مَنْ تعلَّم العلم رياءً وسمعةً يريد به الدُّنيا نزع الله بركته، وضيَّق عليه معيشته، ووكَّله إلى نفسه، ومَنْ وكَّله الله إلى نفسه فقد هلك”! (مكارم الأخلاق، الصفحة 451، الشيخ الطبرسي).
3- وعنه (صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم)، قال: “مَنْ تعلَّم العلم لغير الله، فليتبوَّأ مقعده من النَّار”. (ميزان الحكمة3/2079، محمد الريشهري).
لغير الله: لأهداف غير مشروعة.
وقد راجت في هذا الزَّمان (الشَّعوذات) باسم الدِّين، فحذارِ حذارِ من المشعوذين والمشعوذات، وقد سقط في حبائل هؤلاء الدَّجَّالين خلق كثير!
إنَّ هؤلاء قد أساءوا إلى سمعة الدِّين، ووظَّفوه لأغراضهم الفاسدة، وأهدافهم السَّيِّئة مستغلِّين سذاجة النَّاس، وغباءَهم، وبساطتهم، ومستغلِّين أمراضهم، وعناءاتهم، وحاجاتهم المرهقة. وموظفين آيات الله تعالى توظيفًا مزوَّرًا، وزاعمين أنَّهم يتعاملون مع الجنِّ تارة، ومع الملائكة أخرى، ومِن أرواح البشر ثالثة، وممارسين أشكالًا من الخداع والتَّضليل، والعبث بالعقول، ويندرج في هذا السَّياق كلُّ أشكال السِّحر.
1- في الحديث عن أمير المؤمنين (عليه السَّلام)، قال: “مَنْ تعلَّم شيئًا من السِّحر قليلًا، أو كثيرًا، فقد كفر، وكان آخر عهده بربِّه، وحدُّه أنْ يقتل إلَّا أنْ يتوب” (قرب الإسناد، الصفحة152، الحميري القمي).
2- أقبلت امرأةٌ إلى رسول الله (صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم)، فقالت: يا رسول الله، إنَّ لي زوجًا وله عليَّ غلظة، وإنِّي صنعت به شيئاً لأعطفه عليَّ؟ – يعني شيئًا من السِّحر، والشَّعوذة -!
فقال رسول الله (صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم): “أفٍّ لكِ، كَدَّرتِ دينَكِ، لعنتكِ الملائكةُ الأخيار – قالها ثلاث مرَّات – لعنتكِ ملائكةُ السَّماءِ، (لعنتكِ) ملائكةُ الأرض”. (بحار الأنوار100/250، المجلسي).
فالحذر الحذر من السُّقوط في حبائل “الدَّجَّالين” المستأكِلين بعلم الدِّين، العابثين بعقول البسطاء والمخدوعين.
نعود للقول: بأنَّ مَنْ منحه الله شيئًا من علم الدِّين مطلوب منه أنْ يبذله للنَّاس، وألَّا يكتمه.
1- قال تعالى في (سورة البقرة:الآية 159): ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾.
2- عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم): “كاتم العلم يلعنُهُ كلُّ شيئ حتَّى الحوتُ في البحر، والطَّير في السَّماء” (ميزان الحكمة3/2075، محمد الريشهري).
3- وعنه (صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم)، قال: “أيَّما رجل آتاه الله عِلْمًا، فكتمه وهو يعلمُهُ لقي الله (عزَّ وجلَّ) يوم القيامةِ ملجمًا بلجام من نار” (ميزان الحكمة3/2076، محمد الريشهري).
4- وعنه (صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم): “مَنْ كتم علمًا ممَّا ينفع الله به في أمر الدِّين – في أمر النَّاس – ألجمه الله يوم القيامةِ بلجام من نار”. (ميزان الحكمة3/2076، محمد الريشهري).
بناءً على رواية “ممَّا ينفع الله به في أمر النَّاس” يتَّسع الكلام لكلِّ أنواع العلم النَّافع، ولا يقتصر الأمر على علم الدِّين.
فمَن ملك عِلْمًا دنيويًّا كعلم الطَّبِّ، والصَّيدلة، وعلم البيئة، وعلم الهندسة أو أيَّ علم من علوم الحياة مطلوبٌ منه أنْ يضعه في خدمة النَّاس ما داموا في حاجة إليه، ولا يعني هذا أنَّه يحرِّم عليه أنْ يتقاضى أجرةً على عمله، بل يجوز له من دون استغلال، وإنْ استطاع أنْ يقدِّم عمله مجانًا للضُّعفاء، والفقراء، والبائسين، فهذا من أفضل القُرُبات، وهو إغاثة للمحرومين، والمكروبين.
1- عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم)، قال: “مَنْ أغاث أخاه المسلم حتَّى يخرجه من همٍّ، وكُربةٍ، وورطةٍ كتب الله له عشر حسنات، ورفع له عشر درجات، وأعطاه ثواب عتق عشر نسمات، ودفع عنه عشر نقمات، وأعدَّ له يوم القيامة عشر شفاعات”. (جامع أحاديث الشيعة16/138، السيد البروجردي).
2- عن الإمام الصَّادق (عليه السَّلام)، قال: “مَنْ أعَاث أخاه المؤمن اللَّهفان اللَّهثان عند جهده، فنفَّس كربته، وأعانه على نجاح حاجته، كتب الله (عزَّ وجلَّ) له بذلك ثنتين وسبعين رحمةً …” (أصول الكافي2/ 207، الكليني).
وقد تقدَّم الحديث.
العلم لخدمة الإنسان والأوطان
نخلص إلى القول: بأنَّ العِلْمَ دينيًّا كان أم دنيويًّا يجب أنْ يكون في خدمةِ الإنسانِ، وفي صالحِ الأوطانِ، وحينما يتعطَّلُ دورُ العِلْمِ، أو حينما تنحرفُ رِسالتُهُ لا شكَّ يصنعُ أوضاعًا متخلِّفةً، أو مُنحرفةً.
ليس عِلْمًا حقًّا ذاك الَّذي يُكرِّسُ العبثَ، والفساد.
ليس عِلْمًا حقَّا ذاك الَّذي يزرعُ الفتنَ، والأحقاد، والضَّغائنَ، والخلافاتِ، والصِّراعاتِ.
ليس عِلْمًا حقًّا ذاك الَّذي يصنعُ التَّعصُّبَ، والتَّشدُّدَ، والعُنفَ، والتَّطرُّفَ، والإرهابَ.
العِلْمُ الحَقُّ ثقافةُ بناءٍ، ونهجُ حياةٍ، وطريق رُشْدٍ، وسبيلُ هدايةٍ.
العِلْمُ الحَقُّ محبَّةٌ، وتسامحٌ، وتآلفٌ، وتقاربٌ، ومسالمةٌ، ومؤالفةٌ.
العِلْمُ الحَقُّ كلمةٌ، موقفٌ، إرادةٌ؛ من أجلِ الخير، والصَّلاحِ، والعزَّةِ، والكرامةِ؛ ومن أجلِ الإنسانِ والأوطانِ، والسَّلام، والأمانِ.
لا يخلو وطنٌ من أزماتٍ، وعلاجُ الأزماتِ في حاجةٍ إلى حكمةٍ، والحكمةُ لا ينتجها إلَّا عِلْمٌ حقٌ، ورشدٌ حقٌ، وبصيرة حقَّةٌ.
وإذا لم تعالج الأزماتُ بحكمةٍ تحوَّلت مآزقَ سياسيَّةً، ومآزقَ أمنيَّةً، ممَّا يُهدِّدُ أوضاعُ الأوطان، وممَّا يُقلقُ حياةَ الشُّعوب.
هذا الوطن والَّذي نحنو عليه بكلِّ ما في قلوبنا من مشاعِرَ وأحاسيسَ، والَّذي تلهجُ ألسنتُنا دعاءً له بالأمنِ والاستقرارِ، هذا الوطنُ يُطالبنا أنْ نلتقي، أنْ تقاربَ، أنْ نتحاورَ؛ من أجل ألَّا تبقى فيه أزماتٌ، واحتقاناتٌ، وتوتُّرات؛ من أجل ألَّا تبقى فيه عناءاتٌ، وإرهاقاتٌ، وآهات؛ من أجل أنْ تسود فيه المحبَّةُ، والرَّحمةُ، والرِّفقُ، والتَّسامح.
أيُّ خياراتٌ أخرى هي خياراتٌ ضارَّة بهذا الوطنِ، وبكلِّ مصالحةِ، وبكلِّ آمال أبنائِه، وبكلِّ تطلعات شعبه.
لا رابحَ حينما تبقى الأزمات إلَّا أعداءُ الوطن، ولا منتصرَ حينما تبقى الخلافات إلَّا صنَّاع الفتن، ودعاة الكراهية، وتجَّار العصبيَّة.
لا نريد أنْ يتكرَّس على هذه الأرضِ قلقٌ، وخوفٌ، ويأسٌ، إنَّ إرادةً جادَّةً، وصادقةً، وواثقةً قادرة أنْ تمسح كلَّ ذلك.
وقادرةٌ أن تصوغ واقعًا يطمح إليه كلُّ الغيارى من أبناءٍ هذا الوطن.
نتابع التَّطبيقاتِ والمعطياتِ لكلمة الإمام الجواد (عليه السّلام) في حديث قادم إنْ شاء الله تعالى. وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى