حديث الجمعةشهر محرم

حديث الجمعة105: الاعتداء الآثم يعبر عن حجم المؤامرة التي تستهدف الإسلام-الجمهور العاشورائي(3)-استنفار يؤسس لفتنة طائفية مدمره

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا الأنبياء  والمرسلين محمد واله الهداة الميامين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


في البداية نرفع العزاء إلى مقام مولانا الإمام الحجة بن الحسن عليه السلام، والى المراجع العظام والأمة جمعاء بمناسبة الحدث الجلل الذي افجع القلوب وأدمى العيون حيث امتدت الأيدي الأثيمة المجرمة لتمارس اعتداءها الشائن على المرقد المطهر للإمامين العسكريين عليهما السلام منتهكة بذلك حرمة الله وحرمة رسول الله صلى الله عليه وآله، وحرمة الأئمة من ذرية عليهم سلام الله ، منتهكة كذلك حرمة الإسلام والقرآن وكل المقدسات، وقد برهن هؤلاء الإرهابيون التكفيريون على مستوى الخسة، والدناءة، والحقد الدفين الذي يحملونه في قلوبهم الشريرة وفي نفوسهم الملوثة.
إن هذا الاعتداء الآثم يعبر عن حجم المؤامرة التي تستهدف الإسلام، وتستهدف القيم، والمقدسات، وتستهدف وحدة الأمة.
إن مسؤولية الأمة بكل مكوناتها أن تقف صفا واحدا في وجه المؤامرات الخطيرة التي تحركها قوى الشر والظلام والتكفير والإرهاب مدعومة من قبل الاستكبار في الداخل والخارج. إن عناصر العبث والفتنه تمارس اخطر الأدوار في وسط هذه الأمة من أجل تمزيقها وإشاعة الفوضى في داخلها.
إننا نهيب بالمؤمنين أن يكونوا واعين لكل المؤامرات ولكل محاولات العبث والفتنه ، كما إننا نستنكر بشده العمل الإجرامي الخائن الذي طال المرقد المقدس في سامراء ونطالب كافة القوى الخيرية أن تستنكر هذه الجريمة الشنيعة ، ونداؤنا إلى الجماهير في هذا البلد أن تعبر عن شجبها واستنكارها وغضبها بكل الوسائل السلمية الممكنة من المسيرات واعتصامات واحتجاجات في الصحف والمنتديات والمساجد والحسينيات…
وبالمناسبة نعرب عن أسفنا الشديد لامتناع الصحف المحلية عن نشر تعزيه واستنكار المجلس الإسلامي العلمائي بدعوى أن هناك قرارا رسميا بدلك ، إن هذا الموقف يعبر عن مصادره صريحة لحرية الكلمة، وحرية التعبير، ويحمل مؤشرا له تداعياته الخطيرة … في الوقت الذي يسمح لإعلانات العبث والفسق والفجور أن تتصدر الصحافة المحلية، وتمنع المجلس الإسلامي العلمائي من أن يوصل صوته النظيف المتوازن إلى هذه الصحافة، وإذا أغلقت الصحافة أبوابها أمام المجلس العلمائي فسوف تبقى قلوب الجماهير مفتوحة إلى كلمات العلماء وبياناتهم.


أيها المؤمنون…
انتم على موعد مع المسيرة الجماهيرية الكبيرة التي سوف تنطلق غدا الجمعة الساعة الثالثة من دوار القدم … وهذا اقل ما تعبرون عنه عن ولائكم الأطهار ، في حديث على هذا المستوى لسنا في حاجه أن نعبأ الناس والجماهير ، فالغليان قد بلغ ذروته في كل القلوب… بارك الله في مشاعر المؤمنين، في ولائهم الصادق، ولهم من الله أعظم الأجر والثواب.


نتناول من خلال هذه الحديث بعض العناوين:
• الجمهور العاشورائي(3).
• استنفار يؤسس لفتنه طائفيه مدمره.


الجمهور العاشورائي(3):
هذا الجمهور يملك درجة عالية من الوعي والبصيرة بأهداف عاشوراء الحسين، وهذا الجمهور يملك درجة عالية من الحرارة، والذوبان، والانصهار مع أهداف عاشوراء الحسين(ع)، وماذا بعد الوعي والانصهار؟ وهل أن هذين العنصرين هما فقط مكونات التشكل العاشورائي؟
إن الكثيرين ممن يملكون الوعي بأهداف عاشوراء لا يصح أن يوصفون في عداد (الجمهور العاشورائي)، وإن الكثيرين ممن يملكون الحرارة والحماس لا يصح أن يصفوا في عداد (الجمهور العاشورائي).
 هناك عنصر ثالث هام وخطير يجب أن يتوفر عليه الجمهور العاشورائي، هذا العنصر هو ((الالتزام العلمي)) بأهداف عاشوراء.
إن التجسيد الحقيقي  لأهداف  عاشوراء يشكل أهم مكونات الانتماء إلى خط الثورة الحسينية والى خط عاشوراء الحسين(ع)، وحينما نتحدث عن الالتزام العملي وعن التجسيد الحقيقي نتحدث عن :
• فكر ملتزم بأهداف عاشوراء
• وعاطفة ملتزمة بأهداف عاشوراء
• وسلوك ملتزم بأهداف عاشوراء


لكي نعطي المسألة توضيحا أكثر نتناول بعض التفصيلات.
(1) ماذا نعني بالفكر الملتزم بأهداف عاشوراء؟
من أهم خصائص الجمهور العاشورائي انه جمهور يملك”فكرا عاشورائيا”، والفكر العاشورائي هي مجموعه من الأفكار ، والمفاهيم، والقيم التي طرحتها ثورة الإمام الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء ، لا يكفي أن نملك وعيا بهذه الأفكار، والمفاهيم، والقيم ، فإن هذا الوعي يمثل البعد النظري فقط ، وأما البعد العملي فهو أن يتحول هذا الوعي بالأفكار والمفاهيم والقيم إلى واقع متحرك يصوغ كل أفكارنا ومفاهيمنا وقيمنا ، فلا نفكر إلا من خلال عاشوراء الحسين عليه السلام ومن خلال مفاهيم عاشوراء الحسين عليه السلام ومن خلال قيم عاشوراء الحسين عليه السلام .
إذا أردنا أن نحاسب انتماءنا إلى عاشوراء الإمام الحسين عليه السلام ، فيجب أن نحاسب أفكارنا ومفاهيمنا وقيمنا، ربما تكون هذه الأفكار والمفاهيم والقيم متناقضة مع عاشوراء الإمام الحسين عليه السلام، محارب لعاشوراء من يتبنى أفكارا متناقضة لا أفكار عاشوراء الحسين عليه السلام، كل فكر ة تتناقض مع الإسلام ، مع الدين، مع القرآن، هي فكرة متناقضة  لعاشوراء.


لماذا ثار الإمام الحسين عليه السلام؟
من أجل الدفاع عن الإسلام ، وحماية قيم الدين ، والحفاظ على مبادئ القرآن ، فالإنسان العاشورائي هو من يتبنى الدفاع عن مبادئ الإسلام ، وحماية قيم الدين ، والحفاظ على مبادئ القرآن…
الإنسان العاشورائي من يتبنى مفاهيم الحق والصلاح والعدل والحرية والكرامة…
الإنسان العاشورائي من يتبنى قيم الخير والفضيلة والطهر والنظافة…
أما أعداء عاشوراء، أما المحاربون لعاشوراء:
 فهم الذين يتبنون ثقافة الضلال والانحراف  والفساد، هم الذين يتبنون ثقافة الظلم والقهر والاستبداد، والعبث بالكرامات…
 هم الذين يتبنون ثقافة الشر والرذيلة والسقوط الأخلاقي…
 هم الذين يتناقضون فكريا وثقافيا مع مفاهيم الإسلام والدين والقرآن…


(2) ماذا نعني بالعاطفة الملتزمة بأهداف عاشوراء؟
 إنها العاطفة التي تشكل من خلال مدرسة عاشوراء ، إنها العاطفة التي تحمل “حب الله” في أعلى درجاته.
العاشورائيون الحقيقيون هم “عشاق الله”…
الحسين  كان  من عشاق الله…
العباس كان من عشاق الله…
الأكبر كان من عشاق الله…
القاسم كان من عشاق الله…
حبيب كان من عشاق الله…
مسلم كان من عشاق الله…
جميع أنصار الحسين كانوا  من عشاق الله…
فإذا أردنا أن نكون عاشورائيين حقا فيجب أن نكون من عشاق الله …
وعشاق الله هم عشاق أنبياء الله وفي مقدمتهم سيد أنبياء الله محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله، وهم عشاق أولياء الله وفي مقدمتهم سادة الأصفياء الأئمة من آل رسول الله عليهم أفضل  صلوات الله ، وهم عشاق الإسلام ، وعشاق الدين، وعشاق القرآن، هؤلاء هم العاشورائيون الصادقون.


(3) ماذا نعني بالسلوك الملتزم بأهداف عاشوراء؟
إذا كان الإنسان العاشورائي هو الذي يحمل الفكر الملتزم بأهداف عاشوراء…
وإذا كان الإنسان العاشورائي هو الذي يحمل العاطفة الملتزمة بأهداف عاشوراء…
فإن الإنسان العاشورائي هو الذي يحمل سلوك الملتزم بأهداف عاشوراء…
إن الالتزام الفكري الصادق ، يفرض التزاما سلوكيا صادقا…
كما إن الالتزام العاطفي الصادق يفرض التزاما سلوكيا صادقا…
حينما يبقى الفكر ثقافة في الذهن ولا يتحول إلى سلوك عملي فهو فكر غير ملتزم…
وحينما تبقى العاطفة شعورا في القلب ولا تتحول إلى مماسه متحركة فهي عاطفة غير ملتزمة…


هذه  بعض آيات من كتاب الله تؤكد العلاقة بين الإيمان والعمل:
• “”إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُواْ إِلَى رَبِّهِمْ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ””
• “”إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ””
• “” إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ””
• “” فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ””
• “”وَالْعَصْرِ *إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ “”
وهذه بعض كلمات من كتاب الله وأقوال المعصومين تؤكد العلاقة بين العاطفة والعمل:
• “”قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ””
• قال الإمام الباقر عليه السلام لجابر الجعفي:””يا جابر:أيكتفي من انتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت؟ فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه وما كانوا يعرفون -يا جابر-إلا بالتواضع و التخشع، وكثرة ذكر الله، والصوم، والصلاة، والتعهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين و الأيتام، وصدق الحديث ، وتلاوة القرآن، وكف الألسن عن الناس غلا من خير ، فلو قال: أني أحب رسول الله صلى الله عليه واله ورسول الله صلى الله عليه وآله خير من علي ثم لا يعمل بعلمه، ولا يتبع سنته ما نفعه حبه إياه شيئا… فاتقوا الله واعملوا لما عند الله، ليس بين الله وبين احد قرابة، أحب العباد إلى الله وأكرمهم عليه اتقاهم له، وأعلمهم بطاعته، والله ما يتقرب إلى الله جل ثناؤه إلا بالطاعة ما معناه براءة من النار ، ولا على الله لا حد من حجة، من كان لله مطيعا فهو لنا ولي، ومن كان لله عاصيا فهو لنا عدو، ولا تنال ولايتنا إلا بالورع والعمل””
ما نخلص إليه في هذا السياق  أن الجمهور العاشورائي، جمهور يجسد في واقعه أهداف عاشوراء ، وأهداف عاشوراء  هي أهداف الإسلام ، وأهداف الدين ، وأهداف القرآن، فالإنسان العاشورائي –رجلا ، امرأة،شابا، شابة -إنسان يمثل أعلى درجات الإلزام والاستقامة والتقوى والورع…
الحسين ثار  في مواجهة الفسق اليزيدي والفجور اليزيدي، والانحراف اليزيدي والفساد اليزيدي ، والظلم اليزيدي والعبث اليزيدي، فكل الذين يمارسون الفسق والفجور والانحراف والفساد والعبث، فهم يمثلون الخط اليزيدي، والواقع اليزيدي.
نتابع الحديث في اللقاء القادم بإذن الله تعالى.


استنفار يؤسس لفتنة طائفية مدمره:
لا نرفض أي استنفار ضد الطائفية وضد الطائفيين، ولكن الاستنفار الذي تحرك ضد اللافتات العاشورائية هو استنفار يؤسس لفتنة طائفية مدمرة ، انه استنفار لا مبرر له.
ما هذا الضجيج المفتعل؟  نواب، صحف، مسؤولون، صراخ، ضجيج ضد لافتات عاشوراء، ماذا حدث؟
لم يدر في ذهن حتى معتوه شيعي أن اللافتة التي حملت كلاما لسماحة الشيخ عيسى إنها موجهة إلى الأخوة السنة، أو أنها تهدف إلى استعداء طائفي، عجيب هذا الفهم الذي تفتقت عنه بعض الذهنيات، المسألة ليست التباسا في الفهم، ولكن ما وراء الأكمه ما وراءها، إنها الاختلاطات الطائفية السياسية، وإلا فمنذ واقعة كربلاء ، والخطاب العاشورائي يتحدث عن معسكرين، معسكر الحسين(ع) والذي يمثل الحق، والهدى، والعدل، والحرية، والصلاح، وكل قيم الخير، ومعسكر يزيد والذي يمثل الباطل والضلال والظلم، والقهر، والفساد، وكل قيم الشر… واستمر هذا الخطاب، وسوف يستمر حتى تتحرر الإنسانية من كل أشكال العبث والظلم والاستبداد والفساد.
وإنه لتأخذنا الدهشة كل الدهشة أن يفهم إنسان أن الحديث عن معسكر يزيد يستهدف أخوة لنا في الإسلام وهم السنة… وإذا كان من السنة من تخندق في معسكر يزيد فهناك من الشيعة من تخندق في معسكر يزيد… وإذا كان من الشيعة من تخندق في معسكر الحسين  فهناك من السنة من تخندق في معسكر الحسين… المعيار في هذا التخندق هو الحق، العدل، الفضيلة، قيم الخير… كان شعر الإمام الحسين يوم عاشوراء:”إني لم اخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما ، وإنما خرجت لطلب الإصلاح ، أريد أن آمر بالمعروف وانهي عن المنكر …” هذا هو شعار عاشوراء… فكل الذين يتحركون في خط هذا الشعار هم في معسكر الحسين شيعة كانوا أم سنه… وكل من يتحركون ضد هذا الشعار هم في معسكر يزيد شيعة كانوا أم سنه … هذه الثنائية هي سنة الحياة، وسنة التاريخ، وقد أكدها القرآن … ففي القرآن آيات بينات صريحة كل الصراحة تتحدث عن خط الله، وخط الشيطان…
 في القرآن آيات بينات تتحدث عن ثنائية(الإيمان والكفر)…
• “الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ”
وفي القرآن آيات بينات تتحدث عن ثنائية(الهدى والضلال)…
• “”فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ””
• “”فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ””
وفي القرآن آيات بينات تتحدث عن ثنائية (التقوى والفسوق)…
• “”أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ””
وفي القرآن آيات بينات تتحدث عن ثنائية (العدل والظلم) والنصوص في ذلك كثيرة جدا… فهل يصح أن نجمد في خطابنا المعاصر هذه الثنائيات حتى لا نقسم مجتمعاتنا، وشعوبنا، وأمتنا… هذه الثنائيات جاءت على نحو القضايا الحقيقية ، لا على القضايا الخارجية… فهل أن مجتمع البحرين أصبح من العصمة والطهر والنظافة ما ينأى به عن هذه الثنائيات التي لم يخلو منها حتى مجتمع الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله…
إن ما جاء في لا فتة جمعية التوعية الإسلامية على لسان سماحة الشيخ عيسى من الحديث عن معسكرين، معسكر الحسين(ع)، ومعسكر يزيد هو حديث واقعي تماما، وما كان سماحته يستهدف طائفة بعينها أو أناسا بعينهم، وهذا واضح كل الوضوح، وما كان هذا الخطاب جديدا، ولعله موجه للداخل الشيعي أكثر مما هو موجه للخارج الشيعي، وإننا في حديثنا العاشورائي دائما نخاطب جمهورنا بهذه الخطاب في مواجهة كل الممارسات والسلوكيات التي تتناقض مع خط الإمام الحسين(ع) ومع أهداف الإمام الحسين(ع)، في الفكر، والنفس، والسلوك، في البيت، والشارع، والمجتمع، في الثقافة، في السياسة، في أي موقع… ولا زلنا نقول: أن هناك من يبكي الحسين(ع) وهو يتحرك في خط يزيد… المسألة بكل بساطه تتجه في هذا الاتجاه … فما كان سماحة الشيخ عيسى في يوم من الأيام داعية فرقة أو داعية طائفية، وهو الذي عرف في كل خطاباته ومواقفه بحرصه الشديد على وحدة الصف، ووحدة الكلمة… فهل تحول بين عشية وضحاها الى داعية فتنه وفرقة وخصام؟هذه الضجة المفتعلة وراءها ما وراءها… وهذا الاستنفار المجنون وراءه ما وراءه …
لن نسيء الظن في النوايا والدوافع، ولكن القراءة البصيرة تقودنا إلى الشك والريبة، من حقنا أن نسجل تخوفاتنا الكبيرة، فأخشى ما نخشاه أن يكون وراء هذا الاستنفار نفس طائفي معبأ بالكراهية والعداء، وأخشى ما نخشاه أن يكون وراء هذا الاستنفار مشروع خطير يستهدف محاصرة رموز دينيه أصبح لها حضورها الكبير في الساحة… وأخشى ما نخشاه أن يكون وراء هذه الاستنفار أهداف سياسيه مبيته في زحمة الأزمات والاحتقانات والتداعيات الصعبة التي يشهدها هذا البلد…
كل هذه المخاوف حقيقية … فإذا أردنا لهذا البلد الأمن والهدوء والاستقرار والوحدة والتقارب والوءام فيجب أن نوقف هذا الاستنفارات الظالمة والتي تؤسس لفنه مدمره، هذه الاستنفارات التي تحركها بين حين وأخر أصابع لا تريد الخير والأمن والاستقرار لهذا البلد…
في كل يوم سفونه جديدة…
إلى متى سيبقى هذا الوضع في هذا البلد…
 إننا دعاة وحده وحب و واءم ، ولن نتحول أبدا إلى دعاة فرقه وشتات وخلاف، ولكن لن نسمح أبدا بمحاولات التشهير والطعن والاستعداء، ولن نسمح أبدا بمحاولات المسّ بشعائرنا تحت أي مسمى.
إننا المكتون بنار الطائفية، وبنار التميز أكثر من غيرنا، فلن نفكر في يوم من الأيام أن نشهر سلاح الطائفية والتميز في وجه الأخرين…
إذا كان هناك إصرار على إثارة حديث الطائفية، وإذا كان هناك إصرار على اتهام خطابنا بالطائفية، فنحن على استعداد أن نفتح كل”ملفات التميز الطائفي” في هذا البلد، والتي لازلنا نعيش معاناتها الصعبة… إن هذه الملفات مشحونة بالكثير الكثير من الشواهد والأرقام …
فلماذا  صمت الباكون على الطائفية…
فلماذا صمتت الأقلام المستنفرة هذه الأيام هلعا وفزعا من الطائفية…
ولماذا صمت المسؤولون، والتمييز المذهبي والطائفي ينخر كل مفاصل هذا البلد…
أين العدالة في الوظائف؟
أين العدالة في المناهج؟
أين العدالة في المساجد؟
أين العدالة في الدوائر الانتخابية؟
إننا مضطرون أن نتحدث بهذه اللغة، وإلا ففي زحمة هذا الضجيج حول الطائفية وحول لافتات عاشوراء، توزع كتب في المدارس الرسمية على الطالبات تحمل إثارات طائفيه.
ما نتمناه أن تعالج الأمور بحكمة وعقل، وان لا تستنفر المسؤولين في هذا البلد كلمات مأسورة لأهداف مريبة، دعونا نفتح القلوب للحوار الهادف البناء لنلتقي جميعا على حماية هذا الوطن، وحماية أمنه واستقراره… ولن يكون ذلك إلا إذا أسكتنا الأصوات التي تحرك الفتنه بين حين وأخر، بمناسبة أو غير مناسبة .


وأخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين


 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى